العرب مصابون بوباءَي السلطة والديكتاتورية

ذكرت وكالة الاناضول أن الرئيس التركي عبدالله غول فقد ثقته في سوريا، وان الوضع بلغ مرحلة تغييرات فات اوانها. واضاف انه يشعر بحزن عميق. مضيفاً: "يقال إن الاحداث انتهت، ثم يُقتل 17 آخرون، كم سيكون عدد القتلى اليوم؟ من الواضح اننا بلغنا نقطة سيكون معها اي شيء غير كاف وفات اوانه. لقد فقدنا الثقة".

قرأت هذا الكلام فبدا لي المشهد من تونس الى مصر فليبيا واليمن ودول اخرى عدة لاحقة شبيها بالمشهد السوري الذي بدأ المجتمع الدولي يتخلى عنه بعدما فقد النظام الحاجة التي ابقته دهرا بين أب وابن.
بدا لي المشهد محزنا، اذ هو ابعد من خريف العمر وبدء تساقط اوراق الشجر، فخريف الانظمة مأسوي حقا. صورة الرئيس المصري امام قوس المحكمة مع ولديه، وهو في هذه الحال الصحية الحرجة، وصورة الرئيس اليمني الذي صار لاجئا سياسيا يتسلى والرئيس التونسي في المملكة العربية السعودية، صور لا تشي بمصير افضل للرئيس السوري الذي ما عاد محصنا لا في الداخل ولا في الخارج، على رغم استمرار فئات واسعة في سوريا او في خارجها في الدفاع عنه، إما لمصلحة او تحت الضغط او خوفا من التغيير الذي يرى اليه كثيرون انه المجهول.

ما أود التوقف عنده هو مرض السلطة ، وهو مرض مزمن بات الرؤساء العرب في حاجة الى علاج للشفاء منه، فمهما تعلموا واكملوا الدراسات العليا في شتى المجالات وسافروا في العالم واطلعوا على كل جديد في عالم ديموقراطي افادوا من اجواء الحرية فيه، فإن ورثة الانظمة الحاكمة في عالمنا العربي يتبدلون ساعة يعودون الى اوطانهم الاصلية. ها هو سيف الاسلام القذافي، الذي ترأس جمعيات حقوق الانسان في بلاده واسس لإعلام جديد يخرج من فلك والده، عاد في اللحظة الحرجة ليشبه العقيد القذافي، بل ليزايد عليه في اعتماد العنف وخطاب الكراهية وعدم الاعتراف بحق اساسي من حقوق الانسان وهو الحق في تقرير المصير. لقد كانت اعماله السابقة تلميع صورة الرئيس الآتي، وعندما تحركت الديموقراطية كشّر عن انيابه الديكتاتورية.

ومثله حال الرئيس السوري بشار الاسد الذي رأى فيه كثيرون وجها شابا جديدا عرف الحياة اللندنية، ووجها من وجوه اصلاح لم يتحقق منه شيء، اذ ابقى الحرس القديم بسيئاته وعاد في ساعة الشدة الى طريقة والده في قتل الناس بدل محاورتهم.
هما مرضان يسيطران على الشارع العربي: مرض الكرسي الذي يأبى احد ان يتنازل عنه بل يجدد باستمرار، في انتخابات تزور ارادة الناس، اذ هي دائما "استفتاء" لا يرضى بأقل من 99 في المئة من النتائج. ومرض الديكتاتورية التي غالبا ما تلجأ الى العنف والقتل والسجن والأسر والاتهام بالتعامل، وهي عادات أورثنا إياها النظام السوري وكادت ان تتحول من تراثنا.

السابق
العرب في عيد بلا القذافي
التالي
بؤس يرقص من حولنا إلى يوم الدين