ربتلاتين ومركبا والقنيطرة وبني حيّان: قرى شبه مهجورة بلا متاجر ولا مطاعم ولا أماكن عامة

تبدو بعض قرى مرجعيون كما لو أنّها أماكن مخصّصة لاقامة المتقاعدين وكبار السنّ، الذين لا قدرة لهم على العمل، رغم ظاهرة انتشار المنازل وورش البناء الحديثة، وخصوص مع اقتراب فصل الخريف، حين يعود المصطافون القلائل الى مراكز عملهم في المدن وبلاد المهجر. واللاّفت هو خلوّ تلك القرى من المحال التجارية الواسعة، وعدم وجود أنواع كثيرة من المؤسسات اللاّزمة لتأمين حاجة الأهالي من الأطعمة ومواد البناء والأدوات المنزلية وغيرها. ورغم حلول شهر الصوم، الذي تكثر خلاله تجارة المواد الغذائية، وخصوصاً الحلويات واللّحوم والخضر والمناقيش والـ"بقعات" (نوع من الخبز)، فإن بعض هذه القرى لا نجد فيها هذا النوع من التجارة. تقول أم علي بركات، من بلدة ربّ تلاتين: "نضطرّ يومياً الى الانتقال الى بلدة العديسة، وأحياناً نقصد سوق الأربعاء في بلدة الطيبة، لشراء حاجياتنا من اللّحوم والخضار وغيرها، وفي شهر رمضان تزداد الحاجة اليومية الى شراء المواد التموينية والحلويات وغيرها". وفي بلدة مركبا يتجمّع العديد من كبار السنّ قرب محلّ الخضر الوحيد في البلدة، ينتظرون حلول موعد الأفطار: "البلدة لا تقع على الشارع العام الرئيسي للمنطقة، وعدد المقيمين فيها قليل جدّاً نسبة الى عدد أبناء البلدة النازحون والمغتربون، فلا يقيم هنا أكثر من 800 نسمة من أصل حوالي 13000، ومعظمهم من الفقراء وكبار السنّ والمتقاعدين، وهذا لا يشجّع الأهالي على فتح المحال التجارية لقلّة الزبائن"، يقول محمد سعيد حيدر (75 عاما)، ويبيّن أنّ "البلدة فيها ملحمة تفتح يوم السبت فقط، ولا محلاّت لبيع الدجاج والحلويات والمناقيش وغيرها، لذلك نضظرّ للذهاب الى بلدة العديسة أو كفركلا، وأحياناً نوصي احد أبناء البلدة بأن يشتري لنا ما نحتاج اليه أثناء خروجه بسيارته من البلدة".

وبعض الأهالي ينتظرون مجيء البائعين المتجوّلين الى البلدة لشراء حاجاتهم، فتقول ضويّة يونس: "لا نستطيع، بسبب المرض، أنا وزوجي، الانتقال الى البلدات الأخرى لشراء ما نحتاج اليه، لذلك نعتمد على التموين المنزلي من الحبوب أو ننتظر البائعين المتجوّلين لشراء الدجاج والخضار وغيرها". وتشتهي ضويّة يونس المناقيش والـ"بقعات" والحلويات وطعام المطاعم: "أضطرّ أحياناً الى خبز المناقيش على الحطب، امّا طعام المطاعم والحلويات فقد تمرّ شهور دون أن نذوق أيّا منه". ويعتبر فؤاد مسلماني أن "بلداتنا هذه أصبحت مساكن للمقعدين والمتقاعدين، لكنّنا هنا نعيش كأسرة واحدة نساعد بعضنا البعض على تحمّل الأيّام المرّة". ويطالب "بضرورة إنشاء المعامل والمصانع لتشجيع الأهالي على العودة الى قراهم وتأمين متطلّبات العيش الكريم، فلا يوجد في منطقة مرجعيون كلّها فرن اوتوماتيكي يخبز الخبز، ففي حرب تمّوز سرعان ما انقطعنا من الخبز بسبب انقطاع الطرق".

لا أثر لوجود المحال التجاريّة

تعاني مثلاً بلدات ربّ تلاتين وبني حيّان والقنطرة وطلّوسة من ندرة المحال التجارية، باستثناء الدكاكين الصغيرة التي تلبّي بعض حاجات الأهالي من المواد التموينية. ففي بلدة ربّ تلاتين لا يوجد الاّ دكّان صغير بداخله بعض المعلبّات والعصائر وعلب السجّائر وغيرها. فيضطرّ أبناء البلدة المقيمين (حوالي 500 نسمة) للإنتقال الى بلدة العديسة القريبة التي تنتشر فيها أغلب أنواع المحال التجارية، لشراء حاجاتهم من اللّحوم والحلويات والأدوات المنزلية وغيرها. وكذلك الحال في بلدتي بني حيّان (يوجد دكّانين صغيرين) وطلّوسة (ثلاثة دكاكين) والقنطرة (3 دكاكين). أمّا المطاعم وأماكن السهر فلا وجود لها على الإطلاق في هذه القرى: "لا يوجد ايّ مكان عام أو مطعم أو منتزه قريب من قرانا، ففي ساعات الليل الطويلة تبدو المنطقة مظلمة وغير مأهولة، باستثناء بعض الصبية الذين يجدون من الطرقات العامّة ملاذهم الوحيد لقضاء سهراتهم القصيرة"، يقول فؤاد مسلماني.

السابق
كيف رد الأسد على رسائل الضغوط الخارجية
التالي
اللواء: المجلس الأعلى للدفاع يجتمع برئاسة رئيس الجمهورية: تشديد على منع تهريب السلاح وتمتين التعاون مع اليونيفل