المحضر السري 4: لست مرتاحاً لاجتماعك مع الأسد

في الحلقة الرابعة من المحضر السرّي للقاء الأخير الذي عقد بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري ووزير الخارجية السورية وليد المعلم في قريطم قبيل استشهاده في العام 2005، لم يخفِ المعلم عدم ارتياحه إلى "الفجوة" بين الرئيس الأسد وبين الحريري، وعدم استعداده لترتيب لقاء بينهما لحلّ الأمور قائلا: "لا أرى أنّ الأرضية صالحة لدى الجانبين ولن أجازف باجتماع بينكما".من جهته فتح الحريري قلبه وقال: أنتم تنسفون الطائف. وصار "تلات رباعي بالمعارضة" بسبب تصرفاتكم. ورفع صوته بكل جرأة على ارتكابات المسؤولين السوريين في لبنان في تلك الفترة وقال: إمّا أن تنسحبوا من البقاع أو تطبّقوا القرار 1559 وتخرجوا من لبنان.بكلمة واحدة اختصر معاناته قائلا: "لم أعد أحتمل".هنا المزيد من التفاصيل.

الحريري: إذا اعتمدت المحافظة فلن تكون مقسّمة إلى خمسة، سيقسم كل من الجنوب والبقاع والشمال والجبل إلى محافظتين، وبيروت تبقى وحدها، وهذا يعني تطبيق اتفاق الطائف، فوجودك السياسي في البلد مبنيّ على الطائف، الوجود العسكري مبنيّ على الطائف، الاتفاقات المبرمة بين بلدينا مبنية على الطائف، ماذا تفعل، أنت تنسف الطائف الذي أنت موجود بموجبه. ما يطرح اليوم أمران، أن تنسحب من البقاع أو أن تطبق القرار 1559 وتخرج من البلد، اتفاق الطائف ينص على أن تنسحبوا من البقاع وأنتم تقريبا انسحبتم منه وبقيت أماكن قليلة.

هل تعلم ماذا قال نسيب لحود، طالب بتطبيق القرار 1559. "ما تنغش" ما أقوله لك هنا أقوله في الخارج. ذهب سليمان فرنجية إلى البطريرك عشرين مرة والناس "رايحة جاية"، كذلك أحرجونا نحن، فاضطررت نتيجة هذا الوضع أن أذهب إليه (البطريرك). إذا تقدمت الحكومة اللبنانية بمشروع قانون إلى المجلس النيابي على أساس القضاء، هذا يعني أنّ سوريا موافقة، ونحن سنؤيّده، فلماذا سأظهر بالتالي أمام المسيحيين على أنني أنا الوحيد ضدهم.

المعلّم: نبيه برّي قال لي اليوم إن من المستحيل أن نقبل بالقضاء، ونريد إلغاء الطائفية السياسية…

الحريري: معه حق، على رغم أنني لا أتحدث معه، فالأمور بيننا "مش كويسة". سليمان فرنجية شتم رفيق الحريري على التلفاز بسبب موضوع القضاء، ولو كانت المحافظة لما "استرجا يحكي كلمة عنّي"، وأرسى جوا طائفيا في البلد. أما في المحافظة فهو مضطر إلى مسايرة المسلمين حتى يصوتوا له. والمسلم عمر كرامي لا يمكن أن يقول كلاما طائفيا لأنه يحتاج إلى أصوات المسيحيين. القضاء يدفع الناس إلى الحديث طائفيا ومذهبيا، أما المحافظة فتجبر "العفاريت يصيرو أوادم"، وإلا لن يُنتخبوا. الأرض في بشرّي ضد المسلمين وجماعة "القوات" لأنّ الانتخابات تجرى على أساس محافظة أو دوائر مسيحية – إسلامية، يقولون كلاما "من أحلى ما يكون"، "بكرا خلّي يطلعولك اتنين من بشري على أساس القضاء، هناك رأس حربة البترون، بشري، الكورة "شو الله جابركن؟"

المعلم: والله أنا لم أتدخل.

