اللواء: المحاكمة الغيابية ممكنة في 11 ت2؟

استبقت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الارتباك الداخلي، حكومياً وسياسياً حول قضية التمويل، بالاعلان عن عقد جلسة علنية في 11 تشرين الثاني المقبل عند العاشرة صباحاً، في اطار العزم على بدء المحاكمات الغيابية للمتهمين الاربعة في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لا سيما المتهم الابرز في القضية سليم عياش الذي تكثف الاجهزة الامنية المكلفة بتوقيف المتهمين جهودها لاعتقاله، بالاضافة الى المتهم الابرز في القضية مصطفى بدر الدين الذي ترددت معلومات انه جرد من مناصبه الحزبية، ورجحت معلومات اخرى ان يكون قد اصبح خارج البلاد·
والاهم في اعلان غرفة الدرجة الاولى انها دعت المدعي العام لدى المحكمة القاضي دانيال بيلمار ووكلاء المتهمين ايداع المذكرات قلم المحكمة، في الثاني من الشهر نفسه، فضلاً عن طلب قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين من غرفة الاستئناف البت بمسألة ما اذا كان من الممكن البدء بالمحاكمات الغيابية·

ويأتي هذا التطور في وقت انشغلت فيه الاوساط السياسية بالبحث عن مخارج لقضية تمويل المحكمة بما يوفق بين آراء متضاربة داخل الحكومة اقلها حرجاً تمسك القسم الاساسي من الحكومة (تحالف عون – فرنجية وبري – نصر الله) باخضاع هذا الملف، سواء في الموازنة او خارج الموازنة الى التصويت، مما يعني غلبة على الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي والنائب وليد جنبلاط، فضلاً عن احراجات للحكومة تتمثل بتلويح قوى 14 آذار بالنزول الى الشارع للضغط على الحكومة اذا لم يقدم رئيسها على الاستقالة·
 
واذا كانت هذه النقطة تشكل احراجاً لمواقع القرار الرسمي في لبنان، مع تزايد التأزم بين وزراء عون من جهة ووزراء جنبلاط من جهة ثانية، واتساع الهوة بين الرابية وعين التينة من جهة والرابية وحارة حريك من جهة ثانية، فإن المحطتين الدبلوماسيتين لكل من وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي الذي يأتي الى بيروت الاثنين او الثلاثاء المقبلين، على ان تكون العاصمة اللبنانية على موعد في 31 الجاري مع الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي الذي يتحرك في إطار تكوين رأي عام عربي ضاغط على دمشق لقبول وساطة الجامعة والمبادرة التي طرحتها لحل الأزمة السورية، ستشكلان مزيداً من جر لبنان إلى لعبة المحاور، في وقت ينأى فيه بنفسه من الصدام مع المجتمع الدولي، أو الانجرار إلى حافة الهاوية في اللعبة الدولية والإقليمية الجارية لحشر أنظمة وإسقاط أخرى·

نصر الله يتحدث الاثنين ومع تزايد الضغوطات على الساحة الداخلية، في ضوء تفاقم الأزمة السورية، والارتباط بين الحراك الداخلي اللبناني وتطور المواجهة بين النظام السوري والمعارضة المتجهة إلى المواجهة المسلحة، يطل الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله عند الثامنة والنصف من مساء الاثنين المقبل، عبر شاشة <المنار> للحديث عشية وصول صالحي، عن تطور المشهد الإقليمي بعد مقتل معمر القذافي والخلاف العراقي على ترتيبات ما قبل الانسحاب الأميركي، وما بعد صفقة الأسرى بين <حماس> وإسرائيل، فضلاً عن مسائل متعلقة بتمويل المحكمة واللقاء الأخير مع النائب وليد جنبلاط ومستقبل حكومة الرئيس ميقاتي وقانون الانتخاب، وصولاً إلى تطوّر الوضع في سوريا·

سجالات الوزراء وسط هذه المناخات، تفاقم السجال الخلافي الحاد بين وزراء جبهة النضال الوطني وتكتل الإصلاح والتغيير، والذي برز على نحو غير مألوف في جلسة مجلس الوزراء أمس الأوّل، إلى حدّ دفع الرئيس ميقاتي للانفعال على غير عادته، موجهاً للفريقين عبارات وصفت بأنها شديدة الوضوح باتجاه الكف عن جعل الحكومة عبارة عن حكومات، وهي العبارة التي تلفظ بها الوزير غازي العريضي أثناء سجاله مع الوزير جبران باسيل حيث ارتفعت اصواتهما إلى خارج القاعة·

