تصحيح الاجور.. القانون التالي بعض الكهرباء

جزم وزير العمل بأن «تصحيح الأجور حاصل لا محالة، ويجب إدراجه في قانون الموازنة»، وأن التصحيح سيشمل رفع الحد الأدنى وزيادة الأجور حتماً
يستند وزير العمل شربل نحّاس إلى خطة متكاملة في موضوع تصحيح الأجور؛ خطّة ترمي إلى خفض كلفة عمل اللبنانيين من خلال تأمين التغطية الصحية الشاملة الممولة من الضرائب لا من الاشتراكات، وتفعيل النقل العام وتأهيله، وهذه مكملات أساسية لتصحيح الأجور، كما سيستند الى إعادة هيكلة الاقتصاد من خلال نقل الثروة من مواقع الريع والاستهلاك الى مواقع الإنتاج. ولفت نحّاس الى أن «التوجه هو لتغيير النمط الاقتصادي من جذوره»، وقال إن مشاركة التيار الوطني الحر في الحكومة كانت على أساس تعديل وتصحيح النمط الاقتصادي بمكوناته الضريبية والإنفاقية، وهذه الأعمال يجب إدراجها في متن الموازنة.

موقف الوزير نحّاس جاء بعد يوم من انعقاد لجنة المؤشّر برئاسته، وهو موقف يلخّص التوافق الأولي الذي جرى في هذا الاجتماع بين ممثلي الاتحاد العمالي العام وممثلي هيئات اصحاب العمل، فقد تلاقت مواقف الطرفين مع المقاربة التي وضعها وزير العمل في بداية الاجتماع، وهي مقاربة تقوم على تلاقي مصالح الدولة والشركات والعمّال في إحداث تغييرات بنيوية تؤدّي في الوقت نفسه الى خفض الأعباء عن ميزانيات الأسر والقطاعات الإنتاجية الأكثر توليداً لفرص العمل وتنشيط الاقتصاد وتعميم شبكات الحماية الاجتماعية.

فالدراسات الإحصائية تشير الى أن اكثر من 40% من القوى العاملة تقوم بنشاطات غير نظامية، وبالتالي لا يستفيد هؤلاء مباشرة من تصحيح الاجور، بل على العكس يتحمّلون كغيرهم أعباء التداعيات التي تنجم عادة عن تصحيح الأجور في ظل النمط الاقتصادي والنموذج السياسي القائمين، كما أن اكثر من 50% من اللبنانيين المقيمين لا تشملهم أي تغطية صحّية دائمة ومستقرّة ما يعرّضهم لمخاطر هائلة، فضلاً عن أن حصّة الأجور من الناتج المحلي القائم تراجعت في السنوات الماضية الى ما دون 30%، لمصلحة زيادة حصّة الريوع، وهو امر شديد الخطورة على مجمل الأوضاع في البلاد.

