اللواء: المستقبل يرفض القطيعة مع الشيعة: السنيورة في الضاحية الجنوبية وقطوع الثقة ينطلق اليوم··· وبري للتعاطي مع القرار الإتهامي وضد السلاح في الداخل

كيف سيكون مشهد جلسات الثقة النيابية التي تبدأ قبل ظهر اليوم؟

واستطراداً، هل أن المواقف والخطوات التي سبقت الجلسة أنهت المناقشات قبل أن تبدأ، على خلفية أن ما كُتب قد كُتب، وأن الخطب النيابية لن تعدو كونها تسجيل مواقف وإن اتسمت بالحدة حيناً أو بالهدوء أحياناً؟

كل الترتيبات اتخذت لتمرير قطوع الثقة، ضمن ما يعرف <باللعبة البرلمانية> المحفوفة بمخاطر التوتر، وهي الحكومة الخامسة بعد الـ 2005، حيث تجري مناقشات الثقة على إيقاع أخطر انقسام أهلي يشهده لبنان في غضون العقدين الماضيين·

والأجواء المتوقعة في مجلس النواب اليوم، مع بدء جلسات الثقة، ستكون وفق مصادر التيارات النيابية، محمومة بالتوتر والحملات المتبادلة، رغم بروز ظاهرتين يمكن البناء عليهما في تهدئة أجواء التوتر والتصعيد:

الأولى: كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع مجلس نقابة الصحافة والذي أكد فيه الالتزام بالعلاقة مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، بروتوكولاً وتمويلاً وقضاة، على اعتبار أن لبنان لا يستطيع أن يوقف عمل المحكمة، ولا أن يخرج من التزاماته، علماً أن هذا الكلام جاء بعد ردّ صباحي عنيف من مكتب رئيس الحكومة على بيان قوى 14 آذار في <البريستول>·

الظاهرة الثانية، حرص الرئيس فؤاد السنيورة على الحضور شخصياً احتفال الذكرى السنوية الأولى لرحيل العلامة السيد محمد حسين فضل الله، مع علمه المسبق بوجود كلمتين لكل من الرئيس نبيه بري ونائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم·

ورغم أن هذا الحضور لم يكن مريحاً لدى جمهور تيار <المستقبل> وعدد من نوابه، إلا أن وجود الرئيس السنيورة وسط جمهور غير صديق، وهو الذي يعتبر في المرحلة الراهنة،، قائد المعارضة، حمل، في نظر أوساط سياسية، رسالة محددة بنقطة واحدة، وهو أن لا بديل عن التواصل والحوار، وأن المشكلة ليست مع طائفة أو حزب أو مجموعة، وإنما هي في وجوب تحقيق العدالة وكشف الحقيقة والقبض على المجرمين الذين زهقوا روح زعيم سياسي كبير كالرئيس رفيق الحريري وسائر الشهداء الآخرين·

ولوحظ أن الرئيس السنيورة الذي كان على رأس وفد من تيار <المستقبل> ضمّه والنائب نهاد المشنوق والمهندس فادي فواز، حرص على البقاء حتى نهاية كلمة الرئيس بري، رغم كل ما تضمنته من انتقادات لمواقف المعارضة، ورغم أيضاً قساوة ما ورد في كلمة الشيخ نعيم قاسم ضد قوى 14 آذار، وتمتع برباطة جأش وقدرة على الصبر، حرصاً على الوحدة الاسلامية الذي كان العلامة فضل الله رائدها·

غير أن الظاهرتين الايجابيتين، لا يبدو انه يمكن البناء عليهما، الا إذا امكن للمعنيين النجاح في فصل السياسة عن القضاء في هذه المرحلة، بمعنى ترك السلطات القضائية تتابع عملها في ما يتصل بالقرار الاتهامي، مع إبقاء الخلافات السياسية بمعزل عن هذا المسار، وهو أمر يبدو مستبعداً، بالنظر للانقسام السياسي الحاصل، رغم بروز أصوات تدعو إلى إخراج موضوع المحكمة الدولية من التداول السياسي، بما يتيح تثبيت الاستقرار السياسي وإعادة تفعيل عمل المؤسسات الدستورية ومعالجة قضايا النّاس، على حدّ ما أعلن رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط في موقفه الأسبوعي لجريدة <الأنباء> الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي، مؤيداً في ذلك دعوة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني·

