النهار: 14 آذار تُحاكم الحكومة: الاغتيال لم يكن مبدئياً ونصرالله عند مواقفه والمحكمة تردّ عليه

نجحت قوى 14 آذار النيابية أمس، في أول أيام جلسات الثقة بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثانية، في ادارة مواجهة سياسية تحت السقف الديموقراطي، فاعطت مثالا في المعارضة افتقده لبنان منذ زمن طويل في الحياة البرلمانية. واذا كانت التساؤلات كثيرة بعد البيان العالي النبرة لهذه القوى اثر مؤتمرها في "البريستول" الاحد الماضي وما اثاره من توتر في رد للرئيس ميقاتي، فإن خطباء هذه القوى أمس حددوا اطار معركتهم ألا وهو: الهجوم على الحكومة على قاعدة تخليها عن المحكمة الخاصة بلبنان واعتبار رئيسها رهينة لسلاح "حزب الله" غير قادرة على اتخاذ قرار مستقل.

وفي هذا السياق قال مرجع بارز في المعارضة في ختام اليوم الاول من جلسات الثقة: "لم نسمع من الرئيس ميقاتي تعهدا لالتزام صريح لتنفيذ القرار 1757 الخاص بالمحكمة، ولذا كان ردنا الذي سيتطور تباعا هو حجب الثقة ووقف التعاون مع الحكومة في انتظار خطوات لاحقة سنحددها في المستقبل القريب".

اليوم الاول

ولم يفت رئيس مجلس النواب نبيه بري، في سياق اليوم الاول من المناقشات للبيان الوزاري، القول إن المداخلات لا علاقة لها بالبيان بل بـ"المحكمة والسلاح". وفيما استوعب اليوم الاول كلمات 23 نائبا معظمهم من قوى 14 آذار، لا يزال على لائحة طالبي الكلام 24 من المرجح ان يتحدثوا اليوم، بحيث يمكن انهاء الجلسات إما اليوم في ساعة متقدمة من المساء وإما غدا، ثم يدلي رئيس الوزراء برده تمهيدا للاقتراع على الثقة بحكومته والتي باتت مضمونة في ظل الاكثرية التي ادت الى تكليفه.
وكان ابرز الغائبين عن الجلسة الرئيس سعد الحريري ورئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون، وابرز الحاضرين رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط.

واسترعى الانتباه في مداخلات اليوم الاول على ضفة 14 آذار ما قاله النائب مروان حماده، اذ خاطب الرئيس ميقاتي قائلا: "(…) صديقك رفيق الحريري لم يستشهد مبدئيا. لقد اغتيل فعلياً بطنّين من المتفجرات ومعه وبعده اغتيلت كوكبة من زملائك ورفاقك واصدقائك ومواطنيك". اما النائب سمير الجسر عضو كتلة "المستقبل" عن طرابلس، فسأل ميقاتي: "(…) هل انت تؤمن بانه لو قبل الرئيس سعد الحريري بالاغراءات وبضغوط الداخل والخارج وساوم على دم الشهداء، كما تزعم، هل كنت انت اليوم في رئاسة الحكومة وتطرح بك الثقة؟".

في المقابل، اعتبر عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي عمار ان المحكمة هدفها "تشويه صورة حزب الله في المحافل الدولية". وقال ان "المقاومة منذ يومها الاول عرضة لسلاح الالغاء والاعدام من العدو الاسرائيلي والاميركي".
وقال النائب مروان فارس عضو كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي إن المحكمة "مسيسة"، ودعا الى "سحب القضاة اللبنانيين وسحب حصة لبنان من تمويلها".
وفي تعليق اول للرئيس ميقاتي على مداخلات صباح اليوم الاول، قال إنه مرتاح و"إن هذه هي الديموقراطية".

