النهار: خطة طوارئ كهربائية مقسّطة على 4 سنوات اشتباك اللحظة الأخيرة عوَّم اقتراح ميقاتي

شكل اقرار حكومة الرئيس نجيب ميقاتي "مشروع قانون برنامج معجّل لأشغال كهربائية لانتاج 700 ميغاوات" الاختبار الأصعب الذي واجهته حتى الآن بعد مرور شهرين كاملين على نيلها الثقة في مجلس النواب.
ومع أن هاجس تمويل المحكمة الخاصة بلبنان وما يرتبه من استحقاق لا يقل صعوبة وخطورة على وحدة هذه الحكومة وديمومتها بدأ يرخي بظلاله على أولوياتها، فإن ما جرى في جلسة مجلس الوزراء أمس أبرز حدة التفاعلات التي سبّبها الخلاف على الملف الكهربائي وإن يكن "الاجماع" الذي انتهى اليه اقرار خطة الطوارئ الكهربائية أتاح لأطرافها جميعاً حفظ ماء الوجه وإن بدرجات متفاوتة.

ففي حساب المكاسب التي عممت على الجميع تجنباً لظهور منتصرين ومنكسرين، حصل "تكتل التغيير والاصلاح" فعلاً على تبني الحكومة مجمل المبلغ الملحوظ للخطة وهو مليار و200 مليون دولار. ولكن في المقابل بدا رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الكاسب الأكبر إذ تمكن من فرض مشروع وضعه بنفسه في اللحظة الأخيرة وحمله الى الجلسة تحت وطأة خيارين حصريين هما الأخذ بالمشروع أو لا خطة. وتمكن أيضاً مدعوماً من معظم أطراف الحكومة، هذه المرة، من ان يضمن المشروع كل الضوابط القانونية والمالية والرقابية للخطة التي أقرت مقسطة ومجزأة على اربع سنوات.

وأبلغت مصادر وزارية بارزة لنا أن الجلسة شهدت لدى مناقشة الخطة في مستهلها سجالاً لم يخل من حدة بين ميقاتي ووزير الطاقة والمياه جبران باسيل. ذلك أن رئيس الوزراء كان قد وضع أمس اقتراحاً نتيجة المشاورات والاتصالات التي أجريت طوال اليومين الأخيرين تناول موضوع تمويل الخطة بتجزئته على اربع دفعات وعلى أربع سنوات أي حتى 2014،على أن تعتمد الضوابط الأخرى بقرارات يتخذها مجلس الوزراء بعدما اتفق عليها بين الجميع. وتمسك ميقاتي باقتراح الحل الذي وضعه مبرزاً استجابة الخطة لما يطالب به وزير الطاقة وفريقه من التزام دفع قيمة مبلغ الأشغال الكهربائية كاملاً انما مقسطاً على الدفعات والسنوات الاربع. وعندها تشبث الوزير باسيل برفض ما سماه "القيود" قائلاً: "إنكم تكبلون يدي كوزير".
وأضافت المصادر الوزارية أن ميقاتي ضرب الطاولة بيده وخاطب باسيل: "علمتونا انكم تجلسون على الطاولة وتقولون إما ان تعطونا وإما ان نمشي وأنا سأقول لك يا جبران بالطريقة نفسها إما أن تمشي بالاقتراح وإما أنا أمشي". وانتهت المواجهة بالموافقة الجماعية على المشروع بعد التزام الحكومة المبلغ كاملاً وتقسيطه والسعي الى الحصول على قسم من التمويل من صناديق.

وأوضحت المصادر ان الضوابط التي وردت في مشروع القانون هي نفسها التي طرحت قبيل ثلاثة أسابيع ولو قبلت من الجلسة الاولى لما أرجئ إقرار الملف حتى البارحة.
وقالت مصادر معنية بالاتصالات التي سبقت الجلسة لـ"النهار" إن الاجتماعات استمرت حتى الثالثة فجر الاربعاء وإن "تكتل التغيير والاصلاح" تبلغ من حلفائه في "حزب الله" و"أمل" والطاشناق موقفا "غير ملائم" من التلويح بخروج وزراء "التكتل" من الحكومة، وتأكيدا أن هذه القوى ليست في صدد مماشاة موقف كهذا.
لكن المواقف المعلنة بعد الجلسة حرصت على تجاوز الاحتدام الذي واكب إقرار الخطة حتى اللحظة الاخيرة، وحرص ميقاتي على استباق اعلان النتائج الرسمية للجلسة فتحدث بنفسه الى الصحافيين في قصر بعبدا معلنا أن "الوفاق كان تاما داخل مجلس الوزراء"، لكنه اعترف بحصول "نوع من النقاش الجدي". وأعلن انه جرى تقسيم الصرف "بحيث بقي المبلغ كما هو للسنة 2011 وقلصنا المبلغ الذي سيصرف في سنة 2012 ليصرف في سنتي 2013 و2014". وإذ أمل في مرور المشروع في مجلس النواب، اعتبر ان "لبنان ربح اليوم وهدف الجميع تأمين الكهرباء ووضعنا الضوابط اللازمة كي يكون المشروع لمصلحة المواطن وليس على حسابه".
أما الوزير باسيل فقال لـ"النهار": "هذا انتصار للحكومة وللبنان والكهرباء والجميع ولكن هذه ليست النهاية بل بداية الطريق الطويل، والموعد الثاني هو في مجلس النواب لاقرار القانون لأن إجماع مجلس الوزراء كان ضروريا من أجل تأمين الأكثرية في مجلس النواب في ظل استشراس المعارضة لتطيير النصاب واسقاط المشروع".

.
الخطة

وتلحظ خطة الطوارئ الكهربائية كما أقرها مجلس الوزراء برنامجا معجلا لانتاج 700 ميغاوات ونقلها وتوزيعها وتخصيص عقد اجمالي مقداره 1772 مليار ليرة بحيث يجاز للحكومة عقد هذه النفقة كاملة ومباشرة تنفيذها قبل توافر الاعتمادات اللازمة للموازنة. وتوزع الخطة تقسيط المبلغ كالآتي: 414 مليار ليرة لسنة 2011، 461 مليارا لسنة 2012، 418 مليارا لسنة 2013 و380 مليارا لسنة 2014. كما يجاز للحكومة ايجاد مصادر تمويل من خلال قروض ميسرة أو باصدار سندات خزينة بالعملة اللبنانية او بالعملات الأجنبية. وفوض مجلس الوزراء الى رئيسه السعي لدى الصناديق والهيئات الاقليمية والدولية أو سواها لتأمين التمويل اللازم، وتشكيل لجنة وزارية برئاسة ميقاتي للنظر في تعديلات على القانون 462 في مدة أقصاها ثلاثة أشهر وتشكيل الهيئة الناظمة خلال مهلة أقصاها شهران

السابق
عون والعونية: من الأحلام إلى الزبائنية!
التالي
كبير القوم خادمهم وليس العكس