السفير: تركيا ترحّب بانسحاب حماه وتتوقع انتهاء كل شيء خلال أسبوعين

رحبت تركيا بانسحاب الجيش السوري من مدينة حماه معتبرة أن ذلك كان نتيجة «مبادرتها»، فيما تحدث رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان عما يشبه المهلة لتحقق المطالب الديموقراطية في سوريا بفترة ما بين 10 إلى 15 يوما. أما واشنطن، فصعدّت موقفها من دمشق، وفرضت عقوبات جديدة على المصرف التجاري السوري، وفرعه اللبناني، وشركة الهواتف المحمولة «سيرياتيل»، في ظل أنباء عن اتجاه واشنطن نحو دعوة الرئيس السوري رسميا إلى التنحي، وتفعيلها أدوات ضغطها في مجلس الأمن الدولي بغية إدانة سوريا.

وفيما غادرت عشرات من آليات نقل الجنود مدينة حماه، كما انسحبت قوات الجيش السوري من إدلب، قتل 18 مدنيا على الاقل بينهم 17 في مدينة حمص في وسط البلاد بحسب ما قال ناشطون خصوصا في حي بابا عمرو حيث سقط 11 قتيلا وفي حي الإنشاءات حيث قتل ستة اشخاص برصاص الامن. وقال ناشط ان «نحو عشرين جنديا ومدرعتين تقدموا داخل المدينة وإن قوات الامن اطلقت النار على الناس».

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان امراة قتلت وأصيب ثلاثة اشخاص بجروح في عملية امنية في سرمين، في محافظة ادلب. ولاحقا اعلن مصدر عسكري سوري بدء انسحاب الجيش السوري من محافظة ادلب، في شمالي غربي سوريا.

من جهة اخرى، اكد المرصد ان مدينة دير الزور اصبحت تحت سيطرة دبابات الجيش السوري. وأضاف ان «الدبابات والمدرعات العسكرية وسيارات الأمن سيطرت على احياء دير الزور». وتحدث عن «استمرار القصف بالرشاشات الثقيلة في حيي الموظفين والمطار وإحراق بعض المنازل والدراجات النارية من اجل ترهيب الناس». كما أشار الى «انتشار للقناصة على أسطح المباني المرتفعة». وأكد المرصد السوري ان «الاجهزة الامنية تنفذ (الاربعاء) حملة مداهمات واسعة واعتقالات في معظم احياء المدينة»، مشيرا الى «اعتقال نحو ستين شخصا حتى الآن». وأكد ناشط في المدينة ان «هناك قوائم لمطلوبين تشمل نشطاء الحراك الشعبي».

التعديلات الدستورية
في المقابل، جاء في بيان اصدرته بعثات جنوب افريقيا والبرازيل والهند في الامم المتحدة ان وفدا من البلدان الثلاثة ضمّ ابراهيم ابراهيم وباولو كورديرو وديليب سينها، التقى الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، وأنه خلال الاجتماع «أقر الاسد بأن قوات الامن (السورية) ارتكبت بعض الاخطاء في المراحل الاولى من الاضطرابات، وأن الجهود تبذل للحيلولة دون تكرارها». وجاء في البيان ان الرئيس السوري أكد كذلك على «التزامه بعملية الاصلاح التي تهدف الى البدء بديموقراطية متعددة الاحزاب». وتابع «قال الاسد انه يتم وضع اللمسات النهائية على الاصلاحات السياسية بالتشاور مع الشعب السوري، وإن الحوار الوطني سيتواصل لصياغة القوانين الجديدة والتوصل الى نموذج مناسب للاقتصاد». ونقل عن الاسد قوله ان التعديلات الدستورية ستكتمل بحلول فترة شباط وآذار 2012.

ونقل البيان عن وزير الخارجية السوري وليد المعلم قوله ان «سوريا ستكون ديموقراطية حرة ومتعددة قبل نهاية العام». وبحسب وكالة «سانا» السورية للانباء «شرح الوزير للوفد الأوضاع التي شهدتها بعض المدن السورية نتيجة قيام مجموعات مسلحة بالقتل والتخريب موضحا أن وحدات من الجيش العربي السوري أعادت الأمن والاستقرار إلى تلك المدن وبدأت صباح اليوم مغادرة حماه وأن مراسلي وكالات الأنباء ذهبوا لمشاهدة الوضع هناك». وأضاف المعلم «أن سوريا مصممة على الحوار الوطني وتنفيذ حزمة الاصلاحات التي أعلن عنها السيد الرئيس بشار الأسد بتاريخ 20 حزيران الماضي».

كما بين الوزير للوفد «ان ما تتعرض له سوريا من تدخلات خارجية وتحريض إعلامي واسع يهدف للضغط على قرارها السياسي المستقل الذي يقف حائلا في تحقيق أجندات خارجية». وقد ثمن الوزير مواقف الهند والبرازيل وجنوب افريقيا ولبنان وروسيا والصين «التي وقفت في وجه الحملة التي تستهدف سوريا في مجلس الأمن هذه الحملة التي لم تأخذ بالمعلومات والوقائع التي قدمتها سوريا المعنية والمسؤولة أولا وآخرا عن أمن واستقرار شعب سوريا وسلامة أرضه ومؤسساته».

