السفير: ميدفيديف نؤيّد قراراً دولياً متوازناً لا يتضمن عقوبات

دافع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، أمس، عن سوريا، معتبرا انه لا جدوى من فرض عقوبات جديدة على النظام السوري، على ما يرغب الغربيون. وربط استعداد روسيا تأييد اتخاذ قرار لمجلس الأمن بشأن سوريا «بأن يكون هذا القرار موجها إلى طرفي النزاع الداخلي، ولا يؤدي إلى فرض عقوبات بشأن سوريا تلقائيا». من جهتها دعت المستشارة الرئاسية السورية بثينة شعبان، في موسكو، الغرب إلى أن يحذو حذو موسكو عبر تشجيع الحوار السياسي في البلاد بدلا من الدعوة إلى عقوبات، محذرة من أن «تشجيعهم التطرف والإرهاب ودعم العنف سيطال الجميع».
وكشفت شعبان عن سقوط 1400 قتيل منذ بدء الاحتجاجات في آذار الماضي نصفهم من القوات الأمنية والنصف الثاني من «المتمردين». فيما اعلنت الامم المتحدة عن مقتل 2600 شخص في سوريا، وعينت لجنة من ثلاثة خبراء دوليين للتحقيق في «انتهاكات حقوق الإنسان» التي وقعت في سوريا.
وقال ميدفيديف، خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون فـي

موسكو، إن «الموضوع السوري كان في صدارة القضايا الدولية التي بحثها مع كاميرون»، مقرا بأن «الخلافات بين روسيا والغرب في هذه المسألة لم تتم إزالتها بالكامل حتى الآن».
وشدد ميدفيديف على أن «الاختلاف ليس دراماتيكيا، ولكنه موجود في حقيقة الأمر، إذ ينطلق الجانب الروسي من ضرورة تبني قرار بشأن سوريا يصاغ بلهجة قاسية على أن يكون متزنا وموجها إلى طرفي النزاع – أي السلطات الرسمية بقيادة الرئيس بشار الأسد والمعارضة على حد سواء». وقال «إن قرارا كهذا سيحالفه النجاح بهذا الشرط فقط».
وشدد على أن ممارسة «ضغوط إضافية» على دمشق في إطار قرار جديد لمجلس الأمن الدولي أمر غير ضروري. وقال «مثل هذا القرار يجب أن يكون شديد اللهجة، لكن يجب ألا ينص على تبني عقوبات بشكل تلقائي، لأنه سبق اعتماد عدد كبير من العقوبات أساسا من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وبالتالي ليس هناك ضرورة لممارسة ضغوط إضافية» على دمشق.
ويسعى كاميرون إلى ثني موسكو عن استخدام «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي ضد أي قرار حول سوريا. وكرر قوله «لا نرى مستقبلا للرئيس الأسد ونظامه».
وقال رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال نيكولاي ماكاروف إن «موسكو لا تخطط لإدخال تعديلات على نشاط مركز الصيانة الروسي في مرفأ طرطوس»، موضحا أن «عددا من المستشارين العسكريين يعملون حاليا، في قاعدة في ميناء طرطوس السوري التي تقرر تطويرها من الناحية المادية والتقنية في خدمة الأسطول البحري الروسي».
وفي السياق، قال مصدر مطلع في مجال الصناعات الحربية الروسية لوكالة أنباء «نوفوستي» إن موسكو ودمشق «تسيران على طريق التعاون العسكري التقني بينهما وفق الاتفاقيات والعقود المبرمة سابقا». وأشار إلى «أن السوريين يواصلون التزود بأسلحة روسية، ويرغبون بالتأكد من مدى فعالية وقوة وحداثة وسائل الدفاع الجوي الروسية»، موضحا «أن سوريا وعددا من البلدان مهتمة بالمنظومات بعيدة المدى».
شعبان
وقالت شعبان، في مؤتمر صحافي مع المبعوث الروسي إلى المنطقة ميخائيل مارغيلوف، «نستطيع أن نصف ما يجري في سوريا منذ ستة أشهر حتى اليوم بأنه أمر مركب من أكثر من عامل، ومن أكثر من وجه، فمن ناحية هناك مطالب محقة وصفها الرئيس بشار الأسد بأنها محقة للشعب السوري في إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي، ومن ناحية أخرى هناك ما جرى ويجري في بلدان في المنطقة، درج البعض على تسميته «الربيع العربي» أو التحولات نحو الديموقراطية والتعددية الحزبية».