نصرالله

ومن خارج البرلمان، واصل الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله حملته على المحكمة وقرارها الاتهامي التي بدأها السبت الماضي، فتساءل في كلمة متلفزة مباشرة مساء امس في الاحتفال الذي أقامته مؤسسة الجرحى في مناسبة "يوم الجريح" في مجمع شاهد على طريق المطار: "(…) هل ما يجري هو عدالة؟ هل لجنة التحقيق الدولية والمدعي العام والمحكمة التي يرئسها صديق كبير لاسرائيل، هذه المحكمة تحقق العدالة؟". ورأى ان "كل هؤلاء الذين يؤيدون القرار الظني الظالم هم يدعمون الظلم ويتنكرون للحقيقة والعدالة (…) وتغطية القاتل الحقيقي الذي هو اسرائيل".
وأضاف: "المحكمة اليوم هي الطريق لظلم تاريخي يلحق بالشهداء وبالمقاومين".
وصدر عن الحزب بيان ردا على رد المدعي العام للمحكمة دانيال بلمار جاء فيه ان صمته عن عدد من القضايا "يظهر حجم التآكل الذي أصاب صدقية المحكمة".

المحكمة

في المقابل، استغربت مصادر في المحكمة ما نسبه نصرالله الى كاسيزي السبت الماضي من انه "صديق اسرائيل" واعتبرت انه أراد بذلك "تشويه سمعته وسمعة المحكمة".
وقالت لـ"النهار" أمس: "ان القاضي كاسيزي لم يحضر المؤتمر (في هرتزليا باسرائيل) لانه لم يكن موافقا على الكلام الذي قيل فيه واعتبره منحازا". وأضافت ان "ثمة مقالة قال نصرالله إن الرئيس كاسيزي كتبها، وهذا غير صحيح (…)". وخلص الى "ان نصرالله يريد ان يدمّر سمعة الرئيس كاسيزي وسمعة المحكمة في الوقت نفسه (…) والمدعي العام لديها وهو غير قادر على ان يفرّق بين الثلاثة وأهمل كل ما فعله الرئيس كاسيزي من أجل جملة واحدة لا دليل عليها ولا اثبات".

ومن بيروت حيث يقوم بزيارة "ليكون الى جانب المتهمين"، حض رئيس مكتب الدفاع في المحكمة فرنسوا رو امس في مقابلة مع "وكالة الصحافة الفرنسية" المتهمين على استشارة محام "في أسرع وقت". وقال: "مذكرة توقيف صادرة عن محكمة دولية هي أمر مهم جدا… اعتبارا من الان، اعتبارا من اللحظة التي تصدر فيها مذكرات التوقيف، المتهمون لا يعودون أحرارا، بل يتحولون هاربين". وشدد على "أن المحكمة هي التي ستقرر في نهاية المطاف".

الاتحاد الاوروبي

وأعلنت امس رئيسة بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان انجيلينا ايخهورست، في مؤتمر صحافي حضره سفراء الاتحاد، موقفها من موضوع المحكمة.
فقد سئلت عن توقعاتها لتصرف الحكومة اللبنانية في المحكمة الدولية، فأجابت: "هذا الموضوع يناقش في الوقت الحاضر في البرلمان، ونحن نحترم هذه الطريقة في المناقشة، وسبق لنا أن رحبنا بتشكيل الحكومة، ونتابع الموضوع خطوة خطوة، وسنرى كيف ستتعامل الحكومة الجديدة مع المسائل الاساسية".

وعن تعاون الحكومة مع المحكمة قالت: "سبق لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي ان أعلن في لقائه وسفراء الاتحاد الاوروبي انه سيتعاون مع المحكمة، ومن المهم للبنان استمرار التعاون مع المحكمة التي يجب ان يسير عملها دون أي عرقلة".
وهل يخسر لبنان التمويل اذا لم يسلم المتهمين الى المحكمة؟ أجابت: "سمعنا خططا عدة من الافرقاء عن هذا الموضوع، ونحن في الاتحاد الاوروبي نتوقع ونشجع الحكومة على التعاون تعاونا كاملا مع المحكمة الدولية"، مشيرة الى ان "التعاون مع المحكمة ليس مرتبطا في الوقت الحاضر بالتمويل المالي الذي سيقدمه الاتحاد الاوروبي".

السابق
البناء: نصرالله يرفض المقايضة بين العدالة والاستقرار ويَعِدُ بمزيد من الوقائع وجلسة هادئة للثقة تُعزِّز موقع الحكومة
التالي
المسألة ليست سنّة وشيعة