ورأى جنبلاط أن <هذا الخطاب العقلاني والهادئ هو المطلوب للتعامل مع حساسية المرحلة الراهنة، وهو مختلف عن الكلام المتشنج لفريق المعارضة الذي سيعيد إنتاج التوتر الذي لا يخلو من الاعتبارات الطائفية والمذهبية، معتبراً أن الذهاب بالبلاد إلى أفق مسدود لا يخدم الاستقرار ولا العدالة>·

برّي وقاسم وشدّد الرئيس برّي خلال الاحتفال بذكرى غياب فضل الله، على أن <اللحظة تستدعي من الجميع تنازلات من أجل الوحدة، ومن أجل الدخول إلى الدولة، من دون أن يعني ذلك تنازلاً عن حق الشعب في معرفة الحقيقة في جرائم الاغتيال، وفي الطليعة جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما سبقها وما تلاها>· معلناً مساندة الحكومة في موقفها من التعاطي مع القرار الظني والمحكمة الدولية، وفقاً لنص البيان الوزاري، مطالباً بأن يكون على جدول اعمال الحكومة اعادة الثقة للقضاء اللبناني، مؤكداً رفضه الاستقواء بالسلاح والسلاح الرسمي، وقال ان <شرف سلاح المقاومة هو في وجوده في مواقع المقاومة وتلبية نداء الوطن إلى جانب الجيش في ساعة الشدة لا اكثر ولا اقل>· مؤكداً تأييده للحوار كحالة فكرية واسلوب لمعالجة القضايا الخلافية في اطار عقد اجتماعي يتمثل بالطائف، وملاقاة البطريرك الماروني بشارة الراعي في رفع عنوان <شركة ومحبة> لأنه يتسع للجميع·

اما الشيخ قاسم فرأى أن ممثلي الشعب اختاروا الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي، وهي ستعمل لمصلحة لبنان، ولن ينفع الاتهام الظالم والمشبوه للمقاومين في تغيير واقع الالتفاف حولها·

وتوجه الى قوى 14 آذار بالقول: <راجعوا سياساتكم التي اخرجتكم من السلطة بالارادة الشعبية، ولو دامت لغيركم لما آلت اليكم ثم خسرتموها>، متسائلاً: <هل افجعكم الخروج من السلطة إلى هذه الدرجة؟ وهل تستحق السلطة أن توقظوا الفتنة للامساك بها؟ وهل تعتقدون أن المسار الإسرائيلي والاميركي سينفعكم؟!>·

ميقاتي وكان الرئيس ميقاتي، قد دعا، خلال لقائه مجلس نقابة الصحافة برئاسة النقيب محمّد البعلبكي الى التعاون بواقعية تامة مع موضوع المحكمة لكشف الحقيقة واحقاق العدالة، وفي الوقت ذاته التأكيد على استقرار لبنان، لا سيما في ظل وجود فريق من اللبنانيين يعتبر ان المحكمة تستهدفه مشددا على التوفيق بين الامرين وعدم اعتبار اي منهما متعارضا مع الاخر>، مؤكدا ان لبنان لا يستطيع ان يوقف لا عمل المحكمة ولا وجودها ولا التزاماته تجاهها، لافتا الى ان البروتوكول الموقع بين المحكمة ولبنان عبر السلطات اللبنانية يأخذ مجراه عبر القضاء اللبناني – من دون اي لغط او التباس·

وقال- حسب ما نقل عنه النقيب البعلبكي: <سنبقى مستمرين في كل الالتزامات الى حين حصول اجماع لبناني على اي امر آخر، ويسرى هذا الامر على موضوع البروتوكول مع المحكمة وعلى عمل القضاة اللبنانيين فيها>·

