طفح كيل أبناء بنت جبيل فاعتصموا وأقفلوا الطريق الرئيسي مطالبين بالمياه

 وأخيراً " طفح كيل" أهالي بنت جبيل، جرّاء أزمة المياه القديمة المتجددة، فنزلوا الى الشوارع، أقفلوا مدخل البلدة الرئيسي، الذي يصل عدة قرى ببعضها البعض، وتجمّع العشرات منهم في الثامنة صباحاً، على طريق عام كونين- بنت جبيل، وأشعلوا اطارات السيارات، وبدأوا يهتفون بشعارات تندّد بالمسؤولين عن عدم ايصال المياه الى منازلهم، الى أن حضرت القوى الأمنية وعمدت الى فتح الطريق، بعدها انتقل الاعتصام الى سوق بنت جبيل، قرب مركز البلدية.
هناك إنتظروا حضور أحد المعنيين لكن ذلك لم يحصل. فارتفع صراخ النساء، وبكى بعضهنّ: "فالأزمة تستحق البكاء، نحن فقراء ولا مال لدينا لشراء المياه كما يفعل البعض، تقول فائقة الصغير وتضيف: "المياه لا تصل الى منزلي منذ عدة سنوات، بينما سعر نقلة المياه الكبيرة يزيد على 130 ألف ليرة لبنانية". وتشرح هيام داوود بزي أنها تدفع الاشتراك المطلوب منها الى مصلحة المياه "واضطررت الى الاستدانة لشراء خزّان مياه، لم تصل اليه المياه منذ مطلع الصيف، فكان الأجدى لي أن أشتري بثمنه أدوية لمرض السكري الذي أعاني منه".
رئيس بلدية بنت جبيل عفيف بزي كان من بين المعتصمين قائلا إن "البلدية انتظرت طويلاً وعود المسؤولين، فالمياه لا تصل الاّ لساعات قليلة جداً في الأسبوع، وعدد المقيمين يزداد يوماً بعد يوم، أما القيّمين على مصلحة مياه بنت جبيل فيحيلون المشكلة الى عدم ضخّ المياه الى المنطقة، لأن المياه تذهب الى أماكن أخرى كبساتين الحمضيات وغيرها، فالأهالي طفح كيلهم ولن يسكتوا بعد اليوم عن هذا الاهمال".
وبيّن الطبيب حكمت بيضون أن "أنابيب المياه التي يفترض أن تؤّمن المياه الى بنت جبيل، تؤخذ بواسطتها المياه الى قرى وبلدات أخرى، ما حرم البلدة من المياه منذ التحرير في العام 2000". واتهم المهندس هيثم بزي "بعض المسؤولين الكبار بحرمان بنت جبيل من المياه لمصالح خاصة، أما بعض الموظّفين فيؤمنون المياه الى منتزهات كبيرة وقصور فخمة طبعاً مقابل المال". وشرح محمد بيضون أن "القسطل الرئيسي الذي يمدّ بنت جبيل بالمياه سحب منه مؤخراً خطّ مياه الى بلدة تبنين (بلدة الرئيس نبيه بري)، التي تستفيد من مكان آخر". في المقابل كان أحد الموظفين المعنيين بمتابعة ملفّ المياه في المنطقة قد صرّح أن "خطّ أنابيب المياه الذي يؤمن المياه الى 14 بلدة في بنت جبيل، يتم ضخّ المياه اليه من بلدة صدّيقين ( في قضاء صور) الى محطة بلدة كفرا، ثم تجرّ المياه الى بنت جبيل، لكن ما يحصل أن بعض القرى التي يتم تغذيتها بالمياه من منطقة صور، تسحب المياه أيضاً من هذه الأنابيب بتغطية سياسية معروفة"، وأوضح أنه "في احدى بلدات المنطقة يوجد 16 مشتركاً بالمياه فقط، وجميع أبناءها يحصلون على المياه من الخطّ الرئيسي لمنطقة بنت جبيل، رغم أن التغذية المخصصة لهم هي من منطقة صور، وهذه الحال تنسحب على أكثر من قرية أخرى". وكشف أن "بعض الموظفين لا رقيب عليهم ولا حسيب، وهم بغضّون النظر عن كل المخالفات مقابل الأموال التي تدفع لهم من المنتفعين وأصحاب البساتين، ويحتجّون بوجود الأعطال في شبكة المياه، ثم يعمد بعضهم الى تسجيل فواتير وهمية بمبالغ مالية بملايين الليرات، ومن ثم تحصيلها من الوزارة، شرط أن لا تصل قيمتها الى عشرة ملايين ليرة حتى لا تحتاج الى موافقة مجلس الوزراء لدفعها".
