اجراءات تضييقية مستمرة للتخلص من بدو الضفة الغربية

 واظبت سلطات الاحتلال منذ عام النكبة، على ابتكار وسائل مضافة إلى سياسات المجازر الجماعية، لترحيل الفلسطينيين عن أرضهم، ويمثل البدو فريسة سهلة لهذه السياسات. فيواجه السكان البدو في جميع الأراضي الفلسطينية دعوات يهودية جديدة تطالب بترحيلهم من أراضيهم.
وكان حاخام مستوطنة «كريات أربع» في مدينة الخليل «دوف ليئور» قد دعا إلى ترحيل البدو من فلسطين إلى الخارج، من خلال تشجيعهم بالهبات المالية للعودة إلى المملكة العربية السعودية والجماهيرية الليبية، خلال مؤتمر يهودي عقد في مدينة الرملة المحتلة.
ويبلغ عدد البدو الفلسطينيين 230 ألفاً، يقطن ما يقارب 200 ألف منهم في صحراء النقب جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيما ينتشر البقية في السفوح الشرقية لمدن الضفة الغربية، ومنها مدن الخليل وقلقيلية.
تهديد اجتماعي
ويعمل الاحتلال على استغلال نقاط ضعف البدو في الضفة الغربية، عبر تهديد مجتمعهم الزراعي، من خلال سعيه إلى تدمير صهاريج المياه المنتشرة خارج بيت لحم، والتي يستخدمها الرعاة في فصل الصيف بعد تخزينها مياه الأمطار المجانية في فصل الشتاء.
صهاريج قديمة جداً، يقول بعض البدو أن إنشاءها يعود إلى مئات السنين، هي اليوم ورقة في يد السلطات «الإسرائيلية» التي تستخدمها لترحيلهم، وذلك مع تدميرها ثلاثة منها في الضفة منذ تشرين الثاني الماضي.
نوايا مكشوفة
ويقول فلاح هيداوا (64 عاما) الذي يجلس في خيمة على إحدى التلال المطلة على البحر الميت «يفعلون ذلك لكي نرحل (…) لكننا ببساطة لن نفعل ذلك«.
ويؤكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية والذي يراقب الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، أن «إسرائيل» قد دمرت "20 خزانا لمياه الأمطار في الضفة الغربية المحتلة في النصف الأول من هذا العام". ويأتي تدميرها كجزء من حملة الهدم للمنازل الفلسطينية في المنطقة "ج" التي تمثل 60 % من الضفة الغربية ككل، حيث تمارس «إسرائيل» سيطرة كاملة.
ووفقا لاتفاقات «السلام» الموقتة المبرمة بين «إسرائيل» ومنظمة التحرير في التسعينيات، فإن المنطقة "ج" هي التي تقع فيها جميع المستوطنات «الإسرائيلية» في الضفة.
سياسة الهدم
وأضاف مكتب الأمم المتحدة أن عدد الفلسطينيين الذين فقدوا منازلهم في المنطقة "ج" خلال النصف الأول من العام 2011 تخطى العدد ذاته خلال العامين 2009 و2010، وان معظمهم من البدو.
وبعد هدم «إسرائيل» 342 منزلا مملوكا من قبل فلسطينيين هذا العام، قام العديد من المتضررين بنصب خيم في مكان المنازل المهدمة، من دون استصدار تراخيص «إسرائيلية»، وهو الأمر الذي يعتبر معظم الفلسطينيين أن الحصول عليه أمر مستحيل.
وفيما تؤكد الإدارة «الإسرائيلية» المدنية في الضفة، أن تدمير الصهاريج يأتي لإزاحتها من مناطق للتدريب العسكري، تلفت منظمات المجتمع المدني إلى أن البدو المتضررين من هذه الإجراءات هم الأفقر بين الفلسطينيين ويصل عددهم إلى 27 الف شخص.
