النسيان أول الأركان؟

عليك يا قلبي الاستعداد لهزات النسيان كما تستعد اليابان لهزات الزلازل فعلى كل هزة أن تقويك لما بعدها فأعلم أن ما هزة أتت إلا وكانت ما بعدها أشد وأقوى. هل يا ترى على قلوبنا الاستعداد لكل هزة مع كل حب يدق أبوابها أم هي قلوب غبية من تستعد دائما؟ نحاول دائما جعل النسيان فكرة أساسية في نصوص حبنا ونبدأ هذه النصوص بأفكار وردية زهرية تروق العين والقلب. ولكن حالما يصل التعبيرعن الفكرة الأساسية لنصوص كاذبة عشناها بأحاسيس أقل ما يقال عنها أنها أكثر من حقيقية إلا وتأتي الكوارث فكما تقول أحلام مستغانمي في كتابها " نسيان.كوم" الذي جمع النساء بمختلف طبقاتهن. "إن كانت الهزات العاطفية قدرا مكتوبا علينا، كما كتبت الزلازل على اليابان، فلنتعلم من اليابانيين إذن، الذين هزموا الزلازل بالاستعداد له".
فما بالقلوب حيلة ولا مفر أن تدخل في ملاطفات وإعجاب التي تتحول إلى حب بدرجاته وقلما تتحول إلى زواج، ولكن المفر الرجالي دائما موجود إلى حياة ما بعد الكذبة التي أحيونا فيها ألا وهي الحب.
إذا حاولنا تعريف هذه الكلمة الصغيرة البسيطة بحجمها التي تحمل بين طياتها الكثير، سنقول هي انصهار روحين بتفاوت كل الطبقات الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، الثقافية، وحتى الحمراء منها العقائدية الطائفية. هذا إن حددنا أنه حب قلوب وليس حب عقول.
إذا استطاع هذا الإحساس تفاوت كل هذه الطابوهات والاختلافات كيف لنا أن نتوقع أن تكون صدمة أحد الطرفين بمفارقة الآخر؟ وهل نستطيع أن نتقبل فكرة انتحار الاثنين أو أحد الطرفين؟ أو أن تصل بهم حد الجنون في حبهم؟ الذي نستطيع الآن الارتقاء به إلى "عشق" و"هيام" بدل "حب" فهي كلمة مصغرة. هذا إذا وضعنا أن كلا الطرفين يبادل الآخر نفس الشعور فما بالك لو أن احدهما كان يتلاعب بالآخر كيف للآخر تقبل ذلك؟. أتستطيع الآن الأنثى أن تندب حظها في عدم وجود نصفها الآخر؟ لاسيما إذا كانت تمتلك من مقومات الجمال واللياقة والعلم والأدب ما يجلب الحسد قبل النظر فكما تقول أمي:"مدايريلنها كتبة "أي هناك عمل شعوذة في الموضوع، ولكن وحده القدر المتحكم في ذلك.
إذا كانت الروايات والقصص والأفلام غالبا ما تنهي قصص الحب بزواج البطلين، فعلى مسرح الواقع وعلى ركحه تجاوز وانتفاض على هذه الفتوى المتخلفة بحد رأيه والتي تفتقد عنصر التشويق، حتى وإن كانت شرقيتنا توجب علينا الزواج كعادة قبل كونها معتقد ولا توجب علينا الحب فان الرجل الشرقي عكس نظيره الغربي، يعرف الزواج ويريده أمرا لا كرما وكرما لا أمرا ومع ذلك فانه يتقن فن "عدم الوفاء" ببراعة، فربما هو ذلك الوسام الذي يخفيه كل رجل شرقي تحت قميص رجولته الشرقية ووحدها الشرقية من تستطيع إظهاره.
هنا يطرح السؤال مرارا وتكرارا ولا نريد جواب من القدر، إذا بدأ القلبين الخوض في معركة الحب بقلوب صافية وحقيقية بيضاء وبصدق فلماذا تنتهي بكذبة وابتعاد؟
 
لا مفر من القدر فهو الذي يجيب دائما والحمد لله فهو الذي خلقني وأمري بيده، هو خلقني حرة وأنا أردت أن أكون أسيرة ذلك الإحساس اللعين، فالآن أنا مكبلة بالنسيان وأعيش جميع فصوله فأوله الاشتياق والاحتياج للحبيب وفيه تكون القلوب المدمنة تبحث جرعتها اليومية من الحب أو حتى تريد مضاعفتها، ثم تنتقل إلى مرحلة البكاء و ندب الحظ اللعين، وتنتهي بفصل عزة النفس والكبرياء والتقرير وفيها يصنع التكبر داخل القلب حتى تستطيع هذه الأخيرة اقتلاع ما تبقى من أشلاء المحبوب حينها يرفع القلب شعارا جديدا مضادا لذلك الذي رفعه في أول الحب "الحب خلق لنتحدى به العالم وليس نتحدى به من نحب". ولكن ليس لقانون الجاذبية صلاحية دائمة فلعلنا اليوم نعيش في كوكب غير الأرض.
إلى متى سيظل النسيان هاجس الحب الأول أو بالأحرى فكرته الأساسية وإلى متى ستظل القلوب تنتظر قدومه في أي لحظة وبأي درجة سنقيس حرارته واقترابه؟ فلعلنا اليوم بحاجة إلى "نسيان متر" بدل "ترمومتر". ولعل النسيان أصبح ركنا أولا لصحة هذا الحب.
لنرى إذا اختزلنا هذه المرحلة الإلزامية في الحب، ولنفترض أن الحب انتهى وقلوب المحبين لازالت معلقة وليست مطلقة فما ستكون عليه روح الاثنين وماذا سيحل بها؟
لا حياة بعد الحب…
إذا هذه هي الفكرة الجديدة، ولكن الله خلقنا لنحيا سعداء تحت ظله ولا لنشقى تحت ظل من كنا نحب، لذا يجب أن نجعل قلوبنا خصبة للنسيان بدرجة خصوبتها للحب فقط نحتاج سقيا منظما من التقوى والإيمان.
فكرة خطيرة التي توصلت لها الآن ساويت بين فكرة الحب والنسيان في الخصوبة، قد أختلق يوما أفكارا لتتيح لي فرصة الكذب على قلوب عاشقة لتنسى محبوبها فهذا دواء مسكن وليس قاطعا لشهية الحب.
على الأقل استطعنا إيجاد فكرة نعالج بها شقاء المتناسي لم يبق لي إلا التوجه بكلمة للسادة الموقرين ذوي القلوب الخصبة:
" أناشد نون النسوة قبل أن أناشد الرجولة لا تسلمي قلبك لأي كان وإن كنت لا تمتلكين جمالا أو علما فأنت بالتأكيد تمتلكين قلبا قد يجرح واعلم أنه وحده القدر من يكتبك بين نصيبك المحتوم وأما يا جمع الرجال أناشدكم باسم مالك الملك كفا تلاعبا بهن أو" بنا" فانا على قدر رقتي ونعومتي قلبي الصغير يحمل من الحب ما يكفي حب العالم لكني خصصت به رجلا واحدا هو من أحبه قلبي ورقت له عيني ورجفت له مشاعري". 

السابق
ماذا يقول أصدقاء حزب الله خلف ظهره؟
التالي
هل خسرت 14 آذار الراعي وقباني؟!