حزب الله ربح في الحكومة فهل يخسر المحكمة؟

بدا لبنان في‮ "‬الويك أند‮" ‬وكأنه كان على موعد مع‮ ‬استراحة بين عاصفتين.‮ ‬فغداة عاصفة‮ "‬الكر والفر‮" ‬على مدى ثلاثة ايام من مناقشة البيان الوزاري‮ ‬في مجلس النواب الذي‮ ‬منح‮ "‬ثقة هزيلة‮" ‬للحكومة،‮ ‬سافر عدد من المسؤولين ‬الى الخارج لـ‮ "‬الراحة"‬،‮ كمن يستعدّ لملاقاة العاصفة التي ستهبّ من جديد مع الاطلالة المرتقبة‮ ‬غداً لرئيس الحكومة السابق ‬سعد الحريري‮ ‬عبر احدى الشاشات،‮ ‬والتي‮ ‬من شأنها تحديد خريطة طريق المعارضة للمرحلة المقبلة،‮ ‬وربما تكون احدى اهم محطاتها نهاية الشهر الجاري،‮ ‬مع انقضاء مهلة الـ‮ ‬30‮ ‬يوماً‮ ‬من دون قبض السلطات اللبنانية على المتهمين الأربعة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، الذين كانت صدرت بحقهم مذكرات توقيف عن المحكمة الدولية.
وشكلت استراحة ما بين العاصفتين فرصة لمعسكري‮ ‬الحكومة‮ ‬والمعارضة‮ ‬لتقويم حصيلة‮ "‬الأرباح والخسائر‮" ‬التي‮ ‬افضت اليها الجولة الاخيرة من المواجهة العاصفة،‮ ‬والممتدة من اسقاط حكومة الحريري‮ ‬باستقالة‮ "‬8‮ ‬آذار‮" ‬منها،‮ ‬وتشكيل حكومة ميقاتي‮ ‬من دون‮ "‬14‮ ‬آذار‮"‬،‮ ‬مروراً‮ ‬بصدور طلائع القرار الاتهامي‮ ‬وتسطيره مذكرات توقيف بحق أربعة من "‬حزب الله‮" ‬الذي‮ ‬كان واضحاً‮ ‬في‮ ‬القول ان احداً‮ ‬من‮ "‬المجاهدين الشرفاء‮" ‬لن‮ ‬يسلَّم ولو بعد‮ ‬300‮ ‬سنة‮.‬ معسكر الحكومة،‮ ‬المتمثل بالتحالف الصلب بين‮ "‬حزب الله‮" ‬و"التيار الوطني‮ ‬الحر‮" كسب المعركة حتى الآن،‮ ‬فأحدث انقلاباً‮ ‬لا‮ ‬يستهان به على الاطلاق عندما قلب الاكثرية البرلمانية من مكان الى آخر،‮ ‬وتمكن تالياً‮ ‬من بسط نفوذه على السلطة عبر قيام حكومة‮ ‬يملك فيها القدرة على التحكم بتوجهاتها الاساسية‮.‬ هذا التحالف،‮ ‬الذي‮ ‬كان أسقط حكومة الحريري‮ ‬على خلفية الموقف من المحكمة الدولية،‮ ‬ولاعتبارات ترتبط بـ‮ "‬الهوية الاقليمية‮" ‬للبنان وبـ‮ "‬الامرة السياسية‮" ‬في‮ ‬الداخل،‮ ‬نجح في‮ ‬استباق صدور القرار الاتهامي‮ ‬بتشكيل حكومة ضمّن بيانها الوزاري‮ "‬ممرات خلفية‮" ‬تتيح له دفع الحكومة الى‮ "‬الانسحاب‮" ‬من التزاماتها تجاه المحكمة الدولية عندما تقتضي‮ ‬الحاجة‮.‬ وليس ادل على تلك النجاحات التي‮ ‬حققها تحالف‮ "‬حزب الله‮" – "التيار الوطني‮ ‬الحر‮" ‬من المقاربة الرسمية لملف تبليغ‮ ‬المتهمين الاربعة مذكرات التوقيف الصادرة بحقهم من المحكمة الدولية طالما ان المؤسسات الامنية تدار من سلطة سياسية‮ ‬يشكل هذا التحالف رافعتها القوية،‮ ‬على عكس ما كان‮ ‬يمكن ان‮ ‬يحدث مع وجود سلطة مغايرة‮.