باكورة الثورات بدأت في لبنان 2005

لأن لا طعم أو معنى لأي تغيير من دون الشباب، ولأنهم يملكون من العزم والاصرار والارادة ما يكفي لرسم خريطة وطن، خصتهم الأمم المتحدة باجتماع سنوي في مقرها بمدينة نيويورك الأميركية، حيث أقيمت في آب الفائت النسخة التاسعة منه.
"الربيع العربي والثورات"، هو العنوان الذي حمله الاجتماع الأممي للشباب الذي يُعقد سنوياً بمشاركة شباب من دول العالم بينهم 15 شاباً وفتاة من ثماني دول عربية، أدى شبابها دوراً بارزاً في التجديد وصنع الثورات، هي: مصر، الجزائر، تونس، المغرب، الأردن، فلسطين، سوريا ولبنان.
أخذت شركة "بيبسي كو" على عاتقها تمويل البعثتين العربية والأميركية الجنوبية، في اطار الخطة الطويلة الأمد التي تنتهجها الشركة في دعم مشاريع الشباب وطموحاتهم.

نايلة حجار، هبة حنيني، فرح عبد الساتر، ثلاث شابات لبنانيات حملن خبراتهن في مجال التواصل الاجتماعي، وذهبن بروح شبابية مفعمة ثورة وتغييراً وتجديداً الى نيويورك للمشاركة في الاجتماع. المفارقة ان المشاركة الأكبر عدداً بين الدول العربية كانت للبنان، إذ تمثّل بثلاث مشتركات فيما اقتصرت مشاركة الدول العربية الأخرى على شخص أو اثنين.
المشاركات الثلاث تحدثن الى "النهار" عن تجربتهن، فصفنها بالغنية والمميزة، وشددن على ضرورة استثمار ما خلصت اليه من مقررات ونتائج مشاريع وورش عمل "فالأفكار موجودة، ولا ينقصها سوى المخاض لتبصر النور".
قالت نايلة حجار: "كنا نحو 600 مشارك من معظم أنحاء العالم، بيد انه كانت للمشاركة العربية خصوصيتها، ولا سيما لجهة دور الشباب العرب في تحريك ثورات بلادهم ضد الأنظمة الديكتاتورية التي حكمتهم عقوداً طويلة". وتطرقت الى دور وسائل الإعلام الاجتماعية قائلة: "هي من أهم محركات الثورة، بيد انها وسيلة وليست سبباً، فسبب الثورات هو روح التغيير عند الشباب". وتشرح: "كان لـفايسبوك وتويتر في شكل خاص فضل كبير في تحقيق أهداف ثورات عربية عدة، فالشباب وجدوا في هذا العالم الافتراضي منبراً لشحذ طاقاتهم واستثمار قدراتهم، فقرروا التغيير".

عرضت حجار للرسائل التي تم توجيهها من الشباب الى المنظمات الدولية والمجتمع المدني والقطاع الخاص ايضاً. "الرسالة الأهم عن دور الشباب، إذ يجب عدم الاستهانة به. الطاقات والموارد الشبابية توازي الطاقات النفطية والمعدنية والمائية للبلاد، فلا بد من استثمارها وتوظيفها عبر اشراكها في صلب قضايا المجتمع". أضافت: "كانت كلمتنا واحدة الى المنظمات الحكومية: لا نريد بعد الآن ان نكون عالماً ثالثاً محكوماً من عالم متفوق علينا صناعياً وعلمياً. لدينا قوتنا الخاصة الكامنة في شبابنا بالدرجتين الأولى والأخيرة". وللمجتمع المدني: "هو القوة الثالثة بعد السياسة والاقتصاد، قوة تغيير، فلماذا لا ينيط بنفسه دوراً أكبر وأكثر فاعلية؟"، فللقطاع الخاص "موارد كثيرة، ولا سيما مادية، مما يرتّب عليه مسؤولية اجتماعية، فيجدر به تحمّلها بكل تداعياتها على المجتمع برمته".

أما هبه حنيني، فتوقفت عند التشديد على ارادة الشباب في صنع التغيرات داخل بلاد كل منهم، فكانت كلمة مصر عن خصوصية الثورة المصرية، وكذلك تونس، ولكن المفارقة ان كلمة المغرب عزت الى لبنان الشرارة الأولى في اطلاق الثورات العربية من خلال انتفاضة الاستقلال في آذار 2005 "وهذا ما كان محط اتفاق المشاركين أيضاً، فالثورات لم تبدأ من تونس، وانما كانت عبارة عن تراكمات شبابية بدأت من لبنان، ولم تنته اليوم في سوريا".
"تبادل للخبرات، وتفاعل بين شباب العالم على اختلاف مشاربهم"، هكذا وصفت حنيني انطباعها العام عن المؤتمر، مؤكدة غنى التجربة ونجاحها. وختمت: "عدنا بروح جديدة متحمسة، وأفكار خلاقة، فعالة نابضة بالحياة، وذلك بعدما أفدنا من وجودنا مع بعضنا بعضاً عرباً وغير عرب"، مؤكدة وجود نيات حقيقية وجادة لتطبيقات عملية على مستوى لبنان والدول العربية، مفضلة الافصاح عنها في موعدها.

كما حجار وحنيني، كذلك فرح عبد الساتر: حماسة، وتجدد، وروح شبابية عالية. "تطرق المؤتمر الى الأهداف الانمائية للألفية التي وضعتها الأمم المتحدة مع مطلع الألفية الثالثة، والمتعلقة بمحاربة الفقر والجفاف والتصحر وتفعيل دور المرأة والشباب. بيد ان التركيز كان على أهمية دعم الشباب ولا سيما امكاناتهم الهائلة غير المستغلة، بهدف نشر ثقافة الحوار والتفاهم المشترك بينهم بوصفهم الأطراف المعنيين في عالم اليوم". وأضافت: "نحن مقبلون على التغيير الايجابي، فمنطق دول كبرى وأخرى دونية لم يعد مقبولاً، والتجربة العربية خير دليل. فالشباب العرب اليوم لم يعودوا مرتهنين لأحد، مع التشديد على ضرورة إقامة علاقات سليمة مع كل دول العالم. النظرة الغربية تغيّرت تجاهنا كعرب بعد الثورات العربية والدور الفعّال الذي أثبته الشباب على ساحة التغيير نحو الحرية والديموقراطية".
سبق الاجتماع الذي عُقد في 3 آب الماضي و4 و5 منه في نيويورك، ورشة عمل تدريبية للمشاركين في جامعة ديكنسون في ولاية نيوجرسي. واختيار المشاركين تم وفق خبرتهم في ميدان المجتمع المدني وتفاعلهم مع الشباب عبر تكريس طاقاتهم وحماسهم لخلق مناخ الازدهار والنجاح في مجتمعاتهم والعالم أجمع.

السابق
11 سبتمبر.. اليوم الذي لا ينتهي أبدا
التالي
عونيـو كسـروان:نكـون أو لا نكـون!