الاخبار: ملفّ تمويل المحكمة في حضن بري

ينتظر حسم ملف تمويل المحكمة اتصالات الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط لمحاولة تدوير الزوايا، في ظل فتح العونيين نافذة إلى الحل مساءً بإيحائهم أن التمويل ليس مرفوضاً كمبدأ، لكن يفترض أن يتلازم مع «تعديل البروتوكول الخاص بالمحكمة لتصحيح الخلل الدستوري فيه»

خلال أقل من 24 ساعة، كوّعت مصادر رئيس الحزب التقدمي النائب وليد جنبلاط في تسريباتها، فانتقلت من ترجيح تفجيره موقفاً حاسماً بشأن تمويل المحكمة يعلن فيه نية «الوسطيين» في الحكومة الاستقالة إذا أصرّ حزب الله وتكتل التغيير والإصلاح على موقفهما المعارض للتمويل، إلى ترجيح مبادرة جنبلاط باتجاه الرئيس نبيه بري ليقوم الرجلان بما يتقنانه جيداً: تدوير الزوايا.
 
وقال مقرّب من جنبلاط إن غياب بري في هذه المرحلة الحساسة أثر سلباً، فضلاً عن تسرع حزب الله في إغلاق الباب أمام المخارج. ورجحت مصادر جنبلاط أن يلتقي الأخير بري في الساعات المقبلة بحثاً عن حل. ولفت أحد وزراء «الاشتراكي» إلى أن هناك من يطعن في الأساس وهو «الاتفاق على مبدأ تمويل المحكمة، الأمر الذي لا يمكننا التعايش معه»، داعياً الى «الاتفاق على المبدأ. ولاحقاً يمكن دون شك إيجاد مخارج تلائم الجميع». أما إذا اتضح «أننا مختلفون على المبدأ، فلا يجوز استمرارنا في الحكومة». وتبين من خلال تحديد جنبلاط آخر الشهر موعداً لإعلان «كلام سياسي واضح عن الماضي والحاضر والمستقبل»، أن الزعيم الاشتراكي يمهل حلفاءه الجدد فترة محددة حتى يستجيبوا لضغوطه.
من جهتها، أشارت مصادر الرئيس نجيب ميقاتي إلى تبلغ الأخير، بطريقة غير مباشرة، مواقف جميع الأفرقاء المشاركين في حكومته من ملف التمويل. وقالت إن ميقاتي يريد العودة الى الاتفاق الذي وردت فيه كلمة «مبدئياً». وفهم ان ميقاتي يقصد ان «المطلوب الآن الاقرار بمدأ النقاش ومن ثم يجري البحث عن الآلية والمخارج». وكررت مصادر ميقاتي ان الاتفاق الأساسي الذي رافق تشكيل الحكومة شمل تأييد مبدأ التمويل. مشيرة الى «انسجام تام» في هذا الشأن بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، الذي زاره جنبلاط أمس. أما الوزير الملك الذي يعطي لهذا الثلاثي «ثلثاً معطلاً» أو «ثلثاً مدمراً» للحكومة مروان شربل فجدد أمس تأكيد تأييده تمويل المحكمة «تجنباً لأي ضرر يلحق بلبنان»، علماً بأن ممثل النائب طلال إرسلان في الحكومة، الوزير مروان خير الدين، يؤيد «التمويل» أيضاً.
وفيما ظل حزب الله محتفظاً بالصمت حيال الملف، قالت مصادر مطلعة إن الحزب لا يزال يؤيد مخرجاً لا يلزم الحكومة بالخطوة، وينقل الملف بكامله الى المجلس النيابي، ما يتيح للفرقاء كافة الإدلاء برأيهم حول دستورية العمل بالاتفاقية بين لبنان والمحكمة كذلك في ملف التمويل. وإذا ما قررت غالبية نيابية تأييد الموقف فذلك لا يدفع الى تفجير الحكومة.
وكانت لافتة أمس إشارة قناة «أو تي في» إلى أن «بند تمويل المحكمة سيبقى مرتبطاً بمسألة تعديل البروتوكول الخاص بالمحكمة الدولية، وخصوصاً لناحية تصحيح الخلل الدستوري فيه، وأن هذا الترابط نهائي ولا رجعة عنه». إذ يمكن فهم العبارة كإشارة إلى أن العماد ميشال عون وهو رأس حربة المعارضة السابقة في رفض تمويل المحكمة لا يعارض التمويل بالمبدأ، بل يعارض عدم تعديل البروتوكول الخاص. وفي السياق نفسه، أشار وزير المردة السابق يوسف سعادة إلى وجود «خطأ دستوري رافق تأسيس المحكمة»، محدداً المشكلة بـ «اتجاهها المسيس»، الأمر الذي يوحي بإمكان الاتفاق على «سلة واحدة تتعلق بالمحكمة»، تشمل مجموعة أمور. ويفيد التذكير هنا بأن سليمان وجنبلاط سجلا أكثر من مرة ملاحظات جدية بشأن تسييس المحكمة.
وقد واصل تيار المستقبل حملته من أجل تمويل المحكمة، فحذّر أمينه العام أحمد الحريري من أن «يعيد البعض تجربة سحب وزرائه من الحكومة ليمرر تمويل المحكمة باتفاق من تحت الطاولة، ليعود من بعدها ويقول إن هذا التمويل فاقد الشرعية كما فعل حين أقرت المحكمة». وأكد أن ما يحصل في سوريا «بالنسبة إلينا خيار وليس رهاناً. نحن اخترنا أن نسير في اتجاه التغيير الديموقراطي في المنطقة العربية». ورأى الحريري أن «مسؤولية اللبنانيين، مجتمعاً ودولة وطوائف، مواكبة الحراك السوري نحو الديموقراطية بالايجابية المطلقة». وفي رد غير مباشر على «الهواجس» التي عبر عنها البطريرك الماروني بشارة الراعي، رأى الحريري أن «لا أحد أقلية إذا كان على تواصل فعلي مع سائر المواطنين من أجل مصلحة الوطن».
من جهة أخرى، زار المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم سوريا، أمس، ناقلاً تعازي الرئيس سليمان إلى مفتي الجمهورية السورية احمد بدر الدين حسون باستشهاد نجله سارية، ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام عن ابراهيم أن «الذي يستهدف الأبرياء في سوريا ولبنان هو العدو المشترك». وذكرت أن ابراهيم التقى عدداً من المسؤولين الأمنيين، وبحث معهم الأحداث التي حصلت على الحدود اللبنانية ـــــ السورية أخيراً. 

السابق
قافلة مريم 2 تدعم سوريا
التالي
ورشة عمل حول مخاطر المخدرات‏