‬ ‮"‬حزب الله‮" ‬الذي‮ ‬يدرك ان ما من احد في‮ ‬امكانه وقف عمل المحكمة الدولية الصادرة بقرار عن مجلس الامن الدولي،‮ ‬غالباً‮ ‬ما كان‮ ‬يقول ان هدفه "‬المركزي‮" ‬جعل تلك المحكمة تقف على حدود لبنان،‮ ‬وتالياً‮ ‬فهو نجح في‮ ‬قلب الطاولة على النحو الذي‮ ‬جعله‮ ‬يمسك بالسلطة من خلال حكومة هو صاحب القرار فيها،‮ ‬رغم وجود كتلة وسطية‮ ‬غير مؤثرة من وزراء لرئيس الجمهورية ميشال سليمان والنائب‮ ‬وليد جنبلاط‮.‬ هذه الحصيلة تعني‮ ‬ان تحالف‮ "‬14‮ ‬آذار‮" ‬خسر وبـ‮ "‬النقاط‮" ‬على مدى مرحلة اختلط فيها المحلي‮ ‬بالاقليمي،‮ ‬يوم كان التحالف السوري‮ ‬ـ الايراني‮ ‬في‮ ‬ذروة هجومه الاقليمي،‮ ‬مما وفر لحلفائه اللبنانيين فرصة‮ "‬الانقلاب‮" ‬واقصاء الحريري‮ ‬وتركيب توازنات،‮ ‬شكلت حكومة ميقاتي‮ ‬حصيلتها السياسية.‮ ‬وكانت جولات الثقة على مدى ثلاثة ايام في‮ ‬الاسبوع الماضي‮ ‬الاشد تعبيراً‮ ‬عن المشهد العام الذي‮ ‬تجلى بفوز ‮ "‬حزب الله‮" ‬بـ "الحكومة" وفوز‮ "‬14‮ ‬آذار‮" ‬بالخروج الجماعي‮ ‬قبل التصويت على الثقة‮.‬ هذه‮ "‬المعادلة‮" ‬لا تشكل نهاية المطاف بطبيعة الحال وهي‮ ‬مرشحة للاهتزاز بقسوة مع انتقال‮ "‬14‮ ‬آذار‮" ‬الى ملعبها الأحبّ،‮ ‬اي‮ ‬المعارضة في‮ ‬ظل متغيرات اقليمية لا تشبه ما كانت عليه الحال‮ ‬يوم اسقاط الحريري،‮ ‬فالنظام في‮ ‬سورية هو من‮ ‬يواجه اليوم خطر السقوط،‮ ‬وايران تكاد ان تفقد‮ "‬دفرسوارها‮" ‬العربي،‮ ‬اما‮ "‬حزب الله‮" ‬فهو ليس في‮ ‬افضل حالاته مع‮ ‬ازمة النظام السوري،‮ ‬حليفه الاستراتيجي‮ ‬و"حبل سرته‮" ‬في‮ ‬الاتصال بايران‮، ومع‮ ‬صدور‮ "‬أول الغيث‮" ‬من مذكرات التوقيف بحق اربعة منه عن المحكمة الدولية‮.‬ فـ‮ "‬حزب الله‮" ‬القوي‮ ‬يعاني‮ ‬من مجموعة مآزق حقيقية،‮ ‬يضاف اليها وجود اكثر من‮ "‬خاصرة رخوة‮" ‬في‮ ‬الحكومة الممسك بها،‮ ‬كرئيسها ميقاتي‮ ‬ووزراء جنبلاط،‮ ‬ما‮ ‬يعني‮ ‬ان الواقع الحالي‮ ‬قد لا‮ ‬يستمر على حاله مع احتدام الصراع السياسي‮ ‬في‮ ‬البلاد على وقع انكشاف مضمون القرار الاتهامي‮ ‬في‮ ‬جريمة اغتيال الحريري‮ ‬وانكشاف الوضع في‮ ‬سورية على المزيد من المتغيرات‮.‬ فوق هذه‮ "‬الأرض الخصبة‮" ‬ستنطلق‮ "‬14‮ ‬آذار‮" ‬في‮ ‬معارضتها الشرسة،‮ ‬ومعها الكثير من أوراق القوة،‮ ‬التي‮ ‬تبدأ من "ضريح الحريري"‮ ‬في‮ ‬وسط بيروت وتصل الى نيويورك مروراً‮ ‬بعواصم القرار العربي‮ ‬والدولي‮ ‬وبميادين‮ "‬الجمعة‮" ‬في‮ ‬الشارع العربي‮ ‬لا سيما في‮ ‬المدن السورية‮.‬

السابق
خامنئي: أدعياء “المهدويه” كذابون
التالي
زيارة سفيرين في جمهورية الخوف