الحريري: أنت لم تتدخل، ولن يكون لديكم أكثرية، وأنا قلت لرستم، مهما بلغ الأمر بيني وبينكم، أنا حريص على سوريا لكنكم لا تصدقون هذا الكلام. القضاء هو القضاء على سوريا في لبنان والمحافظة هي المحافظة على سوريا في لبنان. والحصّ ماذا يقول لك؟

المعلم: الكلام نفسه.

الحريري: أنا، سليم "ما بيطيق خيالي ولا بطيق خيالو"، أليس عجيبا أننا متفقان على الموضوع نفسه. إذا صدرت أصوات معترضة سنقول إن المحافظة تعني التمسك باتفاق الطائف، المحافظة خيار استراتيجي، والتقسيم حاضر ويبقى فقط أن تقسموا الجبل إلى اثنين.

المعلّم: ألا يؤثر الجبل فيكم؟

الحريري: كلا لا يؤثر، ووليد جنبلاط لن يقول شيئا بالعكس.

المعلّم: لقد تخمّرت الآن وأنا ثقتي بك كبيرة.

الحريري: وليد، أنا لست ضد سوريا ولا أغشّها، ولا أغشّك أنت تحديدا.

المعلّم: يجب أن ننتبه إلى ما يجري في العراق، السنّة ليس لهم إلا سوريا.

الحريري: "ما فارقة معي لا سنّة ولا شيعة". وضعوا في رأس بشار أنني أنا عصب السنّة في لبنان، لقد استدعيت المشايخ السنّة في عكار وقلت لهم إن مرجعيتكم هي رئاسة الحكومة، وأنا رئيس الحكومة، أخرجوا

من هذه "الخزعبلات"، لا مصلحة للمسلمين بالتطرف، فكتبوا تقريرا يقول إنني أنظّم تجمعا سريا في البلد. ما المطلوب مني؟

المعلّم: أنا لست مرتاحا إلى الفجوة بينك وبين الرئيس (الأسد)، وهذا الأمر يؤدّي إلى أخطاء، أنت من جهتك، تأخذ ردود فعل لأنك لا تفهم لماذا يحصل ما يحصل.

الحريري: أنا أعرف ماذا يحصل. أنا لا أستطيع العيش ضمن نظام أمني متخصص بالتشويش على رفيق الحريري ويكتب تقارير لبشار الأسد ويصدّقها. وأنا لا أعرف مضمون هذه التقارير لأردّ عليها.

المعلّم: سأبلغ إلى الرئيس هذا الكلام.

الحريري: هذا الكلام سيحاسبني الله عليه يوم القيامة، عيب القول إن الحريري جزء من مؤامرة. حتى اليوم، وقبل قليل علمت من الإسبان أنهم سيضعون حزب الله على لائحة الإرهاب. هل تعلم من يمنعهم؟ الفرنسيون. هل تعلم من يمنع الفرنسيين؟ أنا. لماذا؟ فأنا مختلف معكم ويمكن أن يستعملوا حزب الله ضدي، "مش طمعان بهدية". النواب المحسوبون عليكم في الكتلة "شحطتن"، أريد أن آتي بنواب لي، أنا معك، ماذا تريد من هذا الأسلوب… لا يمكننا العمل بهذا الأسلوب. هل تريدني أو تريد عدنان عرقجي وباسم يموت؟

المعلّم: هو يريد الجميع.

الحريري: يريد الجميع، ليتكلم معي، فأنا معك ومهما حصل لن أكون ضدك. يمكن أن لا أكون معك بمعنى أن أرضخ للأمر، لم أعد أحتمل الأمر يا وليد. قد أقبل أن يواجهني أحد أفهم منّي، لكن لماذا أقبل أن يتكلم معي "حدا مش قابضو" كلاما "ما بيسوا". أي لقاء غير معد له في الشكل المناسب سيكون كارثة.

