السفير: لخلطة السحرية للمحكمة على نار الاتهامي

بقي «شبح» القرار الاتهامي مخيما على الساحة الداخلية، بعد إعادة استحضاره بقوة منذ ايام، وسط سيل من الترجيحات المتباينة لموعد صدوره، حيث ذهبت بعض المصادر الى توقع ولادته في الساعات المقبلة، بينما رجحت مصادر أخرى حصول الولادة خلال أسبوع، فيما اعتبرت أوساط متابعة ان كل ما يثار ويسرب في هذا الشأن هو للضغط السياسي على الرئيس نجيب ميقاتي في خضم مناقشة البيان الوزاري وما يواكبها من أخذ ورد حول كيفية مقاربة ملف المحكمة الدولية.

وإزاء هذا التجاذب الحاصل، وجد اللبنانيون أنفسهم يضعون عينا على لاهاي وعينا أخرى على مناقشات البيان الوزاري الذي ما زال ينتظر إنضاج الخلطة السحرية للفقرة المتصلة بالمحكمة الدولية، من دون ان تتمكن لجنة صياغة البيان في اجتماعها السادس أمس من حسم هذا الموضوع، الى حين تبلور نتائج الاتصالات الجارية بعيدا عن الاضواء بين مكونات الاكثرية الجديدة، ولا سيما بين الرئيس ميقاتي وحزب الله، علما بأن أوساطا واسعة الاطلاع أبلغتنا ان ميقاتي أصبح أكثر تشددا في مقاربة نقطة المحكمة الدولية، لإحساسه بانه يخضع لمراقبة مشددة من طائفته لتبيان الطريقة التي سيتعامل بها مع مسألة المحكمة، إضافة الى رصد المجتمع الدولي لخطواته، في حين ان القوى الاخرى في الاكثرية لا تشعر بالحرج ذاته، داخليا وخارجيا.

وقالت مصادر وزارية لـ«السفير» ان بعض ممثلي الاكثرية في لجنة صياغة البيان الوزاري يربطون بحث القرارات الدولية الاخرى، غير القرار 1701، ببحث بند المحكمة، مشيرة الى ان هناك رفضا لدى هذا الفريق لتضمين البيان الوزاري الالتزام بالقرارات التي يمكن ان تسبب شرخا وطنيا او فتنة داخلية كالقرار 1559 وقرار انشاء المحكمة، مع الاستعداد للقبول بصيغة مخففة تحترم القرارات الدولية لكنها لا تلزم لبنان بها اذا كانت ضد مصلحته، بينما يفكر ميقاتي بصيغة جامعة عامة تؤكد المواءمة بين احترام القرارات الدولية والحرص على مصلحة لبنان واستقراره، لكنه لم يطرح بعد هذه الصيغة قبل ضمان الموافقة المسبقة عليها.

الى ذلك، علمنا ان شخصيات لبنانية تواصلت هاتفيا خلال الساعات المقبلة مع بعض القضاة اللبنانيين في المحكمة الدولية، وفهمت منهم ان القرار الاتهامي سيصدر خلال أسبوع، فيما أبلغ مرجع بارز «السفير» ان المؤشرات المتوافرة تُرجح صدور القرار خلال ايام، ملاحظا انه كلما وصلنا الى مرحلة إيجابية في لبنان يلوّحون بالقرار الاتهامي، وهذا حصل أكثر من مرة في الماضي وهو يتكرر اليوم بعد تشكيل الحكومة وبدء المناقشات حول البيان الوزاري.

ورأى المرجع انه إذا تبين بعد صدور القرار ان مضمونه يتطابق مع التسريبات الكثيرة التي سبقته، فان من الافضل لحزب الله وحركة أمل ان يتعاملا معه بأعصاب باردة، من دون تشنج او انفعال، لان صدوره على هذا النحو سيثبت ان المحكمة الدولية مسيسة وان قرارها الاتهامي كان معروفا قبل خروجه الى العلن، الامر الذي من شأنه ان يضرب مصداقيته تلقائيا.

البيان الوزاري
في هذا الوقت، أجرت لجنة صياغة البيان الوزاري في اجتماعها السادس أمس قراءة أولية لمسودة البيان الوزاري كاملة، وأقرت تقريبا السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية بعد الاخذ بعدد من التعديلات المقترحة عليها، مع الاشارة الى ان هناك بنودا تفصيلية قليلة لا تزال بحاجة الى تعديلات لغوية.
واكد وزيرا المال محمد الصفدي والطاقة جبران باسيل لـ«السفير» ان البند الاقتصادي ـ الاجتماعي قد أنجز تقريبا،
وسيخضع كما مجمل مسودة البيان الوزاري لقراءة شبه نهائية في الجلسة المقررة اليوم.
بري… ومهلة الإسقاط
الى ذلك، قال الرئيس نبيه بري لـ«السفير» ان مهلة الشهر لإنجاز البيان الوزاري هي مهلة إسقاط وليست مهلة حث، لافتا الانتباه الى انه في حال أخفقت الحكومة في وضع بيانها الوزاري قبل 13 تموز المقبل، تصبح حكما مستقيلة، وتتحول الى حكومة تصريف أعمال، ما يستوجب عندها إجراء استشارات نيابية جديدة لتكليف شخصية بتشكيل الحكومة.
وأشار الى ان هناك العديد من الاجتهادات والسوابق التي تؤكد هذا التفسير الدستوري، موضحا انه إذا انقضت مهلة الإسقاط من دون انجاز البيان الوزاري، فسيدعو الى عقد جلسة نيابية تشريعية في أول أربعاء، بعد 13 تموز. وأمل ان يتم الانتهاء من وضع البيان قبل هذا التاريخ، مؤكدا ان الاتصالات مستمرة من أجل التوصل الى صيغة مقبولة بخصوص المحكمة الدولية، لا تمس الثوابت اللبنانية.
 

السابق
سمير جعجع حبيس الماضي
التالي
البناء: برّي يستعجل البيان الوزاري وإلّا فسأدعو إلى جلسة تشريعية بعد 13 تموز