وأضاف: "في احدى بلدات مرجعيون المدعومة سياسياً 800 منزل غير مشترك تصل المياه اليها مجاناً". ويقول بسام شرارة إن "المشكلة ليست في عدم توفّر المياه لأن البعض، من أصحاب النفوذ، يتصّل بالمسؤولين عن توزيع المياه، فيحصل على ما يريده من المياه. فقد قال لي أحد المواطنين إنه ملأ بئر مياه منزله في يوم واحد بعد أن أجرى اتصال بأحد المسؤولين، أما أنا فأضطرّ الى دفع 45 ألف ليرة كلّ أسبوع لشراء المياه التي لا نعرف مصدرها ومدى صلاحيتها للاستخدام". مصدر في مصلحة مياه بنت جبيل يعتبر أن "حصّة 13 بلدة في بنت جبيل، منذ العام 2003 هي 5000 متر مكعّب، وأن عدد المشتركين تضاعف، وأكثر من نصف هذه الحصّة لا يتمّ ضخّها، رغم أن المسؤولين لا يعترفون بذلك".
وقد عمد بعض المعتصمين الى التوجه الى مبنى مصلحة مياه بنت جبيل، لكنهم فوجئوا بعدم وجود رئيس المصلحة، الذي ادعى أن لا علم له بوجود اعتصام في بنت جبيل، وأنه لا يحق له التصريح كونه موظّف.
يذكر أن مشكلة المياه في بنت جبيل تنسحب على بلدات أخرى مثل رميش ويارون وعيترون ومارون الرّاس، ففي بلدة رميش أكثر من 700 مشترك يدفعون الرسوم سنوياً بينما لا تصل المياه الى البلدة الاّ نادراً. واللاّفت أن البنك الاسلامي للتنمية المموّل من دولة الكويت باشراف مجلس الانماء والاعمار، عمد الى بناء خزّانات مياه جديدة في بلدة برعشيت (قضاء بنت جبيل)، مطلع الصيف الحالي، لجرّ المياه وضخّها الى أكثر من عشرين بلدة في المنطقة، مع مدّ قساطل مياه بسعة 50 سم من مشروع مياه الطيبة في مرجعيون الى محطّة الضخّ الجديدة في بلدة شقرا، ومن ثم الى خزانين رئيسيين في بلدة برعشيت سعة كل منهما 1000متر مكعب، وهما على ارتفاع 830 متراً، أي في أعلى تلّة في المنطقة، لكن المياهع لم تصل اليها حتى الأن لعدم تأمين مضخّة مياه لضخ المياه اليها من بلدة شقرا.
وهذا المشروع بحسب المشرف على تنفيذه في شركة دنش، شكري محمود، هو "جزء من مشروع كبير لتأمين المياه في مناطق حاصبيا ومرجعيون وبنت جبيل، تعهّد البنك الاسلامي بانجازه، وهو كفيل في تغذية هذه المناطق بالمياه اللاّزمة، خصوصاً بعد تحديث مضخّات المياه الرئيسية، التي تضخ المياه من نهر الليطاني الى مشروع الطيبة، والقادرة على ضخّ نحو 26 ألف متر مكعب في اليوم الواحد، وقد أعيد مدّ شبكات جديدة التي توصل المياه الى المنازل في أكثر من قرية وبلدة". كما يذكرأنه تمّ في العام الماضي تأمين محطة ضخ للمياه يقدرة 15 ألف فولت سبق أن تبرعت بها الجمهورية الاسلامية في ايران، تؤمن الكهرباء اللاّزمة لضخ المياه من نهر الليطاني الى مشروع الطيبة، وخزانات المياه في بلدة مركبا.

 

السابق
“سنة” سوريا و”شيعة” العراق
التالي
حرق خيمة تبيع الخمور على مدخل بلدة البابلية الجنوبي لشخص من آل وهبي محسوب على حركة أمل