البناء: برّي يستعجل البيان الوزاري وإلّا فسأدعو إلى جلسة تشريعية بعد 13 تموز

بدا واضحاً أن اللجنة الوزارية المكلفة إعداد البيان الوزاري أخذت الوقت الكافي لإنجاز الصيغة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء، بما يفتح الطريق لمثولها أمام مجلس النواب لأخذ الثقة استعداداً لبدء الحكومة عملها على صعيد معالجة الملفات الداهمة، خصوصاً إذا ما صحت المعلومات التي تتحدث عن قرب صدور القرار الاتهامي عن المحكمة الدولية، وما يفترضه هذا الاستخدام السياسي المتجدد للمحكمة للنيل من استقرار لبنان ومناعته وفي سبيل تحريك الفتنة الطائفية والمذهبية.

ولذلك يفترض من الجهات المعنية بالعمل الحكومي وبإعداد تصور لبند المحكمة الدولية الذي سيتضمنه بيان الحكومة الانتهاء منه، ولو كان الجهد الأساسي لإعداد هذا التصور يحصل من خارج اجتماعات اللجنة الوزارية عبر الاتصالات التي يقوم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع أقطاب الأكثرية الجديدة لهذه الغاية وبالأخص مع حزب الله كونه المعني الأول بالقرار الظني وتسييس عمل المحكم

وتقول مصادر قيادية بارزة، إن الإسراع في إنجاز صيغة البيان الوزاري ونيل الحكومة الثقة في مجلس النواب، من شأنهما أن يدفعا باتجاه تحصين الوضع الداخلي وتمكين الحكومة من مواجهة أي محاولة للعب بالاستقرار الداخلي على غرار ما حصل قبل أسبوعين في طرابلس، كما أن من شأن تحريك قطار العمل الحكومي أن يمكنها من اتخاذ القرارات اللازمة حول أي قضية قد تستجد على الوضع السياسي الداخلي، بالإضافة إلى البدء بمعالجة القضايا المتراكمة التي سيتضمنها بيانها الوزاري وفي الأساس منها القضايا المعيشية والاجتماعية الملحة، خصوصاً مع بدء موسم السياحة الذي يتطلب الكثير من الجهد والعمل على مستويات مختلفة.

وتلاحظ المصادر أن من شأن إطالة الوقت أمام الاتفاق على صيغة البيان الوزاري، وبالأخص بند المحكمة الدولية أن يعطي فريق «14 آذار» مزيداً من الأوراق للهجوم على الحكومة في ظل معلومات مختلفة تشير إلى أن هذا الفريق يسعى الى ستخدام كل ما لديه من إمكانات سياسية وإعلامية لوضع العصي أمام عجلة العمل الحكومي والتصويب السياسي عليها.

كل النقاط…
باستثناء المحكمة
وقد أنهت اللجنة الوزارية المكلفة إعداد البيان الوزاري عصر أمس إقرار كل النقاط التي يتضمنها على كل الصعد باستثناء بند المحكمة الدولية الذي يخضع لمناقشة دقيقة ومكثفة من قبل القيادات المعنية.
وعلمنا أن مداولات جادة قد جرت مساء أمس بعد اجتماع اللجنة للتوصل إلى صيغة مرضية ومقبولة.

وقال مصدر وزاري مشارك في اللجنة، أنه جرى استكمال بحث البنود الاقتصادية والتربوية والاجتماعية، مشيراً إلى أن وزير المال محمد الصفدي قدم مسودة عن الرؤية الاقتصادية. أضاف: إن اللجنة أعادت قراءة البنود التي كان قد جرى إقرارها والتي أدخل عليها بعض التعديلات حيث أقرت المسودة بصورة شبه نهائية، وأوضح أن اللجنة ستعيد في اجتماع اليوم القراءة النهائية للمسودة.

وإذا كان بند المحكمة الدولية قد أصبح جاهزاً فسيصار إلى بحثه وإلا فسيؤجل إلى جلسة لاحقة، بانتظار أن يتوصل الرئيس ميقاتي إلى صيغة توافقية.
وقالت المعلومات: إن هناك ضغوطاً قوية للانتهاء من هذا الموضوع، وبالتالي انتقال البيان إلى مجلس الوزراء لإقراره بصيغته النهائية تمهيداً لنيل الثقة على أساسه في مجلس النواب.

