شماتة

الأجهزة المحلية السياسية والحزبية والأمنية والتجسسية كافة "مفؤوسة". عملية رمي الأستونيين في فراغ السهل حرم أبطال الأجهزة البواسل تلك الوقفات المعبّرة التي طالما أحبوا أن يقفوها أمام المذيعات.
الفرنسيون "اللئيمون" عادة كانوا لئيمين هذه المرّة أيضاً. لم يتركوا لأحد من المسؤولين عندنا أن يشوف حاله على المواطنين وأن يربّحهم جميل جهوده الحثيثة وسهره الليالي لفك لُغز الأستونيين. فقد غدرهم اللغز وانفضح،هكذا، من دون أن يفهم القوم كيف ولماذا وما الذي حصل. وعلى الرغم من مسارعة وزير الداخلية إلى استلحاق هيبة الوزارة بتصريح ملتبس، طرّاه ببعض القبلات "على الهواء مباشرة"، إلا أن اللغز ظلّ لُغزاً… والهيبة ظلّت مفقودة، وتساوى المسؤولون مع غير المسؤولين، ولم نعرف ما كان دور الأجهزة عندنا، وإذا كان لها دور أم لم يكن… وكيف ولماذا. لا شيء البتّة. خواء مُطلق.
القضاء اللبناني الذي تكثُر أحاديث استغابته، والذي نال قومه، كموظفين، زيادة جديدة وملحوظة على الرواتب، منفرداً من دون سائر الموظفين، كان له أيضاً قرص في هذا العرس. فقد نُمي لقارئي الصُّحف أن السلطة المُشار إليها استنطقت الملتحين الأوروبيين، وأنهم أخبروها بكل القصّة، بالأسماء والوقائع. لكن القضاء، على عادته، لم يؤكد ولم ينفِ. هذا يعني بنظري ان ما قيل صحيح وغير صحيح، وأنهم يعرفون ولا يعرفون. وهذا يؤسس للمساوة في الجهل بينهم وبين بقية السُّلطات، العُليا منها والأعلى. وهذا، على سوئه، له إيجابية إذ يخدم الديمقراطية اللبنانية الفريدة التي يتساوى في جنّتها الحاكم والمحكوم.
أحد الأذكياء أشار عليّ بأفضلية الارتفاع عن الصغائر، واستنتج إن الأهم من كل ذلك هو أن الملتحين الأجانب الذين انحنوا للكاميرات (في حركات تشبه ما يفعله أولاد "الجاردان" في حفلات آخر العام الدراسي)، خرجوا أخيراً بخير وسلام، وهذا هو الأهم. وكان واضحاً أن الرجل بذكائه، إنما اكتشف البارود… مرة أخرى، ما استدعى الانفجار .. بالضحك في بعض الأوساط.
لكن…
أين الدرّاجات الهوائية الخاصة بالجماعة، وعددها سبعٌ..؟ ولماذا لم يظهر لها أثر؟ هل صودرت مثلاً؟ من صادرها؟ الخاطفون أم الأمنيون؟ وهل يمكن أن تكون تبخّرت أو ركبها الجن وطار؟… كلّها أسئلة تحتاج إلى أجوبة.
أما عن الهيبة والكرامة الوطنية والمسؤوليات… أما عن الرواتب والمُلحقات و"البونوس" وبدلات "خرج الراح".. وحتى الزودة الأخيرة، فـ "حُطّ بالخِرج". ولن يضيرنا كثيراً أننا لم نعرف "كوعنا من بوعنا" في هذه االمسألة، إذ لنا أسوة حسنة بكل السادة العظماء الذين تقدّموا علينا كثيراً وكانوا، والحق يُقال، "متل الأطرش بالزفّة".
اللهم لا شماتة.

السابق
جثة في المجادل واضرام النار بسيارتين لموظف في اليونيفيل وفلسطيني
التالي
غاي : لبنان أفضل بحكومته الحالية