الموقف التركي
وفي انقرة، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ان السفير التركي في سوريا زار الاربعاء مدينة حماه (وسط) حيث شاهد بدء انسحاب الجيش السوري منها. وأقام اردوغان رابطا بين انسحاب القوات وزيارة وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو أول من امس الى دمشق. وأضاف «انه بالطبع امر مهم جدا بالنسبة الى النتائج الايجابية للمبادرة (التركية)». ودعا اردوغان سوريا الى بدء الاصلاحات من دون ابطاء. وقال «نأمل ان ينتهي كل شيء في غضون 10 الى 15 يوما وأن تخطو سوريا خطوات نحو تطبيق الاصلاحات». وأشار أردوغان إلى أنه «في سوريا .. الدولة تصوب المدافع على أبناء الشعب. رسالة تركيا إلى الأسد واضحة جدا: أوقفوا كل أشكال العنف وإراقة الدماء».

وفي تصريح للصحافيين، قال داود اوغلو ان السفير عمر اونهون تحدث مع اهالي حماه بعد لقائه مع مسؤولين في المدينة. وأكد داود اوغلو ان زيارة الصحافيين والسفير التركي الى حماه تم الاتفاق عليها خلال اللقاء الذي عقده مع الرئيس السوري بشار الاسد.

وقال داود اوغلو «بعد اجتماعات مع محافظ حماه ومسؤولين آخرين، من المهم القول ان سفيرنا زار حماه شخصيا وأتيحت له فرصة التواصل مع الناس مباشرة والسير في شوارع حماة وأداء صلاة الظهر في مسجد بحماه مع السوريين. وأبلغ ان الدبابات تغادر حماه وأن الاسلحة الثقيلة لم تعد موجودة»، مضيفاً «ليس هناك تكديس للسلاح في حماه او في محيطها. هناك بعض نقاط السيطرة الامنية خارج حماه لكن ليس على شكل انتشار مركز للأسلحة الثقيلة… سنواصل مراقبة التطورات عن كثب».

وأضاف داود أوغلو أنه تحدث إلى نظرائه في البرازيل وألمانيا والولايات المتحدة في ما يتعلق بالموقف في سوريا وأنه ينوي الاتصال بالأمين العام لجامعة الدول العربية.
وحث داود اوغلو في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، الذي يزور تركيا، الحكومة السورية على إجراء حوار مع كل قطاعات المجتمع السوري. وسئل عمرو عما اذا كانت مصر ستسحب سفيرها من سوريا كما فعلت السعودية ودول خليجية أخرى فقال إن القاهرة دعت السوريين إلى الجلوس إلى طاولة الحوار وإلى الكف عن إراقة الدماء على الفور، مشيراً إلى ان مصر تراقب التطورات عن كثب، وأن تصرفها سيعتمد على التطورات المستقبلية رافضا فكرة تدويل النزاع في سوريا

تصعيد أميركي مضطرد
وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس إن الولايات المتحدة لديها أدلة على وقوع «جرائم» في سوريا، وهي مستعدة «لتقاسمها مع أي جهة مخولة إجراء تحقيق»، من دون ان تحدد طبيعة هذه «الجرائم» ومرتكبيها، كما أنها لم تستبعد احتمال إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، لكنها أوضحت أن «ذلك يتطلب موافقة مجلس الأمن».

وأشارت إلى أن «ثمة أفكارا تجري مناقشتها والتشاور بشأنها على طاولة المجلس من بينها إرسال مبعوث دولي إلى سوريا، وذلك على غرار المبعوث الدولي الخاص بليبيا عبد الإله الخطيب». وأعربت عن شعور واشنطن بالإحباط إزاء عرقلة السلطات السورية لأعمال لجنة الأمم المتحدة التي تم تشكيلها مؤخرا للتعرف على الأوضاع الإنسانية في المدن السورية.

ولفتت رايس إلى انه «سيتم القيام بالمزيد من التحركات الدولية ضد الأسد الذي «فقد شرعيته في الحكم»، موضحة أنه «من وجهة النظر الأميركية، فإننا سنواصل وسنزيد الضغوط سواء من جانبنا بواسطة عقوبات جديدة، أو من خلال تحركات منسقة مع شركائنا هنا في نيويورك وفي العالم». وتابعت «لا أود التكهن بما سيكون عليه رد المجلس في المستقبل تحديدا… أعتقد ان الأعضاء تأثروا بما شاهدوه مؤخراً»، معتبرة أن «الوقت قد حان ليقدم جميع أعضاء المجلس مصالح الشعب السوري على المسائل أو المصالح الثنائية الخاصة ويضعوها نصب تحركاتهم».

