هل عاد فنجان القهوة الى لبنان؟: توقيفات وتعدّيات في شهر لبناني واحد

 هل عاد القهوة إلى يوميات اللبنانيين؟ من الفنجان العريض هذه المرّة؟
فبعد توقيف الشاب سعد الدين شاتيلا الثلاثاء الفائت، وهو شرب فنجان قهوة لمدّة خمسة عشر ساعة لدى جهاز أمنيّ معروف، أوقف الأربعاء زيد حمدان وشرب ثماني ساعات من قهوة التحقيقات الأمنية. هو المغنّي الذي سئل عن أغنية عمرها ثلاث سنوات، كانت تطلب من العماد ميشال سليمان ألا يدخل في معترك السياسة، وأن يذهب إلى منزله حين تنتهي ولايته العسكرية: "فسرت لهم لماذا ألّفت هذه الأغنية، وكان مقصدي ان العمل العسكري كان جيدا فابق أيها العماد ميشال سليمان بعيدا عن السياسة"، يقول حمدان ويتابع: "أخرجوني وما عرفت من ولا كيف والذي فهمته من القاضي انني حرّ لكن ما عرفت كيف وماذا بعد".
لم يعرف زيد لماذا أوقف ولا عرف لماذا أطلق سراحه. منتهى الديمقراطية. لكن بعد ثلاث سنوات، هل هناك من يخشى على صورة الرئيس؟: "إذا أوقفوني لهذا السبب يكون هناك خطر على الحريات لأن الأغنية لا تضم شتيمة، وإذا كان هذا ممنوعا فإلى أين يذهب البلد؟".
نزار صاغية، المحام والباحث في القانون يقول إنه "حين يتم توقيف شخص لسبب سخيف كهذا، فهذه رسالة إلى الجميع أن ابتعدوا عن السياسة ورسالة الى كل فنان ان اعمل اشياء غير السياسة"، ويضيف: "هل تظنّ اذا حصل توقيف فنان لـ8 ساعات مش مشكل؟ لا مشكلة؟"، ويضيف: "هذا الموضوع تسبّب بخضة وخوّف كل فنان بأنك ستجد المصير نفسه".
صاغية، وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان، يعتبر أنّ ما يجري عودة إلى النظام الأمني، أو ربما تركيب نظام أمنيّ جديد. أما ميشال حاجي جورجيو، العضو المؤسّس في جميعة "إعلاميون ضدّ العنف"، فيذكّر بأنّه "للأسف الشديد، أول كلام لوزير الإعلام الجديد وليد الداعوق كان دعوة منه الى المؤسسات الإعلامية إلى الرقابة الذاتية والكلام عن الحريات المسؤولة مصطلح سوفياتي، لأن الحرية مطلقة والحدّ منها بكلة "مسؤولة" يعني وجود نية سيئة بضبط الحريات"، ويضيف: "هذا يسمى بالفرنسية "ساندروم بينوشيه" نسبة الى الديكتاتور التشيلي، وهدفه خلق حالة رعب لدى الناس وإدخال خطوط حمراء الى عقولهم تجعلهم يخافون ولا يتجرأون على الكلام بشكل مطلق وبحرية". يوافق صاغية: "ليس فقط نظاما أمنيا، لأننا نرى كيف أنّه في الدول التي من حولنا المواطن ينزل الى الطريق ويقول للرئيس: ارحل، وفي لبنان هل هذا الوقت المناسب للدفاع عن كرامة الرئيس بهذه الطريقة وبالتوقيفات؟".

توقيف هذين الشابين جاء بعد أسابيع من قرار الأمن العام منع عدد من الأفلام، وبعد الإعتداء مرتين على فريق تلفزيون الأم تي في اللبناني في الضاحية الجنوبية وفي بلدة لاسا الجبيلية، الأمر الذي يضعه صاغية في الإطار التالي: "بما حصل أمس برهن لبنان أنّه خارج التاريخ"، وبرأي جورجيو أنّه إذا "لم يتمّ التصدّي سنصل بعد 3 أو 4 أشهر الى انعدام الحريات وتكون قد ركّبت الوصاية الأمنية الجديدة على لبنان".

هكذا، وفي وقت يذهب العرب إلى الشارع، يحثا عن الحريّة، يعود لبنان إلى القهوة، قهوة العرب.
 

السابق
نصرالله ووهاب بحثا الاوضاع
التالي
الحرب المائية