الجمهورية: الأستونيون أطلقوا وسط تساؤلات عن الثمن مديرية الأمن العام محسومة …ويبقى الإخراج

بل ساعات على انطلاق قطار العمل الحكومي، وبعد أربعة أشهر من الغموض والالتباس،أُعيد الأستونيون السبعة المخطوفون في لبنان الى الحرّية بعد احتجاز دام اربعة اشهر وسط تكتّم شديد على تفاصيل عملية إطلاقهم والآلية التي تمّت من خلالها، وأيّ ثمن سياسي، وربّما غير سياسي، دُفع في المقابل للخاطفين والجهات التي تقف وراءهم والذين ظلوا مجهولين حتى إشعار آخر.

وقد نفى لبنان الرسمي ان تكون هناك فدية مالية قد دفعت مقابل الإفراج عنهم، والذي تمّ في سهل بلدة الطيبة في البقاع "بفضل الجهود الأمنية السابقة والحالية، والتعاون مع الدول الأوروبية وعلى رأسها الدولة الفرنسية". فيما أعلن وزير الخارجية الأستوني أوراماس بايت أنَّ "عملية إطلاق سراحهم تمّت بمساعدة فرنسية وألمانية وتركية، بالإضافة إلى جهات أخرى". وقد زار بايت بيروت لساعات ثم غادر مصطحباً الأستونيين المحررين.

أوّل غيث التعيينات

وهكذا استثمرت الحكومة ملف الاستونيين في أولى انطلاقتها الرسمية قبل ان تغوص في ملفات كثيرة. وعلى وقع هذا الإنجاز الأمني "المجهول المصدر"، مرّر مجلس الوزراء عصر أمس في جلسته الأولى بعد نيل الحكومة الثقة برئاسة الرئيس ميشال سليمان بعض التعيينات، فجدّد لرياض سلامة ولاية لمدة 6 سنوات في حاكمية مصرف لبنان، وعيّن اللواء وليد سلمان رئيسا لأركان الجيش، وأنطوان شقير مديرا عاما لرئاسة الجمهورية. لكنه رحّل بتّ موضوع تعيين مساعد مدير المخابرات في الجيش العميد عباس إبراهيم مديرا عامّا للأمن العام إلى جلسة تعقد الإثنين المقبل في السراي الحكومي من أجل مزيد من النقاش، على ان تعقد الجلسة العادية للمجلس في القصر الجمهوري يوم الخميس المقبل.

وعلمت "الجمهورية" أنّ تأجيل بتّ موضوع الأمن العام الى الاثنين المقبل تقرر في الاجتماع الذي انعقد قبيل الجلسة بين سليمان وميقاتي في حضور وزير الصحّة علي حسن خليل. وفي المعلومات أيضا أنّ سليمان وافق مبدئيّا على إبراهيم، على أن تستكمل الاتّصالات في شأنه مع رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون خلال اليومين المقبلين.

وكانت الأجواء التي سبقت الجلسة مليئة بالسيناريوهات السلبية مهدّدة بتأجيل الجلسة برمّتها لولا سلسلة الاتّصالات التي جرت بعيدا من الأضواء، فأعادت تثبيت موعدها على أن يستبعد بند التعيينات المطروح

(قبل أن يعاد تثبيته لاحقا) باستثناء التجديد لحاكم مصرف لبنان في اعتباره استحقاقا لا يمكن تأجيله، لأنّ ولاية الحاكم تنتهي في أوّل آب المقبل، وهناك استحقاقات مالية ومصرفية وثقة قد تهتزّ ما لم يحسم الملفّ في الجلسة الحالية.

إتّصالات قبل الجلسة

وبعيدا من الأضواء، رصدت "الجمهورية" توسّع دائرة الاتّصالات للتهدئة، وشارك فيها رئيس الجمهورية طارحا فكرة تأجيل بتّ تعيين المدير العام للأمن العام الى ما بعد عشاء عمشيت الماروني غدا السبت، والذي سيقيمه على شرف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، على ان يدرج على جدول أعمال أوّل جلسة لمجلس الوزراء تلي العشاء، بحيث تكون هذه الفترة مهلة إضافيّة لتأمين التوافق عليه.

