“ويكيليكس” عون: “حزب الله” يقسّم الحكومة.. والمحكمة مقابل الحكم

 كشفت برقية صادرة عن السفارة الأميركية في بيروت بتاريخ 18/09/2006 ومنشورة في موقع "ويكيليكس" تحت الرقم 3017 أن رئيس "التيار الوطني الحرّ" النائب ميشال عون اتهم "حزب الله" بمحاولة تقسيم الحكومة والتسبب في التشكيك، من دون التخطيط لمشاركة أوسع في الحكومة الجديدة"، مشيراً إلى دلائل على وجود انقسام في الطائفة الشيعية، لكنه "انقسام في السلام وليس في حالة حرب". وأكد أنه "لا يعارض إنشاء المحكمة"، واعدا "بعدم إيقاف إنشاء المحكمة بوصوله إلى الحكم"، مدعياً بأنه "الشخص الأول" الذي دعا إلى تشكيل محكمة دولية.
ونقلت البرقية عن اللقاء الذي جمع السفير الأميركي آنذاك جيفري فيلتمان وعون في 16 أيلول 2006، في حضور مسشار إقتصادي سياسي أميركي، ووزير الطاقة والمياه، صهره ومستشاره، جبران باسيل الذي شارك في مواجهة السفير للشائعات التي تتناقل عن تقديم "حزب الله" أموالاً للتيار لتوزيعها على المسيحيين المتضررين من الصراع الإسرائيلي. وحرص على ألا تثبت البراهين وصول أموال لأنصار التيار في الجنوب عبر التيار، خصوصاً بعد أن نفى عون أن يكون أخذ "سنتاً واحداً" من الحزب، فأشار باسيل إلى أن "حزب الله" وزع أموال إعادة الإعمار إلى مجموعات متنوعة من الجنوبيين، وليس فقط من الشيعة. وفي الإطار نفسه، كشف عون أن مهندسين من "التيار" عملوا لحساب "حزب الله" بحصر الأضرار الناجمة عن حرب تموز 2006.
ومن جهة أخرى، أوضح عون أن معارضته لـ"اليونيفيل" تنبع من توقعاته بأن سوريا ستغلق حدودها في رد على نشر قوة دولية على الحدود، وبذلك تقطع إمكانية التواصل التجاري للبنان، الذي لن يستطيع تحمل ذلك". واعترف بأنه سافر إلى بلجيكا في محاولة للتوسط في عملية تبادل الجنديين الإسرائيليين بالأسرى اللبنانيين المحتجزين في اسرائيل.
وجاء في الترجمة الحرفية لنص البرقية بالإنكليزية، وتحمل الرقم "60Beirut3017" تحت عنوان: "لبنان: عون ينفي وجود صلات مالية بـ"حزب الله" ويتعهد معارضة حكومة السنيورة"، كالآتي:
"اجتمع السفير فيلتمان ومستشار سياسي أميركي، في 16 أيلول مع العماد عون وصهره، وكبير مستشاريه جبران باسيل لينقل إليه رسالة احتجاج. نفى عون بشكل قاطع أن يكون "التيار الوطني الحر" أخذ أموالاً من "حزب الله" أو "أي دولة أخرى". وذكره فيلتمان بأن الولايات المتحدة تأخذ على محمل الجدّ التزامها القانوني بموجب القرار 1701 لمنع تهريب الأسلحة إلى لبنان، واستفسر عن رحلة عون الأخيرة إلى بلجيكا، وعن سبب عداء عون تجاه رئيس الوزراء السنيورة، وعن استراتيجيته قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة. نهاية الموجز".
عون ينفي وجود صلات مالية
بـ"حزب الله"
وبحسب البرقية: "اجتمع السفير فيلتمان ومستشار سياسي أميركي، في 16 أيلول مع العماد عون وصهره، وكبير مستشاريه جبران باسيل. افتتح السفير لقاءه بنقل نقاط احتجاج وعرض (من دون تقديم أسماء) أمثلة لسياسيين لبنانيين في وقت سابق، كانوا يتبرعون بالمال لمؤسسة خيرية مرتبطة بالإرهاب واضطروا إلى التنازل عن الحصول على تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة وإن في زيارات رسمية. ورداً على تقارير تفيد بأن "التيار الوطني الحر" أخذ تمويلاً من "حزب الله" ووزعه في المناطق المسيحية التي تضررت خلال الصراع مع إسرائيل، نفى عون بشدة أن يكون "التيار" أخذ "سنتاً واحداً" من "حزب الله"، على الرغم من أنه أشار إلى أن مهندسين من "التيار" قاموا لحساب "حزب الله" بحصر الأضرار الناجمة. وقاطعه باسيل قائلاً إن "حزب الله" وزع أموال إعادة الإعمار على مجموعات متنوعة من الجنوبيين، وليس فقط من الشيعة".
