الحياة: سليمان وميقاتي يجنّبان الحكومة أزمة بترحيل إقرار خطة الكهرباء إلى 7 أيلول

تجاوزت الحكومة اللبنانية، بتدخل مباشر من رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي، قطوع أزمة سياسية بسبب الاختلاف على الخطة الرامية لحل أزمة الكهرباء الذي كاد يهدد وحدتها من الداخل، وتم تأجيل جلسة مجلس الوزراء الى السابع من أيلول (سبتمبر) المقبل من دون أن يبادر رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ووزراؤه الى تنفيذ ما توعدوا به لجهة الاستقالة من الحكومة في حال لم يقر المجلس في جلسته أمس المشروع الكهربائي الذي تقدم به وزير الطاقة جبران باسيل.

وعلمت «الحــياة» أن التهديدات التي أطلقها عون ووزراؤه بالاستقالة من الحكومة خلقت جواً من الرعب والتوتر لم يفعل فعله لدى وزراء «جبهة النضال الوطني» (غازي الــعريضي، وائل أبو فاعور وعلاء الدين ترو) الذين أصروا، وبناء لقرار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، على إدخال بعض التعديلات الجوهرية على مشروع الكهرباء أبرزها أن تشرف على إدارة المشروع هيئة برئاسة رئيس الحكومة، فيما اعترض وزراء «تكتل التغيــير والإصلاح» مـــطالبين بأن تكــون برئاسة باسيل، إضافة الى رغبتهم في تنــقية هذا المشــروع من الشـوائب حــماية للحكــومة والـــوزراء.

ووفق المعلومات، فإن مواقف عون من خطة الكهرباء حملت تهديداً بالاستقالة من الحكومة وهذا ما خلق ردَّ فعل لدى جنبلاط الذي غاب منذ منتصف ليل أول من أمس عن السمع بعد أن التقى الوزير نقولا نحاس موفداً من ميقاتي في حضور العريضي وأبو فاعور مؤكداً للأخيرين التمسك بموقف «جبهة النضال» خصوصاً ان استكمال مناقشة الخطة في مجلس الوزراء لا يمكن أن يتم في أجواء من التهديد بالاستقالة من الحكومة بسبب الاختلاف على المشروع الذي أخذ يتعاطى معه عون كمشروع سياسي بامتياز مع انه يتعلق بتباين في وجهة النظر في خصوص أمور تقنية وفنية.

وأكدت مصادر وزارية أن عون «بادر الى التهويل على مجلس الوزراء مستخدماً لغة التهديد والوعيد ومحاولاً أيضاً التعاطي مع فريق من الحكومة على أنه لا يريد تأمين الكهرباء، وصولاً الى وضع مجلس الوزراء أمام خيارين لا ثالث لهما: إما إقرار المشروع كما يريد باسيل أو الاستقالة من الحكومة».

ولفتت المصادر نفسها الى ان وزراء «جبهة النضال الوطني» ظلوا طوال ليل أول من أمس وحتى الدخول الى جلسة مجلس الوزراء على تواصل مع وزراء «حزب الله» وحركة «أمل»، وقالت ان الحزب التقدمي ارتأى في نهاية المطاف التحفظ عن الخطة في حال لم يؤخذ باقتراح الوزراء الرامي الى اسناد رئاسة الهيئة المشرفة على ادارة المشروع الى ميقاتي، على أن يعارضها لاحقاً في البرلمان، خصوصاً ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري ليس في وارد احالته فوراً على الهيئة العامة من دون المرور على اللجان النيابية المشتركة.

وكشفت المصادر عينها ان وزراء «جبهة النضال الوطني» نجحوا في تمرير رسالة لمن يعنيهم الأمر، وبالدرجة الأولى الى عون، مفادها ان «هذا الأسلوب لا يمشي معنا، وادارة الملفات لا تتم بهذه الطريقة، والحوار لا بد منه وإذا تأخر اقراره لا يعني نهاية الدنيا».

وأكدت ان وزراء عون استفادوا من دعم وزراء «حزب الله» لهم، وبدرجة أقل من دعم وزراء «أمل»، وان الوزراء محمد فنيش وحسين الحاج حسن وعلي حسن خليل تولوا الدفاع عن المشروع وأخذوا على عاتقهم أحياناً الإجابة عن تساؤلات الوزراء.