وقد أكد الرئيس نبيه بري مساء أمس، أن مهلة الشهر للبيان الوزاري تعتبر مهلة إسقاط وليس مهلة حث بمعنى وجوب إنجاز البيان في المهلة المحددة وإلا فإن الحكومة تعتبر مستقيلة وتكلف بتصريف الأعمال.
وأشار الرئيس بري إلى أن هناك اجتهادات عديدة تؤكد هذا الأمر، وأكد أنه سيدعو إلى جلسة تشريعية بعد 13 تموز المقبل إذا لم يتم إنجاز البيان الوزاري.

القرار الاتهامي ورهان فريق 14 آذار
في هذا الوقت، بقيت الأنظار تتجه إلى موضوع القرار الاتهامي الذي لا تزال المعارضة الجديدة تسرّب المعلومات حوله عبر وسائل مختلفة في إشارة واضحة لاستخدامه من أجل التشويش على مسيرة الحكومة الجديدة، مع العلم أن ما قيل في هذا المجال منذ سنتين وحتى الآن يؤكد حسب مرجع بارز في الأكثرية تسييس هذا القرار واستخدامه كلما وصلت البلاد إلى حل أو انتظمت مسيرة التقدم إلى الأمام.

وحسب المعلومات، فإنه على الرغم من أن المراجع لم تتلق أي شيء في هذا الخصوص إلا أن هناك أجواء توحي بأن موضوع القرار الاتهامي بات في غضون أيام.

كذلك تتحدث مصادر مطلعة عن ترجيح صدور هذا القرار مطلع الأسبوع المقبل، بعد أن تكون دوائر المحكمة الدولية قد أبلغت الجهات المعنية في لبنان بذلك، على الرغم من أن الناطق باسم المحكمة الدولية مارتن يوسف رفض الحديث عن تواريخ محددة لصدور القرار الاتهامي، معتبراً أن الاعتبارات القانونية والقضائية هي التي تحدد عملية الانتهاء من مراجعة القرار.

وفي المعلومات أيضاً، أن فريق «14 آذار» يراهن على صدور القرار الاتهامي خلال الأيام القليلة المقبلة لاستخدامه «قفازة» سياسية للهجوم على الحكومة وقوى الأكثرية الجديدة. خصوصاً مع استبعاد قيام الحكومة بأي موقف عملي مع ما يتوقع أن يتضمنه القرار من طلبات للحكومة والجهات المعنية بتوقيف الأشخاص الذين سترد أسماؤهم في القرار. وتقول المعلومات أن فريق المعارضة الجديدة بدأ يردد بين أنصاره وجمهوره عن قرب صدور القرار الاتهامي وما سيحدثه من «نتائج إيجابية» على هذا الفريق. وتشير المعلومات الى أن هناك أحاديث أيضاً عن أن القرار سيؤدي إلى «خضات» داخل قوى الأكثرية خصوصاً أن هناك أكثر من وجهة نظر في ما يتعلق بالتعاطي مع تداعيات القرار ولو أن الجميع متفق على رفض الاستخدام السياسي للمحكمة.

كتلة المستقبل

وقد كشفت كتلة «المستقبل» بعد اجتماعها برئاسة فؤاد السنيورة أمس، عن حقيقة موقفها في ما يتعلق بالمحكمة الدولية، وحذرت مما وصفته الحكومة «من الوقوع في شرك التراجع عن الإجماعات الوطنية إزاء موضوع المحكمة وتحقيق العدالة، لأن من شأن ذلك نقل لبنان من حال إلى حال».
ونبهت ما وصفته من «خطورة ما يحمله بعض مَنْ في الحكومة من أفكار وتوجهات، من شأنها أن تناقض الإجماع اللبناني المكرّس والمتكرر في ما خص الكشف عن المجرمين الذين ارتكبوا جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الشهداء الأبرار ووقفوا خلفها والجرائم ذات الصلة، وضرورة محاكمة هؤلاء المجرمين وإنزال العقوبات بحقهم من أجل أن تسود العدالة، ورأت أن المحكمة الخاصة بلبنان هي الجهة المخولة التحقيق في الجريمة والكشف عن مخططيها ومرتكبيها، ومسؤولة عن تقديم الأدلة والبراهين على أية قرارات اتهامية تعلنها».

