طريق السلام لم يتغير

إنها ليست سياسة أمريكية جديدة خاصة بالحدود الإسرائيلية كما أنها لا يجب أن تثير استغراب ودهشة القادة الإسرائيليين، فلقد وضح الرئيس الأمريكي أوباما في خطابه الأخير: «إن حدود إسرائيل وفلسطين يجب أن تؤسس على حدود /1967/ مع مقايضة مشتركة يتم الاتفاق عليها بحيث تكون هناك حدود آمنة ومعترف بها لكلتا الدولتين».

توصل قرار مجلس الأمن رقم /242/ الذي صدر في /22/ تشرين الثاني 1967 إلى أن حرب تلك السنة التي علمت بها كافة الأطراف يجب أن تكون الأساس لاتفاقية السلام، وقد كانت بنود القرار الأساسية: «التأكيد على عدم قبول احتلال الأراضي عن طريق الحرب» و «انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في هذا الصراع» وتشمل هذه الأراضي الضفة الغربية، وغزة، والقدس الشرقية، إضافة إلى أراضٍ تابعة إلى لبنان ومصر وسورية.

في اتفاقية كامب ديفيد التي وقعت في عام 1978، وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت مناحيم بيغن والرئيس المصري أنور السادات على الكلمات التالية: «إن الأسس التي تم الاتفاق عليها من أجل تهدئة سلمية للصراع بين إسرائيل وجاراتها هي بنود قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، رقم /242/» فيما يتعلق بالضفة الغربية، وغزة على وجه الخصوص، اتفق المصريون والإسرائيليون على ما يلي: «لكي يتم تأمين الحكم الذاتي للمواطنين المشمولين بهذه الإجراءات يجب على الحكومة الإسرائيلية وإدارتها المدنية أن تنسحبا بالسرعة الممكنة حالما يتم وبشكل حر انتخاب سلطة حكم ذاتي للمواطنين المقيمين في تلك المناطق»، وكنتيجة لاتفاقية أوسلو في عام 1993، تم انتخاب سلطة حكم ذاتي بشكل حر في كانون الثاني 1996 يرأسها ياسر عرفات إضافة إلى انتخاب /88/ عضواً في البرلمان.

لقد بدأت اتفاقية خارطة الطريق الرباعية الدولية للسلام – التي تم توقيعها في نيسان 2003 بدعم من الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش- بهذه الكلمات: «إن الاستيطان، الذي تم تباحثه بين الأطراف، سيؤدي إلى ظهور دولة فلسطينية ديمقراطية ومستقلة تعيش جنباً إلى جنب بسلام وأمان مع إسرائيل وجاراتها.
إن الاستيطان سيحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وسينهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967».
إضافة إلى أن الدول العربية الـ /23/ والدول الإسلامية الـ /56/ تعهدت بالسلام وإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، لكن مقابل تعهد إسرائيل: «بالانسحاب الكامل من كافة الأراضي المحتلة منذ عام 1967..».
كل هذه البيانات تفترض بالطبع، أن إسرائيل يمكن أن تعيش بسلام ضمن حدودها المعترف بها دولياً، دون أن تتضمن الأراضي التي احتلتها خلال حرب 1967.
لقد انسحبت إسرائيل من أراضي سيناء المصرية بموجب اتفاقية السلام التي وقعتها في عام 1979، لكنها لا تزال تحتل وتستعمر مع المستوطنين مرتفعات الجولان السورية، والقدس الشرقية، والضفة الغربية، (عندما كنت أجري مباحثات في فترة السبعينيات، كان من الواضح أن إسرائيل ومصر لم تكونا ترغبان باستعادة السيطرة على غزة – التي انسحبت منها إسرائيل في آب 2005 – وإنما كانتا ترغبان بإبقائها تحت الحصار).
لأكثر من ثلاثة عقود لا تزال قضية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية دون حل، والحل ببساطة أنه يجب على إسرائيل أن تتخلى عن الأراضي التي احتلتها مقابل السلام، لم يكن هناك أي خلاف فيما يتعلق بالأراضي المحتلة في القانون الدولي مثل ذلك الذي تم تصويره وعرضه في قرارات الأمم المتحدة والسياسات الرسمية للولايات المتحدة، ولا حتى تلك المتعلقة بنقاشات الرباعية الدولية (الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا).
لقد تضمن خطاب أوباما عدداً من مقترحات السلام التي تضمنت بعض التحذيرات وهي أن حدود ما قبل 1967 يمكن أن تعدل بموجب مبادلة أراضٍ يتم الاتفاق عليها للسماح للمستوطنين الإسرائيليين في مناطق قريبة من القدس بالبقاء في الأراضي الفلسطينية المحتلة حالياً مع تقديم أراضٍ بديلة بالمساحة ذاتها من الأراضي الإسرائيلية إلى الفلسطينيين.
من بين المقترحات التي أثارت فضولي وذات طابع المنفعة الذاتية ذلك المقترح الذي قدمه لي رئيس الوزراء الإسرائيلي أرائيل شارون في عام 2005 وهو أن هذه الأراضي التي تم تبادلها يمكن أن تتضمن ممراً بين غزة والضفة الغربية «حوالي 35 ميلاً» يمكن إنشاء سكة قطار وطريق دولي عليها على أن يتم حمايتها من قبل إسرائيل ويتم امتلاكها وإشغالها من قبل الفلسطينيين، هذا مجرد اقتراح واحد.
إن التطورين الحديثين يضيفان تسريعاً لعملية السلام: فتوحيد الفلسطينيين في فصيل واحد بحيث يستطيعان أن يجريا مباحثاتهما من خلال صوت واحد، إضافة إلى التصويت المحتمل في مجلس الأمن في أيلول للاعتراف بفلسطين كدولة، ويبدو أن هناك حوالي /150/ دولة عضو في الأمم المتحدة تتحضر لتنفيذ هذه الخطوة.
إن البديل السلمي الوحيد هو إجراء مباحثات ذات أهداف جيدة مع بقاء القضية الأساسية المتمثلة بعدم رغبة إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة، باستثناء بعض الأراضي الصغيرة التي تم الاتفاق على تبادلها مع الفلسطينيين.

السابق
الأسس الضعيفة للديمقراطية العربية
التالي
الشعب يريد زياد الرحباني