وتابعت ان فنيش تولى شخصياً الإجابة عن أسئلة طرحها رئيس الحكومة وان وزراء «أمل» و «حزب الله» برروا دخولهم على خط النقاش بمنع الانجرار الى احتكاك مباشر بين وزراء «جبهة النضال» وباسيل يمكن ان يتطور الى صدام سياسي.

ورأت ان هؤلاء الوزراء «سعوا الى مراعاة باسيل من أجل خفض منسوب التوــتر السياسي وإعادة الحيوية الى النقاش لــقطع الطريق على اصرار وزراء «تكتل التغيير» على طرح المشروع على التصويت بذريعة ان لديهم الأكثــرية فــي مجلس الوزراء»، مشيرة الى ان عــون ومن معه «كانوا وراء افتعال الأزمة ليأخذوا النقاش الى مكان آخر».

واعتبرت المصادر ان «تراجع عون عن تهديده بالاستقالة يعود الى ان الأخير أعاد تقويم موقف حلفائه الذين لم يترددوا في الوقوف معه ليكون في وسعهم ضبط أي قرار يتخذه ويؤدي الى تهديد مصير الحكومة»، مؤكداً ان «مراعاة الوزير خليل لوزراء «تكتل التغيير» لا تعني بالضرورة أن بري مؤيد للمشروع من دون أي تعديل وهذا ما لاحظه النواب الذين التقوه قبل تأجيل الجلسة النيابية التي كانت مقررة أمس وخرجوا بانطباع انه مع تطبيق القانون أولاً ومن ثم ننظر في التعديلات». وأوضحت: «نأمل أن يكون عون أخذ عبرة من أنه لا يستطيع أن يأخذ البلد رهينة تارة بتهديده بالاستقالة وتارة أخرى بتقديم نفسه على أنه وحده مع التغيير». ورأت أن الرؤساء الثلاثة «يؤيدون إدخال تعديلات على خطة باسيل مع فارق يعود الى ان جنبلاط كان الأجرأ في تحديد موقفه. وفي قول كلمته في التعديلات غير آبه للتهديدات».

لذلك، فإن تأجيل الجلسة، كما تقول مصادر وزارية، «جاء إنقاذاً لعون الذي أحس أمس بأن حلفاءه، أو بعضهم على الأقل، يوفرون له الحماية والغطاء السياسي لبعض الوقت وليس لكل الوقت خصوصاً إذا ما قرر الــخروج من الحــكومة»، مشيرة الى ان «كثيرين شركاء في التهمة التــي وجهها اليهم رئيس تكتل التغيير، وان الحزب التقدمي ذهب في صراحته الى حدود وضع النقاط على الحروف لتبيان الحقيقة».

أعلن سليمان خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء امس في قصر بعبدا، «اتفاق الجميع على مسلَّمتين اثنتين: إيجاد علاج لأزمة الكهرباء عبر خطة متوافق عليها بين الجميع وإبعاد هذا الامر عن التجاذبات والمزايدات السياسية والعمل بموجب مبدأ التضامن الوزاري».

وسبقت جلسة مجلس الوزراء مشاورات تولاها سليمان وميقاتي مع عدد من رؤساء الكتل النيابية المكوِّنة للحكومة.

وأكد ميقاتي المبدأين اللذين تحدث عنها سليمان، واعتبر «أن الايام القليلة المقبلة ستشهد تكثيفاً للمشاورات للوصول الى خلاصة مشتركة حول خطة الكهرباء يجري تبنيها من قبل مجلس الوزراء وإرسالها كمشروع قانون الى المجلس النيابي».

وأعلن وزير الإعلام بالوكالة وائل ابو فاعور بعد الجلسة القصيرة لمجلس الوزراء أنه «اتفق على عقد جلسة للمجلس في 7 أيلول المقبل في قصر بعبدا»، وهنأ «اللبنانيين والمسلمين بشكل خاص بعيد الفطر السعيد».