ورداً على سؤال عن موقف الحكومة من تمويل حصة لبنان في موازنة المحكمة الدولية، اكد الرئيس ميقاتي ان <هذا الامر سيدرج ضمن الموازنة العامة في حينه>·

وردا على سؤال آخر عن كلام السيد حسن نصر الله بشأن عدم تسليم المتهمين الاربعة الى المحكمة اعلن ميقاتي انه <يقيم ايجاباً حرص السيد نصر الله على عدم تعريض البلد لأي فتنة، وفي الوقت ذاته احتفظ بحقي في ان اقوم بواجباتي، كما تقتضيها الاصول الدستورية والقانونية والقضائية، مؤكدا في الوقت ذاته ان السلطة السياسية لن تقوم بأي عمل من شأنه ان يعرقل عمل الاجهزة القضائية في هذا الشأن>·

ولاحظت مصادر مطلعة ان هذا الموقف الايجابي من قبل رئيس الحكومة كافيا لسحب البساط من تحت قوى 14 اذار التي كات أمهلته بحسب بيان <البريستول> حتى صباح اليوم لتأكيد التزامه بالمحكمة، وكان كافيا بالتالي للتخفيف من حملة المعارضة ضده، لولا البيان التصعيدي الذي اصدره مكتبه الاعلامي صباحا، والذي كان قاسيا، الى درجة اتهام الرئيس سعد الحريري، من دون ان يسميه بالعمل على <تسوية> على حساب دم الشهداء وقضيتهم للتمسك بموقعه في السلطة، اضافة الى اتهام قيادات 14 آذار في <البريستول> بتضليل الرأي العام، الامر الذي استدعي رداً من العيار الثقيل نفسه من الامانة العامة لقوى 14 آذار، ومن تيار <المستقبل>، واعداً اياه بموعد اليوم مع نواب 14 آذار في المجلس·

وردت مصادر ميقاتي ليلا على هذه السجالات بالقول: <ان لا عمل للفريق الآخر سوى البيانات والمواقف الجامدة، فيما الرئيس ميقاتي ينصرف الى العمل، لان الناس تريد افعالاً لا اقوالاً، والبيان الذي صدر كان ضرورياً لوضع النقاط على الحروف ليس إلا>·

جلسات الثقة مهما كان من امر، فإن الانظار بقيت مشددة الى مجلس النواب اليوم، بعدما استكملت الاستعدادات اللوجستية والتقنية لمواكبة جلسات الثقة التي يتوقع ان تكون صاخبة، فيما يبقى الامل بحكمة وحنكة الرئيس بري لتصويب النقاشات في مسارها الصحيح، وان تكون تحت السيطرة وضمن اللعبة البرلمانية ·

وكشفت مصادر نيابية ان الرئيس بري سيتوجه في بداية جلسة اليوم، والتي ستكون مخصصة لتلاوة البيان الوزاري، متمنياً على النواب اختصار الكلمات، وخصوصاً ان عدد طالبي الكلام بلغ حتى ظهر أمس، وبحسب الأمين العام للمجلس 25 نائباً موزعين بين الطرفين، علماً ان هذ العدد قابل للارتفاع، وخصوصاً ان هناك توجهاً لدى نواب 14 آذار للتحدث بكثرة وإرتجالياً·

أما عن خط الموالاة، فقد رجحت مصادر نيابية منهاان تنتدب كل كتلة من ينوب عنها بالكلام، وقد انتدبت كتلة بري النائبين ياسين جابر وغازي زعيتر، وان تنهي الجلسات ضمن المهلة التي حددها بري في الدعوة الموجهة إلى النواب أي في ثلاثة أيام، وان تختتم الجلسة المسائية يوم الخميس المقبل برد الحكومة على المداخلات النيابية قبل التصويت على الثقةوالمرجحة بأن تكون بأصوات الاستشارات النيابية أي 68 نائباً وربما أكثر بصوتين·

السابق
الانباءعن مصدر وزاري: الحكومة لمواجهة خطرالمحكمة
التالي
ملاكمة مدروسة