وأضافت «لكن العامل المؤثر على هذين العاملين والذي يغير المعادلات هو عامل الأطماع في منطقتنا، واستهداف هذه المنطقة من ناحية إثارة نعرات طائفية أو حروب أهلية بهدف تفتيت المنطقة والتحكم بمواردها النفطية والجغرافية والتاريخية. ونحن لا نحلل سياسيا هنا، وإنما نتحدث عن وقائع ومعطيات. منطقتنا مستهدفة، ولا يجوز الفصل بين ما يجري في بلادنا والصراع العربي – الإسرائيلي والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والأراضي العربية المحتلة».
وذكرت شعبان أن «المشكلة تكمن في أن الغرب يظن نفسه أنه في مأمن من نتائج الأعمال التي يقوم بها، وهو ليس في مأمن، لأننا نحن في عالم واحد، فحين يشجعون التطرف والإرهاب ويدعمون العنف عاجلا أم آجلا سيطال ذلك الجميع. نحن كل ما توقعناه من الغرب دعم التحول الذي تقوم به سوريا منذ بداية الأزمة بناء على مطالب الشعب السوري».
وأشارت إلى أن «سوريا شهدت منذ 6 أشهر صدور قانون للأحزاب وقانون للانتخابات وثالث لحرية الإعلام ورابع للإدارة المحلية، بالإضافة إلى رفع حالة الطوارئ وصدور قانون للتظاهر السلمي. الآن يتم تشكيل لجنة لإعادة النظر بالدستور، وربما كتابة الدستور، وجرت الدعوة لحوار وطني، وأجري حوار وطني منذ شهرين، والآن تجري حوارات وطنية على مستوى المحافظات تنال كافة أوجه الحياة في سوريا السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ما كنا نتوقعه من الغرب هو دعم هذا المسار السياسي الإصلاحي السلمي، وألا يدعم اللجوء إلى العنف. ولذلك نحن نقدر موقف الحكومة الروسية والشعب الروسي تقديرا عاليا، لأنهم مع التحول السياسي السلمي، ويقفان ضد التدخل الأجنبي في شؤون الشعوب».
وتابعت «نحن كشعوب في هذه المنطقة لا نرى أن الغرب يهتم بمصالحنا وحريتنا وديموقراطيتنا. أين هو الاهتمام بالشعب العراقي وبقتل مليون عراقي، وإثارة الطائفية في العراق بين السنة والشيعة؟. أين هو الاهتمام بما حدث في أفغانستان وباكستان؟ هناك معلومات تقول إنه قبل قصف الناتو لليبيا كان هناك 20 قتيلا، وبعد القصف 50 ألف قتيل، و200 ألف جريح، و100 ألف نازح. من المسؤول عن كل هذا الأمر. لماذا لا يتحمل الغرب مسؤوليته بشأن هذه الشعوب؟ القصة ليست فقط قصة من يحكم في العراق وسوريا وليبيا، القصة هي قصة شعوب ومستقبلها».
وأكدت شعبان أن «القيادة السورية سائرة في طريق الإصلاح والتعددية السياسية»، مشيرة إلى أن «محاولات القرار الأجنبي والعقوبات الدولية كلها تصب في مسار تشجيع العنف وليس الحوار السلمي والتعددية السلمية». وتابعت «ما يجري الآن في سوريا هو محاولة إثارة النعرات الطائفية، في بلد تتعايش فيه جميع الأديان والقوميات منذ آلاف السنين».
وأعلنت شعبان، للمرة الأولى عن حصيلة رسمية لعدد القتلى منذ بدء الاحتجاجات في 15 آذار الماضي. وقالت «سقط 700 قتيل في صفوف الجيش والشرطة و700 في صفوف المتمردين»، مضيفة «لدينا لائحة بأسماء الضحايا ويمكننا تقديمها».
من جهته، قال مارغيلوف، وهو أيضا رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي، «لا نريد أن يتكرر السيناريو الليبي في سوريا». وأعلن أن وفدا من مجلس الاتحاد (المجلس الأعلى في البرلمان) سيزور سوريا قريبا.  
وقال عضو مجلس الاتحاد ايلياس اوماخانوف، الذي يترأس هذا الوفد «سنلتقي ممثلين عن مختلف القوى السياسية وسنحاول التشجيع على أن يجري الحوار بين الأطراف في سوريا بشكل سلمي». وأضاف «إن هدف روسيا هو تجنب أن يؤدي تدخل خارجي إلى تصعيد أعمال العنف وسقوط العديد من الضحايا».
ودعا النشطاء السوريون إلى «يوم غضب» اليوم احتجاجا على دعم موسكو للنظام السوري. وكتب الناشطون، على موقعهم على موقع «فيسبوك»، «لا تدعموا القتلة! لا تقتلوا السوريين بمواقفكم!».
