ملاحظات على مشروع قانون السير الجديد

بعد اثنين وأربعين عاما من صدور قانون السير في لبنان العام 1967، و بعد ست سنوات من جلسات النقاش المتقطعة، شارف مجلس النواب على إنجاز مشروع قانون السير الجديد، في ظلّ اعتراض بارز أعلنته العديد من النقابات المهتمة بشؤون السير، وعلى رأسها نقابة مكاتب السوق في لبنان، التي دعت بشدة إلى وقف العمل بالمشروع الجديد، مطالبة بإشراك النقابات المعنية في إعداده.

منذ بدء الجلسات النقاشية حول مشروع قانون السير الجديد، كانت نقابة مكاتب السوق من المعترضين، إذ أصدرت العديد من البيانات التي تشرح أسباب اعتراضها، الذي تمحور حول رفض عدم إشراك النقابات المختصة، وإن من الناحية التمثيلية، في صياغة مشروع بهذه الأهمية على صعيد الوطن، وحصر هذا الدور بلجنة فنية مختصصة. وقد يؤكد رئيس النقابة حسين غندور لـ"جنوبية" أن "معظم المواد الجديدة قد أخذت من دراسات نشرها الموقع الإلكتروني الخاص بالنقابة، وبالتالي فإن ما حدث يعتبر تعديا على الملكية الفكرية لمعدّ هذه الدراسات".

وبحسب غندور يتبين بوضوح "لدى المقارنة مع المواد الجديدة المضافة إلى القانون القديم، وهي مئة وثمان مواد، التشابه بينها وبين الدراسات المنشورة، من ناحية تشكيل هيئة وطنية لشؤون السير والمرور، إنشاء محاكم متخصصة للنظر في مشاكل السير وإنشاء سجل مروري خاص تدوَّن فيه المخالفات، تصاعد الغرامات نسبياً مع المخالفات، تصنيف المخالفات وإعادة توصيفها، ضرورة تعليم السلامة المرورية في المناهج التربوية، واستعمال كاميرات مراقبة السرعة، وإنشاء مدارس سوق عبر مكاتب السوق"، مؤكدا أن "إلغاء حوالي 350 مكتب يعني القضاء على مستقبل حوالي خمسة آلاف فرد مع عائلاتهم، وبالتالي على عمال مكاتب السوق لدى هيئة إدارة السير والمركبات التي تعتاش من هذا القطاع".

ويعتبر غندور أن "المشروع الجديد لم يقدم حلولا فعالة للتخفيض من نسبة حوادث السير السنوية في لبنان، مقدرا حوالي مليوني سائق لا يمت إليهم المشروع بصلة، إضافة إلى عدم ذكر المشروع الجديد للإمتحان النظري الشفهي بواسطة الكمبيوتر المعتمد الآن في هيئة إدارة السير والآليات، فقد صدر قرار عن مجلس شورى الدولة قضى بإبطال اعتماده كوسيلة من أجل الحصول على رخصة سوق بسبب عيوب عديدة موجودة بداخله من ناحية التطبيق والشكل والمضمون". أما عن تغيير لوحات المركبات والسيارات فأشار إلى أن "جهاز كمبيوتر سوف يقوم بإصدار أرقام تسلسلية مرتبطة بالأقمار الإصطناعية وبدورها جميع أجهزة الأمن العالمية التي تعتمد أسلوب مراقبة المركبات وكيفية سيرها على الطرقات تستطيع أن تعلم أين تنوجد أي سيارة أو مركبة على الأراضي اللبنانية"، ملمحا إلى تمويلات من جهات مانحة دولية لم تعط تقديمات وأموالا إلا ضمن شروط تشريعية لدى مجلس النواب.

وفيما يترك غندور ملاحظاته حول تعديل قانون إنشاء محاكم للسير من دون وجود للقضاء الإداري ودون علم لجنة الإدارة والعدل فيما يتعلق بتعديل هذا القانون، يضيف الكثير من المطالب المتعلقة بمشروع خطة النقل، والمعاينة الميكانيكية وتطوير أمكنة امتحانات قيادة السيارات وجعلها مدن تعليم بكافة المحافظات اللبنانية وإعادة هيئة إدارة السير إلى ملاك وزارة الأشغال والنقل.

".
وقد قدمت النقابة تصورا لمشروع قانون سير عصري وجديد، عبر مجموعة من المراحل تلخص بالآتي:

1 – تفعيل وتوسيع محاكم السير وتوليها إصدار "سجل مروري" لكل من يحمل إجازة سوق".

2 – ترحيل كافة مخالفات السير من الفئة الأولى إلى محاكم السير وتسجيلها في "السجل المروري" الخاص بالمخالف.

3 – ترحيل كافة تقارير حوادث السير إلى محاكم السير وتسجيلها في "السجل المروري" الخاص بأطراف الحادث.

4 – إعتماد نظام النقاط أو الأرصدة المتعلِّق بالخالفات والحوادث على أن تسحب الإجازة في حال حرق أو استنفاذ الرصيد (15 نقطة)

5 – وضع "سجل مروري" لكل من يحمل إجازة سوق (شبيه بالسجل العدلي) ويصدر عن محاكم السير لقاء ألفي ليرة ( طوابع لتغطية نفقات الكلفة)

5 – إقتران عملية تأمين السيارة بإبراز نسخة عن "السجل المروري" (للضغط على المخالفين مادياً وقد تصل إلى حد الحرمان من التأمين في حال شكَّل السائق المخالف خطراً على السلامة العامة)

7 – منع إعادة ترميم مركبة آلية تعرَّضت لحادث دون وجود تقرير خبير سير على أن يشار إلى إعادة عرضها على المعاينة أن اقتضى الأمر ذلك.

8 – زيادة رسوم التأمين اطردياً مع المخالفات الواردة في السجل المروري الخاص بالسائق المؤمن.

أما بالنسبة الى التطبيق الفعلي للحدّ من حوادث السير في لبنان، فيجب أن يبدأ من ضمان سلامة الطرقات، التي تشكل السبب الأول لمعظم الحوادث، ودور وزارة الأشغال العامة والنقل من خلال مجموعة من الخطوات الفعلية والجدية لتحسين واقع طرقات لبنان، بدءا من عملية تأهيل وتجهيز الطرق بإشارات السير والمرور، ووضع ضوابط للحد من الحفريات العشوائية على أن يصلحها من قام بها خلال أسبوع، وتغريم الفاعل (أي المتعهد) بتكاليف إعادة الترميم وكل ما ينتج عنه من مخاطر بتكاليف وغرامات مما يجعله مسؤولاً عن الإهمال والتسبب بالوفاة حين حصول الحادث .

وعن مشروع المعاينة الميكانيكية، الذي غاب عن المشروع الجديد، فأشار غندور الى أن "الهدف منه كان السلامة العامة ويجب استمرار العمل به عبر القطاع العام وليس عبر شركات خاصة، تحمل المواطن رسوم معاينة لا تذهب الى إصلاح الطرق ووضع إشارات توجيهية ودلالة وتحذيرية ومانعة، مقترحا "تخفيض تكلفة التسجيل والإستعانة بالنظام المعمول به في فرنسا مثلا، وإعادة جدولة رسوم السير والميكانيك التي تعتبر الأعلى والأغلى عالميا

السابق
ميقاتي: أرفض تهديد الحكومة
التالي
نسمات إيرانية في الربيع السوري