النهار: القرار الاتهامي يكشف الجزء الأكبر من “مؤامرة مجموعة الاغتيال” وسجال بين الحريري ونصرالله حول ارتباط المتهمين بالحزب

بدا طبيعياً ان يحتل نشر الجزء الاكبر من القرار الاتهامي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري والشهداء الـ22 الآخرين أمس صدارة الاحداث الاستثنائية وان يتقدم حتى التطورات المتصلة بالازمة السورية.
ذلك ان رفع المحكمة الخاصة بلبنان السرية عن الجزء الاكبر من نص القرار، طبقاً لما اوردته "النهار" أمس، شكل الخطوة المنتظرة منذ انشاء المحكمة قبل اربع سنوات لكشف اسرار الاغتيال المدوي ووقائعه من جهة ومعاينة مستوى مهنية المحكمة المرصودة بدقة لدى مؤيديها ومعارضيها في آن واحد من جهة اخرى. ومع ان "قصة" الاغتيال في القرار تركت اجزاء قليلة اخرى طي الكتمان فان ما كشفه الجزء الذي رفعت عنه السرية بدا كافيا بذاته لاستعادة فصول ما وصفه القرار بـ"مؤامرة" الاغتيال التي اتسمت وفق الوقائع التي اوردها الادعاء باحتراف مذهل.
هذا البعد المتصل بسرد الوقائع الدراماتيكية للجريمة حصره القرار الاتهامي في المتهمين الاربعة مصطفى امين بدر الدين وسليم جميل عياش وحسين حسن عنيسي واسد حسن صبرا الى "مجهولين" آخرين مثبتا بذلك ان الادعاء اراد حصر الجزء المصرح بكشفه بالمتهمين الاربعة ومجريات اتهامهم استنادا الى الادلة الظرفية خصوصا ولا سيما منها الاتصالات الهاتفية الخليوية التي اضطلعت بالدور الاول في تعقب الحريري وتنفيذ الجريمة. ولم يتضمن القرار أي توسيع علني آخر للاتهام الذي اعتبر قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرنسين انه قدم "ادلة كافية بصورة اولية للانتقال الى مرحلة المحاكمة". لكنه اضاف ان "ذلك لا يعني ان المتهمين مسؤولون بل يبين فقط توافر مواد كافية لمحاكمتهم وعلى المدعي العام ان يثبت اثناء المحاكمة ان المتهمين مسؤولون من دون ادنى شك معقول".
وقالت مصادر حقوقية بارزة لـ"النهار" ان نص القرار الاتهامي الذي نشرته المحكمة يعتبر الخطوة الاكثر تقدما على صعيد اثبات صدقيتها في المضي بمهمتها الآيلة الى وضع حد للافلات من العقاب. ولفتت الى ان هذا النص وضع "بشكل جراحي" اذ حصر الوقائع بخلاصة التحقيقات المتصلة بعمل المجموعة المتهمة بالاغتيال، حتى ان النص لفت الى ان المتهمين الاربعة هم "مناصرون لحزب الله" واستنادا الى انهم تدربوا لدى الجناح العسكري للحزب "لديهم القدرة على تنفيذ اعتداء ارهابي بغض النظر عما اذا كان هذا الاعتداء لحسابه (الحزب) ام لا". النص الكامل للقرار الاتهامي ص 7 – 8 – 9 – 10). واعتبرت المصادر ان مضمون القرار يثبت ان الاتهامات محصورة بالافراد وليس بجماعات وان يكن لا يبرّئ ولا يجرّم او يتهم اي طرف في سياق سرده للوقائع وخصوصاً مع لحظه وجود متهمين مجهولين آخرين، وهذا يعني ان الباب لا يزال مفتوحاً على صدور موجة اخرى من الاتهامات.

الحريري
اما في سياق الاصداء الفورية التي اثارها نشر القرار، فكان رد الفعل البارز الاول للرئيس سعد الحريري الذي قال ان "شمس الحقيقة والعدالة بدأت تشرق على لبنان وما من شيء سيكون قادراً على تعطيل هذا الفجر الجديد مهما بلغ حجم التهويل والتهديد". واعلن انه "يتطلع الى موقف تاريخي من قيادة حزب الله ومن السيد حسن نصرالله خصوصاً لوضع حد لسياسات الهروب الى الامام". ودعا قيادة الحزب الى "اعلان فك الارتباط بينها وبين المتهمين وهذا موقف سيسجله التاريخ والعرب وجميع اللبنانيين للحزب وقيادته".

نصرالله
في المقابل، جاء الموقف الاولي للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله من القرار الاتهامي مطابقاً لما دأب على التعبير عنه من مواقف من المحكمة، فخلص الى ان صدوره "يؤكد صحة ما قلناه خلال الاشهر الماضية من ان التحقيق غير شفاف وتم تسريبه في "درشبيغل" وصحف اخرى عربية واسرائيلية والتلفزيون الكندي". واضاف: "لا يوجد اي دليل مباشر في النص كله والامر الوحيد الذي يستند اليه القرار الاتهامي هو الاتصالات الهاتفية ويتحدث عن تزامنات وبعض التحليلات (…) وما ذكر لا يكفي ان يكون دليلاً". واكد ان القرار "يزيدنا اقتناعاً بأن ما يجري هو على درجة عالية جداً من الظلم والتسييس وان هؤلاء المقاومين الشرفاء لا يجوز ان يُقال عنهم حتى انهم متهمون".

ميقاتي
اما على الصعيد الحكومي، فأعلن رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في كلمة ألقاها في افطار تكريمي مساء للرئيس الفلسطيني محمود عباس ان "الحكومة التي التزمت في بيانها الوزاري احترام القرارات الدولية مستمرة في هذا الالتزام ولا سيما في ما خصّ عمل المحكمة الخاصة بلبنان والقضاء الدولي الذي نشر اليوم (امس) القرار الاتهامي (…) وهي خطوة متوقعة". ودعا الى "التعامل مع هذه المستجدات بوعي وحسّ عميق بالمسؤولية الوطنية"، آملاً في "ان يتمكن التحقيق الدولي من جلاء الحقيقة كاملة احقاقاً للحق والعدالة مع الحفاظ على استقرار لبنان ووحدته واستتباب الأمن فيه".

وليلاً قالت مصادر بارزة في قوى 14 آذار ان موقف السيد نصرالله "جاء بعد بيان الرئيس الحريري وبيان الامانة العامة لقوى 14 آذار ليقفل الباب على كل تعاون مع المحكمة الدولية". واضافت انه "بناء على ذلك ستنتقل 14 آذار الى موقف هجومي لفرض امر واقع سياسي ومواجهة استمرار "حزب الله" في سياسته هذه وخصوصاً بعدما حاول السيد نصرالله تخطي الامر من خلال حديثه عن لاسا والجبل وحادث انطلياس بتفسيرات معلومة الأهداف".

السابق
البناء: الإيعاز الخارجي صدر.. فنشرت المحكمة قرارها المسيَّس ونصر اللّه: ستبقى المقاومة أكبر من الفتنة والمظلومية والاتهام
التالي
اللواء: لمحكمة تنشر قرار اتهام 4 من حزب الله بجريمة الحريري