عون ينفي أن يكون "التيار"
يهرّب الأسلحة
وأفادت البرقية: "ذكّر السفير عون أن المجتمع الدولي يأخذ على محمل الجد الالتزام القانوني بالقرار 1701 لحظر تهريب الأسلحة إلى لبنان. إننا نبحث بجدية عن دلائل على أن أي فريق وليس فقط "حزب الله" يجلب الأسلحة بصورة مباشرة أو عبر وسطاء، لاستخدامه الخاص أو عبر وسطاء مثل "حزب الله"، فردّ عون أن "التيار" لا يزال منظمة سياسية، وأن أية أسلحة يملكها هي للحماية الشخصية له، وليس لأغراض عسكرية أو شبه عسكرية. وقال باسيل إنه مسرور لجهود الولايات المتحدة لرصد وتهريب الأسلحة، وطالباً منها الكشف عن أي أدلة لديها. اعترف الرجلان بأنهما سمعا شائعات عن جماعات أخرى تهرب الأسلحة، ولكن ليس لديهما أدلة موثوق بها لدعم تلك الشائعات".
معارضة "اليونيفيل"
وأشارت البرقية إلى سؤال فيلتمان: "لماذا ادلى عون بتصريحات علنية وقوية ترفض نشر قوات "اليونيفيل" على طول الحدود السورية. يجب على عون، كقائد عسكري سابق، أن يكون على علم بأن الجيش اللبناني ليس مؤهلاً لحراسة هذه الحدود بفاعلية لوحده. فأوضح عون أن معارضته لـ"اليونيفيل" تنبع من توقعاته بأن سوريا ستغلق حدودها في رد على نشر القوات الدولية على الحدود، وبذلك تقطع إمكانية التواصل التجاري للبنان، الذي لن يستطيع تحمل ذلك".
عون في بلجيكا
وأوضحت البرقية أن "عون، الذي عاد مؤخراً من بلجيكا، بالإضافة إلى إطلاعه على استثماراته الشخصية، اجتمع مع مسؤولين بلجيكيين وعاملين بالشأن اللبناني في الأمم المتحدة، ومع خافيير سولانا بالشأن الايراني (انظر إلى برقية منفصلة تظهر تعليق عون للسفير عن رحلته إلى بلجيكا، خلال لقاء ثنائي في ختام هذا الاجتماع. اعترف فيها عون أنه أمل في التوسط لتبادل الجنديين الإسرائيليين بالأسرى اللبنانيين المحتجزين في اسرائيل.)
حدة خطاب "حزب الله"
وليس نفوذ عون
وجاء في البرقية: "رداً على سؤال السفير حول تشابه (تقارب) تصريحات "حزب الله" وعون، الى خطابات أجاب موضحاً أن تحوّل نصر الله من خطابات تصالحية فباتت، بعد الصراع (حرب تموز 2006)، أكثر تشددا ومناهضة للحكومة، لاسيما في الأسبوع الأخير، لم تكن نتيجة تأثير عون. وميّز ما بين موقفه وذلك الذي لنصرالله، فهو يدافع عن دعوته إلى تشكيل حكومة جديدة "حكومة الوحدة الوطنية" القادرة على تحمل المسؤولية وبعث الثقة والاستقرار. لكن "حزب الله" يحاول تقسيم الحكومة والتسبب في التشكيك، من دون التخطيط لمشاركة أوسع في الحكومة الجديدة".