انطلاقاً من هذه المقاربة انبثقت 3 لجان فرعية عن لجنة المؤشّر توزّعت مهمات تقديم المعطيات والاقتراحات في مجالات الاحصاءات والحسابات الاقتصادية، وفي مجال الأجور وسوق العمل، وفي مجال التنافسية وزيادة الإنتاجية، ومن المقرر أن تبدأ هذه اللجان أعمالها ابتداءً من اليوم حتى نهاية الأسبوع الجاري، إذ ستعود لجنة المؤشّر الأم إلى الاجتماع مرّة ثانية لبلورة الاقتراحات والبدء بإعداد تقريرها الذي سيرفعه وزير العمل الى مجلس الوزراء في خضمّ مناقشة مشروع موازنة 2012. 
في هذا الوقت، أُعيد تنشيط اليات التنسيق بين الهيئات النقابية العمالية في القطاعين العام والخاص، فقد عُقد يوم السبت الماضي في مقر الاتحاد العمالي العام اجتماع بين قيادة الاتحاد وهيئة التنسيق النقابية وروابط المعلمين في المدارس الرسمية وروابط التعليم التقني والمهني ونقابة المعلمين في المدارس الخاصة، ولجنة الموظفين في القطاع العام. وخلص الاجتماع الى التأكيد على العمل المشترك والإعداد لإنجاح الإضراب والتظاهر في 12 تشرين الأول الحالي، إذا لم يُرفع الحد الأدنى للأجور وتُصحح الأجور وفقاً للنسب على الشطور، وتُزاد التقديمات الاجتماعية وتُدرج السياسات الصحية والتربوية والنقل وسواها من السياسات الاجتماعية في موازنة عام 2012. واكّد المجتمعون على «حق موظفي القطاع العام في التنظيم النقابي في إطار الحقوق والحريات النقابية التي يكفلها الدستور اللبناني والاتفاقيات الدولية والعربية، وعلى حق هيئة التنسيق في المشاركة في المفاوضات الجارية في لجنة المؤشر، باعتبار أن الهيئة تمثل الشريحة الواسعة من موظفي إدارات الدولة والأساتذة والمعلمين في التعليم الرسمي الأكاديمي والمهني»، كما جرى الاتفاق على «تأليف لجنة متابعة بين الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية لتنسيق المواقف من أجل الدفاع عن الحق في تصحيح الأجور وزيادة التقديمات الاجتماعية للعمال والمستخدمين والموظفين والأساتذة والمعلمين في القطاعين العام والخاص». وأعلن الاتحاد العمالي العام تأييده «دعوة هيئة التنسيق الى عقد مؤتمر نقابي عام في الأونيسكو يوم 30 تشرين الأول الحالي، مع التأكيد على ضرورة تفعيل العمل المشترك في الدفاع عن الحقوق والحريات النقابية والعدالة الاجتماعية».

من جهته، عقد المجلس التنفيذي لـ«اتحاد الوفاء لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان» جلسة عادية له، في مقره في حارة حريك، ناقش فيها مستجدات الملف الاقتصادي والاجتماعي والحراك المطلبي النقابي القائم بشأنه، وأصدر بياناً أكد فيه «أحقية المطالب الاقتصادية والمعيشية التي يتحرك من أجلها الاتحاد العمالي العام، وهو بذلك سبق الحكومة في التصدي لهذا الملف، وبات يمتلك زمامه، وبناءً عليه فإن الحكومة مدعوة على نحو أكيد إلى جعله ملفاً أساسياً وشبه وحيد على طاولة جلستها في 5 تشرين الجاري، إذ إن مجلس الوزراء مطالب اليوم بأخذ المبادرة واختصار الطرق لمعالجة نضجت ظروفها».

وعما إذا كان يأمل إقرار سقف المليون و250 ألف ليرة كما حدّده الاتحاد العمالي، قال: الخطوة الأولى التي حققناها هي تخطي حاجز الأجور، حيث كان الباب موصداً أمام أي زيادة للحدّ الأدنى بحجة أن الخزينة لا قدرة لها على تحمّلها وغير ذلك. فكان أمس الاتفاق الأول على فكرة التصحيح، الذي سيدور بشأنه نقاش في الأرقام المطروحة من كل الجهات المعنية.
الى ذلك، باشر رئيس غرفة التجارة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير تحرّكاً ضد مطلب تصحيح الأجور، وكرر محاولات التهويل بطرد المستخدمين والعمّال اللبنانيين من الوظائف التي يشغلونها في القطاع الخاص، وأثار في هذا السياق مسألة تمثيل الغرفة في اجتماعات لجنة المؤشّر، مشيراً إلى أنها الاكثر تمثيلاً لأصحاب العمل مقارنةً بجمعية الصناعيين وجمعيات التجار الممثلتين في هذه اللجنة، متجاهلاً أن الغرفة ليست هيئة نقابية تمثيلية، وأن مرسوم إنشاء لجنة المؤشّر ينص على تسمية عضوين فقط لتمثيل اصحاب العمل، وعضوين آخرين لتمثيل العمّال. 

السابق
هل أن التمثيل النسبي هو الأفضل للبنان؟
التالي
غسان غصن: متمسكون بمطلب رفع الحد الادنى للأجور والاضراب المقرر مستمر