الاخبار: هيئة التنسيق إكرام الميت دفنه!

يبدو أن رئيس الاتحاد العمالي العام هو الوحيد الذي ما زال يؤيد قرار زيادة الأجور تحت المليون و800 ألف ليرة، فحتى رئيس الحكومة، الوالد الرسمي لهذا القرار، كشف أن رأيه مختلف عما أقرّ، لكنه ملتزم ما ما قررته الحكومة، فيما رأى وزير العمل شربل نحاس ان تحرك هيئة التنسيق والهيئات الاقتصادية قد يفتح ثغرة في جدار القرار الحكومة، لكن الحكومة خالفت التوقعات

نفذ معلمو المدارس الرسمية والخاصة إضراباً أمس، رفضاً للصيغة المقررة لزيادة الأجور، فأقفلت المدارس الرسمية والخاصة وكليات الجامعة اللبنانية أبوابها، ما عدا بعض الاستثناءات. وشارك المئات في اعتصام هيئة التنسيق النقابية قرب السرايا الحكومية، ورفعوا شعارات تندد بقرار الحكومة «المذل» و«المهين» وتطالب بتصحيح جدي للأجور وإصلاح النظام الضريبي وعدم زيادة الضريبة على القيمة المضافة ورسوم البنزين وتوفير الخدمات الأساسية وفرض الضرائب التصاعدية على الأرباح والريوع وأرباح التوظيفات المالية. ولفتت في الاعتصام المشاركة الواسعة من موظفي الإدارات العامة الذين تعمدوا رفع لافتات ممهورة بتوقيع «رابطة موظّفي الإدارة العامة»، إثباتاً لحقهم في التنظيم النقابي. كذلك كانت لافتة المشاركة الرمزية لعدد من القيادات النقابية العمالية التي حضرت إلى ساحة الاعتصام لتمييز مواقفها عن مواقف قيادة الاتحاد العمالي وإعلان انخراطها في المواجهة لإسقاط قرار مجلس الوزراء والعودة إلى الحوار في إطار لجنة المؤشر وإنتاج مقاربة صحيحة ومقبولة لمسألة الأجور، بحسب ما أعلن رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان كاسترو عبد الله ورئيس جبهة التحرر العمالي عصمت عبد الصمد ورئيس اتحاد نقابات عمال الكيماويات سليمان حمدان.

ورغم الضغوط التي تعرضت لها هيئة التنسيق النقابية عشية الإضراب والاعتصام، إلا أن النتائج كانت مشجعة، بحسب رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب، إذ نجحت الهيئة بفرض تمثيلها في لجنة المؤشر، وحصلت على تأييد رئيس الحكومة لطلبها في هذا الشأن، وهو قال أمام وفد منها إن لديه موقفاً شخصياً من زيادة الأجور مغايراً للقرار الصادر عن مجلس الوزراء، إلا أنه يتمسك بالقرار الصادر! ونجحت الهيئة في وضع مطالبها ومواقفها على طاولة مجلس الوزراء من خلال كتاب خطي حمله وزير العمل إلى جانب كتاب آخر من الهيئات الاقتصادية تلاه في جلسة أول من أمس المخصصة لمناقشة الموازنة؛ إذ طلب الطرفان رسمياً إلغاء قرار زيادة الأجور واستكمال الحوار الذي بدأ في لجنة المؤشر على أساس المقاربة الواسعة التي طرحها نحاس. 
وأشار وزير العمل بعد اجتماعه مع وفد موسع من هيئة التنسيق إلى أن التحرك الذي تقوم به، بالإضافة إلى تحرك الهيئات الاقتصادية، قد يفتح ثغرة في جدار قرار الحكومة، وقال «إن هذا القرار مرفوض من جهة، وهناك طلب للعودة عنه، واستكمال البحث في لجنة المؤشر، واعتماد مقاربة تأخذ بالحسبان شروط المعيشة اللائقة للأجراء من جهة والاعتبارات الاقتصادية التي تحكم سائر اللبنانيين وأوضاعهم المعيشية وخلق فرص العمل والإنتاجية وتوازن الأعباء الضريبية وتحديد موقع واضح للدولة، من جهة ثانية، لأنه لا يوجد اقتصاد ينمو من دون دولة». وأمل أن يساهم هذا التحرك بتعليق قرار مجلس الوزراء والعودة عنه، وقال: «هذا الأمر يحدده مجلس الوزراء، وأعتقد أنه يجب اغتنام الفرصة للبدء فعلياً في تصحيح النمط الاقتصادي المدمر الذي يعيش تحته لبنان منذ عقدين ونيف».

