السفير : “النفط البحري” إلى القوننة حكومياً ونيابياً

ما بين مواجهة العديسة في الثالث من آب 2010 حينما أقدمت إسرائيل على قطع شجرة على الحدود، وبين الأول من آب 2011 حينما حاول جنودها اجتياز نهر الوزاني، ثمة رمزية وطنية زاخرة بالمعاني والدلالات تتجلى في الرسالة التي وجهها الجنود اللبنانيون في عيدهم وعلى تخوم الحدود مع فلسطين المحتلة، وأكدوا من خلالها للقاصي والداني الثبات في العقيدة القتالية ضد العدو الإسرائيلي والاستعداد للتضحية والدفاع بما امتلكوا من إمكانات عن شعبهم وأرضهم.
هذه الرمزية، أضافت إليها المقاومة، ميدانياً، حضورها وجهوزيتها، وسياسياً، تأكيدها أن "أي اعتداء على أي طرف من أطراف معادلة الجيش والشعب والمقاومة هو اعتداء على لبنان ككل ما يستوجب تضافر كل الجهود لحماية الوطن وأهله وضمان سيادته" كما جاء في البيان الذي أصدره "حزب الله" في أعقاب حادثة الوزاني.
وشكل هذا الانتهاك الإسرائيلي حافزاً إضافياً للبنان الرسمي لإعادة التأكيد على حقه في حماية حدوده وسيادته والتشديد على استعادة الاراضي اللبنانية بكل الوسائل المتاحة والمشروعة، كما قال رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي حيّا الجيش اللبناني على تصديه لإسرائيل، داعياً في الكلمة التي ألقاها في احتفال تخريج الضباط الذي اقيم امس في المدرسة الحربية في الفياضية في مناسبة عيد الجيش الى "العمل على تحديد وحماية حدودنا البحرية والمحافظة على حقوقنا في مياهنا الإقليمية".
ولاقاه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الكلمة التي دوّنها في سجل الشرف في المدرسة الحربية، وقال فيها للضباط المتخرجين "إن الدفاع عن الوطن وسيادته في وجه العدو الاسرائيلي واجب مقدس حتى تبقى للوطن كرامة وللأرض حرمة وللاستقلال معنى".
أما قائد الجيش العماد جان قهوجي فقد أكد في المناسبة ان الشغل الشاغل للجيش في هذه المرحلة الدقيقة، "هو الحفاظ على الاستقرار العام في البلاد والاستعداد لمواجهة أي عدوان اسرائيلي محتمل".
وبدا ان الاشارة التي اطلقها الجيش من الوزاني حول جهوزيته للدفاع عن السيادة اللبنانية، تنطبق حكماً على الحدود البحرية، والتي دخلت اعتباراً من يوم امس في مسار القوننة، عبر إقرار لجنة الاشغال النيابية اقتراح قانون في هذا الشأن، كخطوة اولى واساسية في الطريق الى تحديد تلك الحدود بما يؤكد حق لبنان في ثروته النفطية والغازية.
وقد سجل الخرق الاسرائيلي في الوزاني، حينما عبرت دورية قوامها 15 عنصراً من جيش الاحتلال السياج الحدودي صباح امس في اتجاه الضفة الشمالية للوزاني، حيث بادر الجنود اللبنانيون الى اطلاق النار في اتجاه الجنود الاسرائيليين الذين ردوا بالنار قبل ان يسارعوا الى الانسحاب.
واللافت للانتباه ان اسرائيل سعت الى التخفيف من التوتر، وأبلغت مصادر عسكرية اسرائيلية وكالة "فرانس برس" قولها "ان مصلحة اسرائيل تقضي بالإبقاء على الهدوء عند الحدود". فيما نقل مسؤول اسرائيلي عن رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو قوله خلال اجتماعه مع لجنة الدفاع والعلاقات الخارجية في الكنيست "ان اسرائيل لا ترغب بتصعيد على الحدود اللبنانية". وقال نتنياهو ان تصرف الجنود اليوم (أمس) كان يتسم بضبط النفس، ومن الطبيعي عند اطلاق النار على جنودنا ان يردوا عليه. ونحن نطلب منهم التصرف بهذه الطريقة نفسها كي لا يزيدوا سخونة الحدود".
وفيما فتحت "اليونيفيل" تحقيقا بالحادث، أفاد مراسل "السفير" في القطاع الشرقي الزميل طارق أبو حمدان أن قوة اسرائيلية مؤللة مؤلفة من 10 آليات بينها ثلاث دبابات "ميركافا" تقدمت باتجاه السياج قرابة الحادية عشرة والربع من ليل أمس، وقامت بتسليط الأضواء الكاشفة على المنتزهات الواقعة على ضفة نهر الوزاني، الأمر الذي استوجب اعلان حالة الاستنفار القصوى من جانب الجيش اللبناني والمقاومة ().
من جهة ثانية، خطا لبنان اولى الخطوات العملية على طريق تحديد وتأكيد حدوده البحرية الاقتصادية وحماية ثروته النفطية والغازية، وتمثلت بإقرار لجنة الاشغال النيابية اقتراح قانون يتعلق بتحديد الحدود البحرية. وبالتالي يكون لبنان قد انضم، ولو متأخراً، الى السباق نحو الاستفادة من ثروته النفطية والغازية، وان كانت اسرائيل قد سبقته لسبع سنوات في اعمال التنقيب في البحر المتوسط.
وينتظر أن يشكل هذا الاقتراح بنداً "جدياً" على طاولة مجلس الوزراء اليوم للإطلاع عليه والموافقة عليه، كما قال رئيس لجنة الاشغال العامة والنقل محمد قباني، قبل أن تبتّ به الهيئة العامة لمجلس النواب في جلستها المقررة غداً وبعد غد. واللافت للانتباه في العمل التحضيري لهذا الملف، أنه يقوم على جهد موحّد ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية انتهى الى السير باقتراح قباني الذي خضع في جلسة أمس لتعديلات طفيفة.
وقد رسا الاقتراح على 18 مادة، تمثل "سند الملكية" الذي سيحمله لبنان إلى العالم، بعد إقراره ونشره في الجريدة الرسمية، لتأكيد ملكيته لمياهه. علماً أن هذا الاقتراح يعتبر تطبيقاً للاتفاقية التي تنصّ على "وجوب قيام كل دولة طرف بإصدار الإعلانات والتشريعات المناسبة لتطبيق أحكام الاتفاقية، بما يتعلق بخطوط الأساس والمناطق البحرية".

السابق
ميقاتي منكب يعمل على معالجة أزمة الكهرباء، الغلاء، وسلامة الغذاء
التالي
المستقبل : سليمان يشدد على الحوار وتهدئة الخطاب..