إلى ذلك، ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن الرئيس بشار الأسد دشن مشروع ربط الجسر الجنوبي بالشمالي في محافظة دمشق. وقام الأسد «بجولة ميدانية اطلع خلالها على المشروع على أرض الواقع، وأشاد بالمهارات الوطنية المتميزة التي ساهمت في إنجازه بسوية عالية ووفق أفضل المعايير الاقتصادية والفنية والجمالية»، مشددا على «أهمية تعميم هذه التجربة على المشاريع المشابهة في كافة المحافظات السورية».
وفي اسطنبول، اعلنت المعارضة السورية بسمة قضماني ان معارضين سيقدمون الخميس في اسطنبول لائحة تضم اعضاء «مجلس وطني» من المقرر أن يعمل على تنسيق عمل المعارضة. وقالت قضماني، في مؤتمر صحافي في اسطنبول، متحدثة باسم هذه المجموعة من المعارضين «ان تشكيلة هذا المجلس ستعلن الخميس، وحتى هذا التاريخ تبقى المشاورات متواصلة». وأضافت ان «المجلس الوطني الذي سيعلن سيمثل كل القوى الأساسية، ويضم احزابا سياسية وشخصيات مستقلة تعتبر رموزا للمعارضة السورية، والغالبية ستكون لأشخاص من الداخل» السوري.
حقوق الإنسان
وعين مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة اعضاء لجنة التحقيق الدولية المكلفة اجراء تحقيقات بشأن «انتهاكات لحقوق الانسان في سوريا». وستضم اللجنة، التي تمت الموافقة على ارسالها الى سوريا في 23 آب الماضي، ثلاثة خبراء هم: الدبلوماسي البرازيلي السابق سيرجيو بينهيرو الذي سيترأس اللجنة، وياكين ارترك وهو جامعي متحدر من تركيا، والأميركية كارين ابو زيد التي تعمل للامم المتحدة.
وتوقع مصدر في الامم المتحدة ان تتمكن اللجنة من التوجه قريبا الى سوريا لكن «ليس قبل شهر». ويفترض ان ترفع تقريرها قبل نهاية تشرين الثاني المقبل، وتسلم خلاصاتها الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون والهيئات المختصة.
وكانت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الامم المتحدة نافي بيلاي قالت، لدى افتتاح الدورة الثامنة عشرة لمجلس حقوق الانسان في جنيف، «في ما يتعلق بسوريا، وبحسب مصادر موثوقة على الارض، فان عدد القتلى منذ بداية اعمال العنف في منتصف اذار بلغ الان 2600 قتيل على الاقل». واعربت عن الاسف لان «قوات الامن تواصل خصوصا استخدام قوة مفرطة وتستخدم المدفعية الثقيلة ضد المتظاهرين».
ميدانيا، اعلن «المرصد السوري لحقوق الانسان»، في بيان، «مقتل 17 شخصا في عمليات أمنية وعسكرية تنفذها القوات السورية في ريف حماه، واعتقل أكثر من 60 شخصا». وكان المرصد اشار الى مقتل «فتى في دوما بريف دمشق برصاص قوات الامن. كذلك، قتل رجل وابنه في منطقة حمص خلال عمليات امنية في الرستن». واضاف «استمرت العمليات العسكرية وقطعت الاتصالات في غالبية مناطق محافظة ادلب، فيما اقيمت حواجز في محافظة درعا حول مخيم اللاجئين الفلسطينيين».
ونفى محافظ حمص غسان عبد العال تحليق الطيران الحربي فوق المدينة. وقال، لوكالة الانباء السورية (سانا) إن «ما بثته قنوات التحريض حول تحليق الطيران الحربي فوق مدينة حمص عار عن الصحة، حيث لا وجود لأي طائرة فوق المدينة ويتواجد المواطنون في الأسواق والأحوال عادية وهادئة تماما».
وقال تجار، في لندن، إن شركة تسويق النفط السورية الحكومية (سيترول) أصدرت مزايدة لبيع شحنتين من الخام للشحن في منتصف تشرين الأول في ظل العقوبات الأميركية والأوروبية. وقال تاجر «صدرت مزايدة. سوريا تعرض شحنة من الخام الخفيف واخرى من خام السويداء»، موضحا ان كل شحنة تزن 80 الف طن من الخام.
وتصدر سوريا شهريا مزايدات لبيع الخام. وكانت تباع عادة لشركات أوروبية وشركات تجارية. لكن التجار قالوا إن من المستبعد أن تدخل شركات أوروبية المزايدة الأخيرة بسبب عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقال أحد التجار الذين تلقوا دعوة للمشاركة «الأمر صعب بعض الشيء هذه المرة. لن أشارك في المناقصة».  

السابق
الراي: الراعي أعاد صوغ موقفه موضحاً حيثياته ومتمسكاً بجوهره
التالي
التعليم جنوباً(4): مع مدير المركز الاسلامي للتوجيه والتعليم العالي