وعن الإشكالية الاساسية وراء عدم إقرار خطة الكهرباء بصيغتها النهائية، أكد أبو فاعور أنه «لم يطرأ شيء على النقاش الذي حصل بالامس (اول من امس) في جلسة مجلس الوزراء، والقضايا التي عددتها في قصر بيت الدين هي التي اتفق عليها، والقضايا التي بقيت تحتاج الى أن ينجز النقاش حولها من الناحية التقنية، تحديداً فريق العمل هو القضية الاساسية التي حصلت حولها مشاورات اليوم، وأساساً المشاورات لم تتوقف بالأمس واستمرت الى منتصف الليل، للوصول الى تصور مشترك، ولم تفض النقاشات حتى اللحظة الى اتفاق حول هذا الامر، ولكن اهم ما حصل اليوم، أنه جرت إعادة هذا الموضوع الى نصابه وموقعه الصحيح، أي ليست قضية سياسية وليست خلافاً سياسياً، وليست قضية كرامات لهذا الفريق ولذاك، هذه قضية تقنية تناقش في مجلس الوزراء وينظر اليها من هذه الناحية، لكي تستطيع الحكومة أن تتوحد حول مشروع قانون مقنع لجميع اطراف هذه الحكومة يرسل الى المجلس النيابي، وإلا فهذه الحكومة لن تكون قادرة على الدفاع عن هذا المشروع القانون إذا لم يرسل بتفاهم الجميع».

وشدد على ان «ما أفضى الى هذه الخلاصة تخفيف المنسوب السياسي في النقاش حول هذا الامر وسحب المادة السياسية، هذه قضية تقنية».

وعما اذا كان سببُ تأجيل مجلس الوزراء مَنْعَ الوصول الى حائط مسدود، أكد أبو فاعور أنه «كان من الممكن إقرار الخطة اليوم في مجلس الوزراء مع تحفُّظ بعض الوزراء واعتراض بعض آخر، ولكن هذا كان سيفضي الى نتيجة واحدة أننا سنذهب الى المجلس النيابي غير متفقين وبالتالي غير موحدين في الموقف، وبالتالي سيعلق هذا الامر في المجلس النيابي. لذلك، كان هناك اتفاق من الجميع على إعطاء المزيد من الوقت للتشاور من دون حسابات سياسية وكمائن سياسية ونيات سياسية مبيتة لكي يستطيع مجلس الوزراء الوصول الى اتفاق، الجلسة عقدت في التاسعة صباحاً وكانت المشاورات استمرت حتى منتصف ليل أمس، والجلسة النيابية في العاشرة والنصف صباحاً، وحتى لو حصل نقاش كانت هناك استحالة في الوصول الى اتفاق اليوم وإرساله الى المجلس النيابي، لذلك، الجميع صب بعض الماء في نبيذه والجميع تراجع خطوة الى الوراء لإعطاء مزيد من الوقت لنقاش علمي وموضوعي».

«لا عقلية ميليشيوية على الطاولة»

وقيل له ان الوزير شربل نحاس يقول بوجوب العودة الى ذهنية التصويت ونحو الأكثرية وليس ذهنية الميليشيات، فقال: «أنا ناطق باسم الحكومة وليس باسم الوزير شربل نحاس، له الحق في أن يقول ما يشاء، لا أتصور أن هناك عقلية ميليشيوية على الطاولة، النقاش كان تقنياً، وجميعنا حريص على كرامات بعضنا بعضاً، والمسألة ليست مسألة كرامات، نحن حريصون على كرامات الجميع، وفي مقدمهم العماد ميشال عون و «التيار الوطني الحر». النقاش الذي كنا نقوم به لا علاقة له بالسياسة ولا بذهنية فرض أي رأي. والمنطق الذي يجب اعتماده من الجميع هو منطق فتح المجال للنقاش، وليس إما يكون ما نريد او لا تكون حكومة او لا يكون اتفاق».

وعما اذا تحولت خطة الكهرباء الى ما يشبه ملف شهود الزور، أكد أن «بالأمس أقر القسم الاكبر من جدول الاعمال، واليوم كانت الجلسة مخصصة لهذا الامر، لأن هناك جلسة نيابية». وعن اشتراط وزراء «تكتل التغيير والإصلاح» أن لا جلسة من دون اقرار الخطة، قال: «إذا حصل اشتراط مسبق فهذا ليس منطقاً دستورياً، وإذا حصل اشتراط اليوم، فأيضاً هذا ليس منطقاً دستورياً، ما أستطيع تأكيده أنه ليس هناك مناخ من هذا النوع، فكما قلت، أهم ما حصل اليوم سحب الموضوع من التجاذب السياسي، وإعادته الى موقعه الطبيعي، كنقاش حول خطة ستتقدم بها الحكومة، وعندما يحصل ذلك سيكون بمثابة إنجاز كبير لها، لأنها استطاعت أن تخطو الخطوة الاولى على طريق علاج أزمة طويلة الأمد».