خطاب معاد للسنيورة،
ليس اتخاذ مواقف
وأضافت البرقية: "سأله السفير عن رأيه الشخصي بالسنيورة وهل هو انعكاس للانتقادات الحادة التي يعطيها للجمهور حول السنيورة، فأوضح ان رأيه الشخصي بالسنيورة قاتمة كما تصريحاته العلنية. واتهم السنيورة بعدم قدرته على تنفيذ تعهداته قبل موعدها النهائي. واستشهد بأمثلة تعكس فشل السنيورة: انقلاب المجلس الدستوري، فشل اللجنة الخاصة لتحرير المعتقلين من سوريا، وعدم إحراز أي تقدم في القانون الانتخابي والخطة الاقتصادية والفشل في توفير التمويل اللازم لإعادة الإعمار بعد الحرب".
خطط مستقبلية: خطاب يعادي السنيورة، لا تحركات في الشارع
وتابعت البرقية "شكّك عون في كلام فيلتمان عن مصداقية السنيورة الدولية المتزايدة التي تلت الدور الذي قام به خلال الصراع بين "حزب الله" واسرائيل، وبأنها كانت مهمة لإعادة بناء الثقة الدولية وتلك للمستثمرين في لبنان. وأشار عون إلى أنه لم ير دليلاً على استفادة لبنان من العلاقة القوية للسنيورة مع الشركاء الدوليين، لافتاً إلى أن خطابه المضاد للسنيورة سيستمر. وزعم أنه لا يخطط لأي مظاهرات، على الرغم من إشارته إلى أن مجموعات أخرى ممكن أن تخطط لنشاط في الشوارع. ووصف استراتيجيته قبل الانتخابات الرئاسية المقررة قبل شهر تشرين الثاني 2007 بأنها مواصلة المعارضة الكلامية للحكومة.
عون لا يعترض على المحكمة
وبحسب البرقية "سأل السفير عون عن رأيه في المحكمة ذات الطابع الدولي، التي ستنشأ لمحاكمة أي مشتبه بهم في اغتيال (الرئيس الشهيد) رفيق الحريري، فقال: إن هذه المسألة هي واحدة من الأسباب التي وضعتها حركة 14 آذار لترفض إنشاء حكومة وحدة وطنية، وأكد أنه لا يعارض إنشاء المحكمة بعد لجنة التحقيق الدولية، مشيراً إلى أنه لن يوقف إنشاء المحكمة إذا وصل إلى الحكم. وادعى بأنه "الشخص الأول" الذي دعا إلى تشكيل محكمة دولية.
وساورت عون الشكوك حيال حقيقة تصويت الوزراء المتحالفين مع رئيس البرلمان نبيه بري، في مجلس الوزراء أخيراً ضد وزراء "حزب الله"، ورأى في ذلك دلائل على وجود انقسام في الطائفة الشيعية، معلقاً "انقسام الشيعة في السلام ولكن ليس في حالة حرب"".
واختتمت البرقية بتعليق لفيلتمان جاء فيه: "من دون شك، سبق أن علم عون من أنصاره أنهم سمعوا عن المخاوف الأمريكية بشأن التعاون المالي بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله"، فقد كان عون مستعداً لاحتجاجاتنا. وبهدوء، نفى بشدة أن يكون "التيار" وزع أموالاً من الحزب (مقتبس من مقتطفات إعلامية واسعة لنشطاء التيار)، وإننا نرى أن عون علم خطورة وقلق الولايات المتحدة وسوف يكون أكثر حذراً في المستقبل، على الرغم من أننا في حاجة إلى مواصلة رصد هذا الأمر. وعلى ما يبدو أنه لم يفهم بعد أبعاد المسألة، على الرغم من أن أسلحة "حزب الله" وأهدافه نقيض للدولة القوية التي يريد عون قيامها، ومهما كانت أخطاء السنيورة وخلافاته السياسية مع عون، فإن فؤاد السنيورة لا يهدد مستقبل لبنان بالطريقة نفسها التي يقوم بها حلفاء عون، حزب الله. لكن، للأسف، عون لا يزال يرى السنيورة المشكلة الأكبر، والحل الذي يبرر له الارتباط بـ"حزب الله"".

 

السابق
فادي لبنان: الحريري اشترى صوراً لزعماء عرب شربوا الكحول من «أحذية» صباح
التالي
زهرمان: مجريات اجتماع اللجان انتصار لمنطق الدولة