وتمسك البيت الأبيض، أمس، باللهجة ذاتها التي تبناها تجاه دمشق الأسبوع الماضي، إذ اعتبر أن سوريا ستكون «مكانا أفضل» من دون الأسد الذي «فقد شرعيته». وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن «أهم شيء يمكن ان نفعله الآن هو ضمان ان تدعم أفعالنا أقوالنا»، معتبراً «الانتقال الديموقراطي سيكون أفضل لسوريا والمنطقة والعالم، ونعتزم مساعدة الشعب السوري على الحصول على الكرامة والحرية التي يطالب بها والتي قتل من أجلها الكثيرون».
وأضاف «سنواصل ذلك الضغط، وسنعمل وننسق مع شركائها الدوليين»، مشيراً إلى أن «تزايد عزلة سوريا ليس وليدة الصدفة» بل هو نتيجة دبلوماسية أميركية.

بدورها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نيولاند إن الزخم الدولي يتزايد ضد ما يجري في سوريا. وأشارت إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أجرت مؤخرا العديد من الاتصالات الهاتفية، وخصوصاً مع داود أوغلو. وأعربت نيولاند عن اعتقادها بأن الدول لديها استعداد للحديث مع سوريا بشأن ما تقوم به، وأن الاتصالات الدبلوماسية القوية من جانب الولايات المتحدة قد أثمرت عن تحرك الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، كما أن السعودية والبحرين والكويت ودولاً أخرى تتخذ مواقف متزايدة القوة، ما يوضح أن المجتمع الدولي يعتبر ما يجرى في سوريا غير مقبول على الإطلاق.
وكانت شبكة «سي أن أن» نقلت عن مصادر اميركية مطلعة أن إدارة الرئيس باراك أوباما تتجه، خلال الأيام القليلة المقبلة، نحو استصدار دعوة صريحة للرئيس السوري للتنحي.

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، أمس، عقوبات على المصرف التجاري السوري، اكبر مصارف سوريا المملوك للدولة، لاتهامه بتقديم خدمات مالية لكوريا الشمالية.
وتتضمن هذه العقوبات تجميد أي أصول قد يكون المصرف يملكها في الولايات المتحدة، ومنع الشركات الأميركية والرعايا الأميركيين من التعامل معه، كما تستهدف أيضاً المصرف التجاري السوري اللبناني، أحد فروع المصرف التجاري السوري.

وأشارت وزارة الخزانة إلى أن مصرف «تانشون» الكوري الشمالي الذي يعتبر الذراع المالي لشركة الأسلحة التابعة لنظام كوريا الشمالية، كان لديه حساب في المصرف التجاري السوري. كما اتهمت المصرف السوري الذي يملك حوالى خمسين فرعا بتمويل مركز أبحاث في دمشق «يراقب منشآت إنتاج صواريخ سورية ويشرف على المنشآت المخصصة لتطوير الأسلحة غير التقليدية السورية».

كما فرضت عقوبات على شركة «سيرياتيل» التي يملكها ابن خال الرئيس السوري، رامي مخلوف، الذي سبق ان شملته عقوبات استهدفت النظام السوري، وذلك بموجب قانون منفصل يستهدف المسؤولين السوريين وغيرهم من المسؤولين عن «انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا».

من جهتها، اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية انه لا يمكن لنظام الاسد «ان يستمر في تجاهل رسالة مجلس الامن الدولي». وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستيان فاج «لا يمكن لسلطات دمشق ان تستمر في تجاهل رسالة مجلس الامن الدولي التي اكدتها دول عدة في المنطقة»، مضيفة أن «الوقت لم يعد للمناورات والمماطلة. وعلى السلطات السورية ان تستجيب للطموحات المشروعة للشعب السوري».

وكانت وزارة الخارجية السورية وجهت كتاباً مفتوحاً إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعربت فيه عن «أسفها» لأن بعض أعضاء مجلس الأمن في البيان الذي صدر عنه، «قد استند في تحديد موقفه على معلومات مستقاة من طرف واحد، من دون الالتفات اللازم ـ خاصة في مثل الحالة السورية الراهنة ـ إلى المعلومات والوقائع التي تطرحها الدولة السورية، وهي المعنية والمسؤولة أولاً وأخيراً عن أمــــن واستقـــرار شعب سوريا وســـلامة أرضه ومؤسساته».
وأضافت الرسالة أن «المجتمع الدولي مطالب في هذا الظرف الدقيق الذي تعيشه سوريا بأن يدفع في اتجاه الهدوء ووقف أعمال التخريب، ومطالب بتشجيع الخطوات الإصلاحية التي نقوم بها

السابق
البناء: المعلّم: سورية ستخرج أقوى من شكيمة وأشدّ بأساً والمعارضة ترتدّ إلى الكهرباء بعدما عجزت في السياسة
التالي
تهريب اكثر من سلاح !!