ورحب نحاس بضم هيئة التنسيق النقابية، بحكم موقعها وتأثيرها، إلى عمل لجنة المؤشر؛ «لأن التوازن في البلد لا يقوم فعلياً إلا إذا كانت الأطراف التي تتفاوض حول المسائل الاقتصادية الأساسية مقتدرة بالفعل وتمثل مطالب منتدبيها وقادرة على أن تحمل فكرة لخدمة الاقتصاد العام»، مشيراً إلى أن «المعاقل الأساسية للحركة النقابية في لبنان باتت مرتكزة على قطاع التعليم والمؤسسات العامة وبعض القطاعات، ولا سيما المصارف والاستشفاء والجامعات، ومن المهم أن تكون هذه القوى ممثلة وتتحمل مسؤولياتها في صياغة السياسات العامة، ومن هنا أصبحت هناك ضرورة بأن يسمح قانون العمل بتنظيم العمل النقابي في الإدارات العامة المدنية وفي القطاعات المستثناة من قانون العمل كي يكون النقاش الفعلي على الخيارات الاقتصادية من مواقع مقتدرة تستطيع أن تتحمل مسؤوليتها، ليس فقط على الصعيد المطلبي، إنما أيضاً على صعيد المفاوضة على الخيارات الكبيرة وصياغة عقد اجتماعي فعلي لا يتم من خلال تضييع الفرص أو الخوف من الإضراب، إنما من خلال مسؤولية مبنية على تفاوض جدي مستمر وتوازن».

وكان وفد هيئة التنسيق النقابية قد التقى رئيس الحكومة على هامش الاعتصام أمام السرايا، ونقل نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض عن ميقاتي أنه أكد التزامه القرار الصادر عن مجلس الوزراء، وإن كان لديه رأي شخصي آخر، «وبالتالي فإن النقاش لم يصل إلى نتيجة، واتفقنا على عقد اجتماع ثانٍ، ونحن مستمرون بالتحرك»، مشيراً إلى الإعداد لمؤتمر نقابي عام سيعقد آخر الشهر الجاري. وقال غريب إن الوفد أبلغ الرئيس ميقاتي «أن قرار تصحيح الأجور ولد ميتاً، وإكرام الميت دفنه».
ويبدو أن مواقف قيادة الاتحاد العمالي العام المعارضة لمواقف معظم النقابات والهيئات التمثيلية للموظفين بدأ ينعكس سلباً على الصفة التمثيلية للاتحاد، بعد إقرار رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير العمل شربل نحاس بحق النقابات والروابط الأخرى بالتمثيل في لجنة المؤشر، وهو ما يمهد لفتح المفاوضات مجدداً بطلب من هيئة التنسيق النقابية التي تعقد مؤتمراً عاماً نهاية الشهر، من دون دعوة الاتحاد إليه، وبطلب من الهيئات الاقتصادية أيضاً التي دعت إلى لقاء موسع في البيال عند الرابعة من بعد ظهر اليوم تحت عنوان «حتى يبقى عمل للعمال… أنقذوا الاقتصاد».

وبعد كل ما سبق ذكره، يبدو أن قيادة الاتحاد العمالي العام، صارت الطرف الوحيد الذي يؤيد قرار زيادة الأجور بالصيغة التي أقر بها. لكن لا يمكن إغفال أنها تحظى بتأييد جميع الذين استفادوا من القرار، والذين يمثلون أقلية إذا ما قيسوا بالقوى العاملة في لبنان، وخاصة أن قرار زيادة الأجور لم يشمل سوى الأجراء، وتحديداً، العاملين في القطاع الخاص. 

السابق
هل خطف النظام السوري شبلي العيسمي؟
التالي
كرامي: لا استقالة ولا تفاهم على التمويل