سورية تؤكد مناعة شعبها وقيادتها
في هذا الوقت، تؤكد الوقائع السياسية والشعبية أن المؤامرة التي أعدتها دول عديدة إقليمياً وخارجياً بما في ذلك أجهزة مخابرات مختلفة مع أدوات في الداخل السوري، لم تستطع أن تنال من قناعة سورية وصمودها ولا من الاحتضان الشعبي الواسع لثوابت قيادتها. وهو ما ظهر مجدداً في الأيام الأخيرة من خلال جملة حقائق ووقائع كالآتي:
ـ رغم كل حملة التحريض والأكاذيب التي تشارك فيها جهات سياسية عديدة عبر «الفيسبوك» ووسائل إعلامية مختلفة بما في ذلك الأقنية الفضائية كالجزيرة والعربية وغيرهما، بقيت سورية ثابتة على مواقفها ومناعتها وبالتفاف الشعب حول قيادته وهو ما جرى التعبير عنه من جديد في سلسلة التظاهرات التي حصلت في أكثر من منطقة ومدينة سورية.
ـ أن كل حملة الابتزاز والضغوط التي مارسها الغرب وبعض العرب لم تغير في قناعة سورية وقيادتها، وخصوصاً على مستوى الإصلاح الشامل الذي عبرت عنه هذه القيادة في أكثر من مناسبة، وأيضاً في الإعداد لأوسع حوار وطني شامل تشارك فيه كل تنوعات المجتمع السوري، في وقت أظهرت وقائع الأيام الماضية أن لا شيء يجمع ما يسمى المعارضة في الخارج سوى الكيدية وتحريض الغرب للتدخل في شؤون بلادها، حتى أن هذه المعارضة انقلبت على ما خرج به مؤتمر معارضة الداخل وأصرت على الاستمرار في إثارة الوضع الداخلي بما يخدم أعداء سورية.
ـ لقد تأكد أن الغرب بدءاً من واشنطن ولندن يتجه نحو فتح حوار مع القيادة السورية بعد أن عجز التدخل الخارجي عن النيل من موقع سورية وثوابتها، حتى أن معلومات دبلوماسية تتحدث أيضاً عن أن تركيا تتهيأ لإعادة التواصل والحوار مع القيادة السورية.
شعبان: لا مشكلة مع التظاهرات
وفي المواقف قال فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري في كلمة أمام مؤتمر وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي في الأستانة عاصمة كازاخستان: لا نعتقد أن سورية مرت بمرحلة لم تكن فيها هدفا لمؤامرات بعضها مرتبط بالجغرافيا السياسية المهمة لها، وبعضها الآخر مرتبط بمواقفها السياسية تجاه التطورات الإقليمية والدولية، فسورية لم تتنازل عن حقوق شعبها وأمنها ولم تتآمر على أشقائها عربا ومسلمين، ودافعت عن قضايا العدالة والحرية في كل أنحاء العالم.
وقال: إن الأحداث التي شهدتها سورية خلال الأسابيع الأخيرة لا تندرج إطلاقا كما يوحي البعض في الغرب وأدواته من أجهزة الإعلام تحت تصنيف التظاهرات السلمية، بل إن المجازر التي ارتكبتها التنظيمات المسلحة كانت استغلالا بشعا لمبدأ التعبير والتظاهر السلمي، معربا عن أسفه لبناء البعض مواقفه السياسية على هذا التضليل الإعلامي والضغوط التي مارستها الدول الغربية.
وأضاف المقداد: إن الحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها هي استغلال المجموعات الإرهابية المسلحة للتظاهرات السلمية لحمل السلاح وقتل الأبرياء من المواطنين العاديين واستهدافها للقوى الأمنية وارتكابها أعمال التخريب وحرق المقار الحكومية والرسمية والمؤسسات الاقتصادية ومقار الجيش وقوى حفظ النظام.
الكونغرس الأميركي:
يريدون إعطاء صورة خاطئة
إلى ذلك، دعا عضو الكونغرس الأميركي النائب دينس كوسينيتش وسائل الإعلام العالمية إلى عدم الاشتراك في تضخيم ما يجري من أحداث في سورية والقفز إلى الاستنتاجات من دون التحدث إلى الناس والاستماع إلى مطالبهم.