وبدوره، أجرى ميقاتي اتصالات غير مباشرة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي الموجود في الخارج، ومباشرة مع رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط الذي طلب منه التنسيق المباشر مع الوزير وائل أبو فاعور، فدعا ميقاتي الأخير على عجل إلى السراي بعيد الظهر، للمشاركة في الاتّصالات التي استمرّت حتى انعقاد الجلسة قرابة الخامسة والربع، ثمّ استمرّت خلال الساعة الأولى من انعقادها فأقرّ المجلس التجديد لسلامة، وتمّ التوافق على تأجيل الأمن العام بعدما تلقّى كلّ من برّي والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله تطمينات بأن يطرح هذا الموضوع الإثنين المقبل.

وقال الوزير محمد فنيش في دردشة مع الصحافيين بعد الجلسة إنه "لم يكن مطروحا أن لا تقرّ التعيينات إذا لم تشمل الأمن العام، ولكن وزراء حزب الله وحركة أمل طالبوا بعدم الانتقائية في إجراء التعيينات، فالأخذ بجزء منها وتأجيل الجزء الآخر ينبغي أن يكون مبرّرا". وأضاف: "لا مشكلة لدينا في كلّ الأسماء المطروحة، ولكننا لا نوافق على منهجيّة ناقصة أو مقاربة ناقصة".

وأكّد "أنّ التعيينات أقرّت لأنّ التوجه هو الإسراع في ملء الشواغر، بما يعطي الحكومة انطلاقة قويّة مع التشديد على ضرورة الإسراع في تعيين مدير عام للأمن العام".

سوريا و"حزب الله"

على خط آخر، وبعد 48 ساعة على المواقف التي أدلى بها الرئيس سعد الحريري خرجت سوريا و"حزب الله" عن صمتهما، ورفض السفير السوري علي عبد الكريم علي في حديث صحافي الردّ على اتّهام الحريري للرئيس السوري بشار الأسد ونصرالله بإسقاط حكومته، لكنه قال: "إنّ أيّ كلام عن تدخّل سوري في تشكيل الحكومة أو إسقاط رئيس حكومة هو عارٍ من الصحّة، وسوريا معنية بعلاقة أخوية مع لبنان، وتريد لأيّ حكومة أن تنجح بما ينعكس إيجابا على سوريا، لأنّ هناك مصالح مشتركة وعدوا مشتركا يتربّص بالبلدين وهو إسرائيل، وأمّا أيّ كلام آخر فلا نحتاج الى الردّ عليه. وتوسّم خيرا" في أداء الحكومة الجديدة وحرصها على معالجة القضايا الاقتصادية وتحصين الأمن الداخلي اللبناني وتحصين بنية المؤسّسات التي عليها مواجهة التهديدات الإسرائيلية الى جانب المقاومة، وخصوصا مؤسسة الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الأخرى، إضافة الى تحصين البنية المجتمعية وتحقيق العدالة وتلبية الحاجات الخدماتية.

أمّا "حزب الله" فاعتبر، على لسان عضو المجلس السياسي محمود قماطي، أنّ "من حقّ كلّ شخصية، سواء في المعارضة أو الموالاة، أن تعبّر وأن تمارس حقّها السياسي، ولكن ما نأمله في أن يكون الخطاب بعيدا من أيّ تجييش مذهبي وطائفي من شأنه أن يثير الفتن والفوضى في لبنان".

السابق
البناء: التجديد لرياض سلامة – – ووليد سلمان لأركان الجيش – – والأمن العام إلى الأسبوع المقبل …مجلس الوزراء يؤكّد حقّ لبنان في الدفاع عن حقوقه البحرية
التالي
النهار: واشنطن: إذا لم تبدأ الحكومة السورية بالتحرك سريعاً فإن الشارع سيجرفها