الدوام الصيفي في الجامعات مطبّق بالرغم من سيئاته

تفتح الجامعات الخاصة ابوابها لاستقبال مئات الطلاب صيفاً شتاء، واعدة بذلك إياهم بالتخرج الاسرع وبسنوات أقل، فتراهم يتهافتون لشراء المواد ودراستها طوال الصيف، ناسين ان العقل البشري يحتاج إلى الراحة لاستمرار عطائه بفعالية، للاستفادة مما يؤخذ من معلومات، من جهة ثانية تعمد مختلف الجامعات إلى "تصعيب" الامتحانات لاعادة المواد أكثر من مرة والاستفادة من المبالغ المدفوعة لتقصير مدة الحصول على الاجازة !!

تقول ريتا ليّون، وهي طالبة في إحدى الجامعات الخاصّة أنّ "معظم الطلاّب يقدموا على التسجيل في فصل الصيف اعتقاداً منهم أنّ الأساتذة سيكونوا أقلّ حزماً في التعامل معهم، وأكثر تهاوناً لعدة أسباب منها مدة الدراسة، إذ أنّ الفصل الدراسيّ يمتدّ على فترة شهر واحد على أبعد تقدير، ولذلك فتراهم يتسجلون في الفصل الصيفي"، وتتابع ريتا تخصصها منذ عامين في إدارة الأعمال من دون أخذ أي قسط من الراحة: "طمعا بالاستفادة من الوقت وحبّا بالإسراع لنيل الإجازة"، قائلة إنّها "وجدت من الأنسب عدم التباطؤ في اختيار الأرصدة اللازمة، ما يعني أنّ لا مفرّ من الدرس صيفا".

وتتحدّث عن دوافع متابعتها دراستها بحماسة بالرغم من معرفتها المسبقة أنه ما من وظيفة تنتظرها، حالها حال العديد من الشباب اللبناني، الفاقد للأمل في ظلّ الفساد الإداريّ والاصطفاف السياسي الحاصل فتقول: "لا أعد نفسي بأي وظيفة أو منصب، إلا أنني أعتقد أنّ حصولي على الشهادة الجامعية يمدّني براحة البال والطمأنينة في مواجهة المستقبل".
.

تعتبر ريتا أنّ التحديات التي يواجهها الطالب صيفا لا يستهان بها، فتقول: "بصرف النظر عن عدم الجدية التي قد تصدر من الزملاء، على الطالب مضاعفة جهوده والتركيز جيدا، نظرا إلى اقتصار الموسم الجامعي على نحو شهر واحد. من هنا، غالبا ما تكون الاستحقاقات متقاربة زمنيا". وفي هذا السياق، تتمنّى ريتا لو يتم تمديد الموسم الجامعي: "بما أن المجال مفتوح أمام الطلاب الراغبين في التعلم صيفا، يجب ألا تقتصر العملية على شهر واحد، أو أقله استحداث فصلين في موسم الصيف، على نحو لا تعطى الدروس مكثفة ولا يجبر الطالب على الحضور يوميا".

وتشير الإستطلاعات التي أجريت في هذا الصدد الى انقسام في الإجابات عند الطلاّب، فبعضهم أكّد على أهميّة الدراسة في فصل الصيف لما لها من انعكاسات ايجابيّة من ناحية تكثيف المواد وضغطها لكي تُدرّس خلال شهر واحد، ويرى جزء كبير منهم أنّها مجرّد استراتيجيات تسويق للربح، ويقول بعضهم أنّها منخفصة التعرفة وبالتالي يجب عدم تفويت الفرصة.

من جهتها، تختبر الطالبة ميراي التوم نظام التعلّم في الصيف للمرة الأولى، فتقول: "في العطل الصيفية المنصرمة عمدت إلى العمل وادّخار المال من أجل تخفيف الأعباء الجامعية عن كاهل الأهل. من الممتع مواصلة الدرس صيفا، ولو أنّ المسألة لا تخلو من المسؤولية، إلا أنّ هذه التجربة مقرونة بالمغريات، فإن كلفة التسجيل في هذا الموسم لا تتجاوز الـ600 دولار، في حين تبلغ في الشتاء الألف دولار".

يحتدم النقاش بين طلاب الجامعات الخاصة بين تحسين ظروف متابعة تحصيلهم الجامعي في الصيف، للاسراع في عملية دخول الطالب لسوق العمل، وبين الاموال الكثيرة التي يدفعوها وتشكل عائقا بالنسبة إلى عدد كبير من الطلاب التي لا تسمح لهم ظروفهم المادية تكملة المواد الصيفية كباقي زملائهم في الدراسة، وبين مشكلة الاحتيال التي تعتمدها الجامعات للاستفادة بشكل اكبر ومنتظم.

بالمقلب الآخر، يقف جورج الذي لم يختبر الدوام الصيفي، فهو احد طلاب الجامعة اللبنانية، فيقول بحسرة: "ماذا ينقص جامعتنا كي تؤمّن نظاما تعليميا في الصيف بدل المماطلة وممارسة سياسة الهروب إلى الأمام بين إجراء امتحانات الدورة الأولى وانتظار نتائجها، وفي ما بعد إجراء الدورة الثانية، على الرغم من بدء تنفيذ نظام التعليم بالأرصدة (LMD).

ويضمّ جواد صوته إلى زميله، معتبرا أنّ مستوى طلاب اللبنانية لا يقلّ أهمية عن زملائهم في الخاصة: "نملك من الاندفاع ما يكفي لمتابعة تحصيلنا العلمي في كل المواسم، وهذا يساعدنا على التخفيف من وطأة عدد المواد وأعمالها التطبيقية خلال العام الجامعي".

وتعتبر دانيا، طالبة في كليّة الإعلام والتوثيق بالجامعة اللبنانيّة أنّ:" المواد وكثرة الأرصدة تكاد تكون خياليّة، فالطالب هنا لا يختار عدد الأرصدة إلاّ مكرهاً إذا أراد أن ينهي دراسته في ثلاث سنوات. ولو كان هناك فصلاً صيفياً ربما لأمكننا ذلك من تأجل المواد الإختيارية التي تكون عادة مادّة من مادّتين فقط الى فصل الصيف.

يختلف الوضع بين من يعيش في وسط "المعمعة" الحاصلة في الجامعات الخاصة، المستفيد الاول من الموسم الصيفي بعد المسابح طبعاً، وبين طلاب الجامعة اللبنانية الطامحين للتماهي باصدقائهم في الخاصة فهم لم يختبروا ان القدرة على اختيار المواد وتكملة الفصل الصيف يسرع القدرة على التخرج، لكنه يحمل الكثير من السيئات غير المنظورة

السابق
قرطباوي: سنرسم ما تبقى من حدودنا وسنرسلها الى الأمم المتحدة
التالي
خلاف النسبية