وقال النائب الأميركي في مؤتمر صحافي عقد أمس في فندق «الفور سيزنز»: إن هناك من يريد إعطاء صورة خاطئة عما يجري في سورية، مشيرا إلى ضرورة ترك الأمور لشعب سورية وحكومته وقيادته ليقرروا الاتجاه والسبيل إلى التغييرات الديمقراطية.
ووصف كوسينيتش ما يجري من حراك واجتماعات للشخصيات المعارضة والمستقلة والتحدث عن آرائهم بحرية بأنه أمر وتطور إيجابيان كبيران وقال: إن الرئيس بشار الأسد يهتم كثيرا بما يجري في سورية، وواضح في سعيه إلى خلق سورية جديدة ويستطيع كل من قابله أن يؤكد ذلك.
وأضاف: إن الرئيس الأسد يحظى بكثير من المحبة والتقدير من السوريين، معربا عن اعتقاده بأن الناس يسعون إلى تغيير حقيقي وأن هذا التغيير يعود الى الشعب السوري.
وقال: ما رأيته في سورية حول المناقشة المفتوحة للتغيير الذي يطالب به الشعب والرغبة في الحوار الوطني شيء ايجابي جدا وأن سورية مرت بأوقات صعبة.. لكنني اعتقد أن الرغبة قوية جدا في الوحدة والتغيير الديمقراطي، ويمكن التغلب على المصاعب التي واجهت سورية خلال الأشهر القليلة الماضية.
وكانت ما يسمى المعارضة السورية في الخارج قد حملت على الشخصيات السورية المعارضة التي اجتمعت في فندق «سميراميس» في دمشق أول من أمس. ورأى رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن «المعارضين الذين اجتمعوا في دمشق لا يمثلوننا».
محافظ حمص والوضع الأمني
أما في الشأن الميداني، فقد نفى محافظ مدينة حمص هروب متظاهرين من مدينة القصير إلى القرى المجاورة في شمال لبنان.
وأوضح أن ما حدث يوم الجمعة الماضي هو أن مجموعة من المهربين المتضررين من وقف تهريب المازوت، ونتيجة الإجراءات المتخذة على الحدود، حاولوا جر المصلين الخارجين من المساجد باتجاه المفارز الأمنية والاعتداء عليها للإيحاء بأن الأمن هو من يطلق النار، ما أدى إلى إصابة أحد المصلين ووفاته، وهو طاعن في السن ولا علاقة له بالمسألة، في حين لاذ قسم من المهربين باتجاه قرى الأراضي الحدودية سواء من الجهة السورية أم اللبنانية واللجوء لدى من تربطهم بهم علاقات تهريب في هذه القرى.
وأضاف ان ملاحقة الفارين من قبل القوى الأمنية والتداخل مع سكان هذه القرى أديا إلى مصالحة بين أهالي قريتي حاويك وهيت بعد خصام سابق بمعرفة بعض وجهاء المنطقة في مدينة القصير وبلدة ربلة مثل آل حربا واسماعيل والخالد وفياض والمجبل بمساعدة السلطات الحكومية المحلية.
عودة المئات من تركيا
وذكرت صحيفة «الوطن» السورية أنه «مع إحكام وحدات الجيش السوري سيطرتها على قرية خربة الجوز حيث المعبر الرئيسي للتهريب من الأراضي التركية، واصل المئات من المواطنين المهجرين في القرى الحدودية والشريط الحدودي وفي مخيمات داخل الأراضي التركية العودة إلى مدينة جسر الشغور ومناطق أخرى، وذلك مع انحسار المظاهر والحواجز المسلحة في قرية خربة الجوز والقرى الحدودية في منطقة جسر الشغور نتيجة انسحاب المجموعات المسلحة على الشريط الحدودي باتجاه الأراضي التركية أو الغابات الحرجية والزراعية، في حين ما زال عدد محدود من المسلحين مبعثرين تحت الأشجار بعيداً عن وحدات الجيش، كما عادت الحواجز المسلحة للظهور في جبل الزاوية».
ونقلت عن مصادر محلية ان «الجيش سيطر على هذه المناطق سيطرة كاملة ولم يعد بإمكان المجموعات والحواجز المسلحة منع المواطنين من العودة، وذلك رغم استخدام المسلحين كل وسائل الترهيب والتخويف.

السابق
السفير: لخلطة السحرية للمحكمة على نار الاتهامي
التالي
صدور القرار الاتهامي قبل البيان الوزاري يُضعِف الحكومة