جامعات لكلّ الفصول

في وقت يظن بعضهم أن العام الجامعي طوى صفحته لهذا الموسم، يميل عدد كبير من الطلّاب إلى متابعة تحصيلهم العلمي صيفا، والاستفادة من هذه الخدمة التي تؤمنها بعض الجامعات الخاصة. وعلى رغم حماسة هؤلاء الجامعيين، فإنّ لعملية التعلم في موسم الصيف تعقيدات وملاحظات لا تقلّ أهمية عن نظيرتها في الشتاء.

"يختار معظم الطلّاب الدراسة في المرحلة الراهنة إعتقادا منهم أن الأساتذة أقل جدية في هذا الوقت، وبالتالي يتهاونون في إنجاحهم". هذا واحد من أبرز الأسباب التي تدفع الطلاب إلى المواظبة على تحصيلهم العلمي صيفا، على حد تعبيرالطالبة ريتا ليّون.

منذ نحو عامين تتابع ريتا تخصصها في إدارة الأعمال من دون أخذ أي قسط من الراحة: "طمعا بالاستفادة من الوقت وحبّا بالإسراع لنيل الإجازة"، قائلة إنّها "وجدت من الأنسب عدم التباطؤ في اختيار الأرصدة اللازمة، ما يعني أنّ لا مفرّ من الدرس صيفا".

بشيء لا يخلو من الحماسة، تتحدّث ريتا عن دوافع متابعتها دراستها على رغم علمها المسبق أن ما من وظيفة تنتظرها، فتقول: "لا أعد نفسي بأي وظيفة أو منصب، إلّا أنني أعتقد أنّ حصولي على الشهادة الجامعية يمدّني براحة البال والطمأنينة في مواجهة المستقبل".

مطالبات على قدر التحديات

تعتبر ريتا أنّ التحديات التي يواجهها الطالب صيفا لا يستهان بها، فتقول: "بصرف النظر عن عدم الجدية التي قد تصدر من الزملاء، على الطالب مضاعفة جهوده والتركيز جيدا، نظرا إلى اقتصار الموسم الجامعي على نحو شهر واحد. من هنا، غالبا ما تكون الاستحقاقات متقاربة زمنيا". وفي هذا السياق، تتمنّى ريتا لو يتم تمديد الموسم الجامعي: "بما أن المجال مفتوح أمام الطلاب الراغبين في التعلم صيفا، يجب ألّا تقتصر العملية على شهر واحد، أو أقله استحداث فصلين في موسم الصيف، على نحو لا تعطى الدروس مكثفة ولا يجبر الطالب على الحضور يوميا".

من جهتها، تختبر الطالبة ميراي التوم نظام التعلّم في الصيف للمرة الأولى، فتقول: "في العطل الصيفية المنصرمة عمدت إلى العمل وادّخار المال من أجل تخفيف الأعباء الجامعية عن كاهل الأهل. من الممتع مواصلة الدرس صيفا، ولو أنّ المسألة لا تخلو من المسؤولية، إلّا أنّ هذه التجربة مقرونة بالمغريات". وتوضح: "إلى جانب أنّ الدرس في الصيف يسرّع عملية دخول الطالب سوق العمل، فإنّ كلفة التسجيل في هذا الموسم لا تتجاوز الـ600 دولار، في حين تبلغ في الشتاء الألف دولار".

في المقابل، يصعب على ميراي تجاهل الجزء الفارغ من الكأس، فتقول: "المؤسف في الأمر أنّ اختيار الطالب المواد التي ينوي متابعتها ضيّق جدا، فغالبا ما يكون المجال مفتوحا فقط لاختيار المواد التثقيفية الرديفة لتخصصه، في حين يصعب عليه متابعة المواد الأساسية". تضيف: "على رغم أنني أتابع تخصصي في مجال الإعلام، فإنّني اخترت مادة تعلم الموسيقى كوني مجبرة على حمل عدد من المواد التثقيفية، وفي الوقت نفسه من غير المسموح تسجيل مواد جوهرية".

على رغم المتاعب التي يصادفها الطلاب في هذا الموسم، تجد الطالبة ريبيكا بازرجي في هذه الفرصة ملاذا آمنا للهروب من بعض المواد المتعبة التي يمكن حصرها بشهر واحد، فتقول: "لا شك في أنّ التحصيل الجامعي لا يخلو من المصاعب في كل مواسمه ومراحله، ولكن على الطالب معرفة تسيير الأمور لمصلحته. على سبيل المثال، في إمكانه متابعة المواد المرهقة في نظره، خلال فصل الصيف، حيث مدة تدريسها لا تتجاوز الشهر بدلا من المماطلة بها على مدى 3 أشهر في الموسم العادي".

في وقت يحتدم النقاش بين طلّاب الجامعات الخاصة في شأن تحسين ظروف متابعة تحصيلهم الجامعي في الصيف، يقف جورج احد طلاب كليات الجامعة اللبنانية متفرجا، وبشيء لا يخلو من الحسرة يقول: "ماذا ينقص جامعتنا كي تؤمّن نظاما تعليميا في الصيف بدل المماطلة وممارسة سياسة الهروب إلى الأمام بين إجراء امتحانات الدورة الأولى وانتظار نتائجها، وفي ما بعد إجراء الدورة الثانية؟"

ويضم جواد صوته إلى رأي زميله، معتبرا أنّ مستوى طلّاب اللبنانية لا يقلّ أهمية عن زملائهم في الخاصة: "نملك من الاندفاع ما يكفي لمتابعة تحصيلنا العلمي في كل المواسم، وهذا يساعدنا على التخفيف من وطأة عدد المواد وأعمالها التطبيقية خلال العام الجامعي".

من الواضح أنّ التعلم في الصيف نجح في استقطاب الطلّاب وحاز اهتمامهم، بصرف النظر عن الثغرات. فهل يأتي يوم تؤمن الجامعة اللبنانية لطلابها هذه الخدمة؟

السابق
حسومات الصيف قبل موعدها… بسبب الثورات!
التالي
تراجـع الثـروة السمكيـة فـي بحـر صـور بنسبـة 90%