وإذا كانت أوساط وزارية تعتقد أن هذه السجالات انتهت مع نهاية الجلسة، وأنها بحسب ما أكد رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية لن تؤثر على وضعية الحكومة، طالما أن الفريقين محكومان بالتعايش في ظل <المساكنة المفروضة> عليهما، وأن ما جرى كان بمثابة <ردّ الصاع> من قبل وزراء عون على خلفية <الصاعين> اللذين وجههما وزراء جنبلاط لخطة الكهرباء في حينه، فإن أوساطاً وزارية شيعية أبدت استياءها من توتير الأجواء في مجلس الوزراء، وتكرار السجالات في كل جلسة، الأمر الذي من شأنه أن يعيد تكرار تجربة حكومة سعد الحريري، لجهة ضرب الإنتاجية، خصوصاً وأن حكومة ميقاتي التي احتفلت بمرور مائة يوم على ولادتها، بالكاد استطاعت أن تنجز مشروع الكهرباء وتصحيح الأجور وما زال أمامها الكثير من الملفات العالقة، وأهمها الموازنة والتعيينات وقانون الانتخاب·

وكشفت مصادر اشتراكية لـ <اللواء> عن أن الحزب التقدمي الاشتراكي أجرى تقييماً سريعاً لما جرى أمس الأول، وتوصل إلى تقدير مؤداه أن <إشارات خارجية> وراء الحملة التي شنّها الوزيران باسيل وشربل نحاس على أداء الوزيرين العريضي ووائل أبو فاعور، مما دفع العريضي إلى ضرب انتقادات باسيل بعرض الحائط، متحدثاً من طرابلس عن <الذهنية> التي تتحكم بالوزيرين، لافتاً إلى أن <الحكومة ليست بخير ويمكن أن تكون منتجة ومتماسكة أكثر بكثير>، ومنتقداً أداء مجلس الوزراء الذي يعقد جلستين في الأسبوع من التوصل الى اقرار جدول اعماله في اي مرة، متسائلاً: <هل تريدوننا ان نضحك على الناس؟!>· (التفاصيل ص 2 و4)·

مرسوم الاجور تجدر الاشارة الى ان مجلس الوزراء رفض امس الاول، اعادة النظر بقرار تصحيح الاجور، بموجب الكتاب الذي رفعه الوزير نحاس المتضمن طلب الهيئات الاقتصادية وهيئة التنسيق النقابية، وطلب من نحاس الاسراع في اعداد المرسوم الخاص بالاجور، وعدم تأخيره اكثر من الوقت الذي اعطى له·

واوضحت مصادر نحاس انه ما زال عاكفاً على وضع المرسوم على الرغم من عدم اقتناعه به، وانه ينوي رفعه الى مجلس شورى الدولة لأخذ رأيه به، قبل رفعه الى وزير المال لتوقيعه، ومن ثم توقيع كل من رئيسي الحكومة والجمهورية ليصبح نافذاً مع صدوره في الجريدة الرسمية·

وكانت الهيئات الاقتصادية عقدت في <البيال> امس لقاء موسعاً تحت عنوان <انقذوا الاقتصاد>، خلص الى التأكيد على رفض القرار بزيادة الاجور ودعوة الحكومة للرجوع عنه واعتباره غير قانوني والدعوة لعدم تطبيقه، واللجوء الى مجلس شورى الدولة لنقض القرار، في حال اصرت الدولة على تطبيقه·

وحذرت الهيئات من التداعيات السلبية للقرار، مشيرة الى ان بعض المؤشرات السلبية تظهر منذ اعلانه، مع تأكيد انفتاحها على جميع الفرقاء، وتحديداً النقابات والاتحادات العمالية، كون الجميع يسعى لحماية الاقتصاد وتحسين الظروف المعيشية للعمال· 

السابق
الجمهورية: المحكمة تطلق المحاكمات الغيابية و8 اذار تؤكد استحالة التمويل
التالي
صدَقَ القذافي