المعلّم: أنا لا أريد أن أجازف قبل أن أعرف جواب الرئيس.

الحريري: صار "تلات رباعي بالمعارضة" بسبب التصرفات تجاهي وكل الأجوبة التي أسمعها تقول إن سوريا شطبت الحريري. لقد أتى أبو عبدو إليّ برسالة "طيبة جدا" نتيجتها تقول إنّ "القانون بجيبتك"، كيف ذلك ويكون القانون ضدي؟ ما العلاقة بين الكلام الذي أسمعه هنا والكلام النابي والفعل الذي أراه؟

المعلّم: إذا لم أرَ أن الأرضية صالحة لدى الجانبين، لن أجازف باجتماع.

الحريري: ما في داعي لاجتماعات، لتبقَ الاجتماعات بيني وبينك، "سماع من دقني"، نحن نريدك أن تنجح، من المبكر الكلام عن القضايا الباقية، ليقرّر ماذا يريد. هناك موضوع الوجود السوري في لبنان، مكاتب المخابرات وتنفيذ اتفاق الطائف والقرار 1559. هناك القرار 242 وشنت حرب العراق وبعدها 600 و700 و1000 قرار وافقتم عليها وأيدتموها بالإجماع ولم تنفَّذ. أنا لا أقول لك أن لا تتحدث بهذه الأمور، لكن الحديث بها لا يعني أنها حلت. يجب وضع خطة مبرمجة نتفق عليها جميعا، لكن بدلا من ذلك "ما حدا بيحكي مع حدا ومنتجسّس على بعضنا". سأخبرك أمرا وانقله إلى الرئيس فقط دون غيره: لقد حدثني حسني مبارك منذ فترة وطلب مساعدتي في مبادرة يريد أن يقودها بين فرنسا وسوريا، قلت له "من هالعين قبل هالعين".

وقبل أن يحضر بشار إلى شرم الشيخ، قال لي إنني سأقابل بشار لتحسين العلاقة فلا يجوز أن تبقى العلاقة بين سوريا وفرنسا على هذا الشكل، لكن قبل أن أبادر بالحديث أريد أن أعرف هل أنت مستعد لمساعدتي؟ فأجبته: لا أرفض أي أمر يخدم سوريا، وأنا حاضر لأي أمر تراه مناسبا. والله لم أطلب منه، هو من اتصل وطلب مني الحضور، فذهبت وجلست معه ساعة. ومنذ فترة أيضا أرسل في طلبي ووضعني في صورة ما حصل بينه وبين بشار، وان الأمور لم تصل إلى نتيجة حتى اللحظة واتفقنا أن نبقى على تواصل.

أنت تعرف طبعا أن هناك ارتكابات كبيرة في البلد على كل المستويات، ولا مصلحة لكم بهذا الأمر. يمكن أن يكون الكلام كاذبا أو ملفقا، لكن لا دخان من دون نار.

المعلّم: أنا أتمنّى أن أكون رسولك، هل تريد أن نتراسل من دون إعلام وضجة؟

الحريري: أرقامي موجودة في الخارجية. ويمكن أن تتصل بي عن طريق منزلي في الشام.

الحريري: أنت تنسف الطائف الذي أنت موجود بموجبه

الحريري: المحافظة تُجبر "العفاريت يصيروا أوادم"

الحريري: لا أستطيع العيش ضمن نظام أمني متخصص بالتشويش على رفيق الحريري

المعلّم: أنا لست مرتاحاً إلى الفجوة بينك وبين الأسد

السابق
الرئيس نبيه بري عرض مع ألبير منصور قانون الانتخاب
التالي
مروان حمادة بعد لقائه وفد المحكمة الدولية: لا استجواب بل تبليغ والتحقيق تقدم بشكل ملموس جدا