البناء: بعد سقوط الحلقة الأولى ..محاولات متجددة لزيادة الضغوط سياسياً ضد سورية

أظهرت تطورات الوضع في سورية خلال الأيام الماضية أن قوى التحالف الأميركي ـ الغربي ومن معها من متواطئين في بعض الدول العربية خاصة في السعودية وقطر، إضافة إلى بعض أطراف المعارضة السورية شعروا أن المشروع التآمري الذي أريد منه ضرب ما تمثله سورية من دور وموقع على المستوى القومي قد تعرض لضربات كبيرة في الأسابيع الماضية نتيجة الممانعة لدى الشعب والجيش والقيادة السورية، ولهذا حاول أصحاب هذا المشروع رفع وتيرة الضغوط ضد سورية وما تمثله. وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال الأمور التالية:

أولاً: سعي واشنطن وحلفائها الخليجيين وبعض العواصم الغربية وتحديداً باريس ولندن إلى تجميع أطراف المعارضة السورية سواء عبر المؤتمر الذي عقد في أنطاليا في تركيا أو في بروكسل في بلجيكا، ودفع هذه المعارضة الى الاتفاق على برنامج موحد، رغم كل التناقضات التي تجمع أطياف هذه المعارضة. وذلك بهدف الاستخدام السياسي لها، في سبيل زيادة وتيرة الضغط الأميركي ـ الغربي على سورية قيادةً وشعباً.
ثانياً: إعادة تجميع المجموعات الإرهابية المسلحة من أجل إرباك الوضع في سورية، وحتى إذا أمكن السيطرة على منطقة معينة لإظهار أن هناك انشقاقات على المستوى الشعبي والسياسي داخل الدولة وصولاً إلى جعل هذه المنطقة نقطة ارتكاز للتدخل الخارجي. وهو ما كان يمكن أن يتحقق في منطقة جسر الشغور لولا يقظة الشعب والجيش ومعهما القيادة السياسية. وإلا فما هي خلفيات المجزرة التي ارتكبتها المجموعات المسلحة في هذه المنطقة الأسبوع الماضي، وصمت الغرب وحلفائه العرب على هذه المجازر بل تغطيتها إلى حدود السعي المكشوف الى تصويرها وكأنها من تدبير أجهزة السلطة، وتالياً لماذا يسكت الأميركي ومعه كل حلفائه في الغرب على هذه المجازر، بينما يقيم الدنيا إذا هوجم أي جندي للاحتلال «الإسرائيلي» في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ثالثاً: رفع حالة التحريض الإعلامي إلى أقصى حدود التزوير وفبركة الأخبار غير الصحيحة عما يحصل على الأرض داخل سورية، بدءاً من الضجيج العالي حول قمع المتظاهرين، مروراً باختراع انشقاق داخل الجيش السوري، إلى الاستناد إلى «شاهد عيان» هنا و»ناشط» في هذه العاصمة الغربية أو تلك في سبيل ترويج شائعات عن سقوط قتلى بين المتظاهرين حتى أن الأمر وصل في الساعات الماضية الى الإعلان عن استقالة سفيرة سورية في فرنسا بهدف التشويش على الحضور الدبلوماسي في الخارج، ولكن تبيَّن أن محطة «فرانس 24» فبركت الشائعة من خلال اتصال مع سيدة مجهولة الهوية وربما تكون معروفة من قبل المحطة المذكورة. كما أن مهمّتي التحريض والفبركة تتولاهما العديد من المحطات الفضائية الأخرى مثل «الجزيرة» والعربية و»إن بي سي» وغيرها من وسائل الإعلام.
رابعاً: عودة الحلف الغربي ـ الأميركي إلى تكثيف الضغوط على سورية من خلال السعي مجدداً الى استخدام مجلس الأمن، بعد أن تيقن هذا الحلف من أن الرهان على المعارضة لوحدها لا يمكن أن يؤدي الى النتائج المطلوبة من وراء الضغط، وصولاً إلى تغيير مواقف سورية وثوابتها.
خامساً: عودة حلفاء واشنطن ومن معها في لبنان الى التحرك من جديد وهو ما تؤكده معلومات لمصادر سياسية بارزة تؤكد أن «غرفة العمليات» السياسية الإعلامية لفريق «14 آذار» بالتنسيق مع واشنطن وبعض أطراف المعارضة السورية، مستمرة وحتى جرى تفعيلها. وتقول المصادر إن معلومات وصلت إلى مراجع سياسية مفادها أن طلبات جديدة وصلت إلى بعض أطراف «14 آذار» للتصعيد في مواقفهم ضد سورية، وفي السعي إلى أقصى الحدود الى استغلال وصول بعض العائلات السورية إلى منطقة الشمال، إضافة إلى مشاركة وسائل إعلام هذا الفريق في التحريض ضد سورية. وقد جاء تصريح عضو «كتلة المستقبل» محمد كباره أول من أمس ليسقط ما يدعيه هذا الفريق، من عدم تدخله في الشأن السوري، بل وتحريضه على الإرهاب والدفاع عن المجموعات المسلحة التي تقوم بالتخريب وعمليات الإجرام.
وهل يمكن لهذا المخطط أن يحقق أهدافه؟
في معلومات المصادر، أن لا قدرة للأميركي ومعه الفرنسي وغيرهما للذهاب في مجلس الأمن نحو اتخاذ قرارات تؤدي إلى التدخل في الشأن السوري، لأن الموقف الروسي سيرفض مثل هذا التوجه، كما أن الحلف الغربي عاجز أصلاً عن ذلك بعد تجربة ليبيا. كما أن الحراك في الداخل السوري محكوم بالبقاء تحت سقف معين، سواء على مستوى التظاهرات التي بقيت محصورة في مناطق معينة وبأعداد قليلة جداً، حيث لم تتجاوز معظم التظاهرات بضع مئات وبعضها القليل بلغ الآلاف. كما أن عمل المجموعات الإرهابية أصبح محصوراً في بعض المناطق القريبة من الحدود التركية، وعلى الأخص في منطقة جسر الشغور حيث يقدر عدد المسلحين هناك بألفي مسلح. يضاف إلى ذلك أن أطراف المعارضة السورية لا تحظى بتمثيل شعبي له وزنه والحراك في الخارج لن يغيّر من حقيقة الأمور مهما قدمت واشنطن وحلفاؤها من دعم مالي وسياسي الى هؤلاء.
لكن كل هذه الضغوط ـ وفق المصادر السياسية ـ لن تثني القيادة السياسية عن الدفع باتجاه تحقيق الإصلاحات على كل المستويات، بما في ذلك الاستعداد لفتح أبواب الحوار أمام كل أطياف المجتمع السوري،

السابق
الانباء: الضاهر، الابتسامات الصفراء بين عون وميقاتي لن تشكل حكومة!
التالي
ماذا يريد الغرب من سورية؟