وعن قول وزراء أن الجميع متوافق على الخطة إلا النائب وليد جنبلاط، أكد أن «هذا الأمر ليس صحيحاً، هناك ملاحظات من طيف واسع من الوزراء ومن الشخصيات البارزة في الحكومة. وإذا كان لدى وليد جنبلاط اعتراضات فهل هو وجبهة النضال ليسوا شركاء في هذه الحكومة ولهم الحق في إبداء رأيهم، هل الدخول في الحكومة مصادرة لرأينا، وبالتالي نحن إما أن نبصم على كل ما يأتي الى مجلس الوزراء وإلا نكون نحن نعرقل الامور، هذا ليس صحيحاً، ليست هذه هي الذهنية التي يمكن أن يسير بها عمل مجلس الوزراء، وبالحد الادنى ليست هذه الذهنية التي نقبل نحن أن نسير بها».

وأضاف قائلاً: «في الاساس، الملاحظات التي قدمناها كجبهة نضال وطني لا تزال نفسها، وجرى الاتفاق على قضايا وتوضيح أخرى، ولا تزال هناك قضايا عالقة تحتاج الى نقاش، عندما ينجز هذا النقاش نذهب مجتمعين كحكومة بمشروع قانون متوافق عليه الى المجلس النيابي، وإلا تكون الحكومة تحرج نفسها وتضع نفسها في موقف صعب أمام المجلس النيابي».

وقيل له انه وفريقه السياسي كانوا مشاركين في حكومتين سابقتين وجرت الموافقة على خطة الكهرباء والبيان الوزاري يتضمن هذه الخطة، فرد بالقول: «البيان الوزاري جاء على ذكر الخطة، لم يدخل في تفاصيلها، نحن ملتزمون بمبدأ الخطة ولكن لا يستطيع أي طرف أن يقول يجب إقرار هذه الخطة لأنها جاءت في البيان الوزاري. مثلاً، الآن موضوع النسبية ورد في البيان الوزاري، هل الجميع ملتزمون بها، واقتراع المغتربين الذي سحب، هناك الكثير من القضايا التي طرحت في البيان الوزاري، لكنها لم تطرح بتفصيلاتها العملية، هذا لا يعني مصادرة حق الكتل النيابية المكونة للحكومة من النقاش حول أي قضية مطروحة. الأهم أن لا يكون النقاش للعرقلة، ولا للإعاقة وليس بخلفيات سياسية، وهذا ما يحصل حالياً وأتصور أن ما حصل في مجلس الوزراء هو أن كل الاطراف المكونة للحكومة كانت مقتنعة أنه ليست هناك من نيات مبيتة، وسيتم استكمال النقاش وستحصل مشاورات مكثفة بين الكتل وبين الوزراء والجميع منفتح على الوصول الى حل قريب جداً».

ميقاتي بين بعبدا وساحة النجمة

وسبق الجلسة خلوة بين سليمان وميقاتي بحثا خلالها في المستجدات. وبعد الجلسة انتقل ميقاتي من قصر بعبدا الى ساحة النجمة واجتمع مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وسئل ميقاتي عن التضامن الوزاري، فأكد انه «كان كاملاً، وهذا الامر تمثل اليوم بمتابعة البحث في موضوع الكهرباء، وكل ما سمعناه في الاعلام أُزيل اليوم وكانت الاجواء «منيحة». وأكد ان «الحكومة وجدت لخدمة الناس وطالما هي تقوم بهذه الخدمة تكون موجودة».

السابق
سامي الجميل تقدم بإقتراح قانون عفو عن اللبنانيين اللاجئين إلى اسرائيل
التالي
النهار: معارك في طرابلس ومكافأة لاعتقال القذافي قوات خاصة اجنبية وعربية ساعدت الثوار