شح المياه
وتأتي سياسة التدمير «الإسرائيلية» لخزانات مياه الأمطار في وقت تعاني الضفة من أزمة شح في المياه. ويقول رئيس سلطة المياه الفلسطينية شداد العتيلي "لدينا أزمة مياه أينما كان، وخصوصا في المنطقة ج". وأضاف: "افشل في تأمين المياه لهؤلاء البدو(…) ولنفترض أن لديّ مصدرا آخر أؤمن به هذه الحاجة، فسيكون علي الحصول على موافقة لوضع أنابيب خاصة، وهذا ما ليس لدي الآن(…) لذا ليس أمام هؤلاء الناس سوى الصهاريج لتأمين حاجتهم من المياه".
تنفيذ المخططات
ويهدف الاحتلال، بحسب الخبير في شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش من دعوات ترحيل البدو في القدس تنفيذ مخطط E1 الى توسيع التجمع الاستيطاني «معاليه أدوميم» شرق القدس، وربطه بمنطقة جبل المكبر بالقدس. ويقول «إن الاحتلال يريد تنفيذ المخطط على مراحل، فالمرحلة الأولى هي ترحيل البدو القاطنين في هذه المناطق منذ زمن بعيد، ومن ثم مصادرة الأراضي، وبعد ذلك تنفيذ المخطط من خلال بناء الوحدات السكنية والمستعمرات، إذ وضع حجر الأساس في فترة سابقة من خلال إقامة مستوطنة تسمى "ميفاسيرت".
ويلفت إلى أن ممارسات الاحتلال لترحيل البدو لم تقتصر على مدينة القدس، بل تشمل جميع البدو في الأراضي الفلسطينية. ويوضح حنتش أن الاحتلال خصص هذه الدعوة ضد بدو فلسطين، لأنهم يسكنون في مناطق حساسة لا يريد الاحتلال وجودهم فيها، وهي المناطق التي تتوسع المستوطنات على حسابها والقريبة منها، والمناطق التي يدعي الاحتلال أنها أملاك دولة له، وبالتالي يقومون بإصدار إخطارات الهدم وعمليات الترحيل.
أصحاب الأرض
وقال «إن "إسرائيل" تدعي أن البدو ليسوا أصحاب أرض، وليست لهم ممتلكات، ويتنقلون من منطقة الى أخرى بحثا عن الماء لأغنامهم، وهذا ادعاء باطل، لأنهم يملكون الأراضي، وهم جزء أصيل وأساسي من الشعب الفلسطيني، وكان مركزهم الرئيس هو مدينة بئر السبع، ولكن الاحتلال رحّل الجزء الأكبر منهم خلال النكبة وطردهم من أراضيهم». وأضاف «إن الأراضي التي يسكنها البدو هي أملاك خاصة بالفلسطينيين، ولا تنسجم مع ما يدعيه الاحتلال، وهناك وثائق رسمية تثبت بطلان الادعاءات "الإسرائيلية». مبيناً أن المساحات التي يسيطر عليها الاحتلال من الأراضي التي يسكنها البدو في ازدياد، في ظل تنفيذه لمخططات الترحيل والمصادرة،
وذكر أن مساحة الأراضي التي كان يملكها البدو قبل النكبة تقارب 13 مليون دونم، ولكن لم يتبق لهم حاليا سوى مليون دونم موزعة على مناطق مختلفة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما يهدف الاحتلال الى السيطرة عليها من خلال ترحيل البدو.
ولا تعد هذه الخطوة هي الأولى ضد البدو في فلسطين، فقد قام الاحتلال قبل ذلك بخطوات مماثلة عندما رحّل البدو من مناطق الأغوار الفلسطينية، إذ أغلقها بالكامل واعتبرها منطقة عسكرية مغلقة، وهي تمثل ما يقارب 33٪ من مساحة الضفة الغربية، كما رحّل عرب الرماضين من قلقيلية، ومن منطقة المسافر في الخليل. 

السابق
الأنباء: الإحراج للحكومة عند صدور مذكرات بحق سياسيين
التالي
تظاهرة القبّة تتحوّل ضد حزب الله وإيران