آثار المواجهة مع الولايات المتحدة

 يمكن الآن وقد زال غبار المواجهة الحادة بين رئيس الحكومة نتانياهو والرئيس اوباما القيام بحساب لآثار المواجهة. كان الكمين الذي دبره اوباما لنتانياهو غير مجدٍ. بعد أن وجه نتانياهو على هذا النحو بعد بضعة أسابيع من التوحيد بين السلطة الفلسطينية وحماس، وبعد أن أدرك أن الجهود الكثيرة التي بذلها قبل ذلك بأيام معدودة لإرضاء اوباما قد ضاعت هدرا، استخلص نتانياهو أن عليه أن يكف عن المشاركة في حكايات «أليس في بلاد العجائب» وأن يحمي احتياجات إسرائيل بقول الحقيقة حتى لو أفضت هذه الحقيقة إلى مواجهة معلنة مع رئيس الولايات المتحدة. إن رد رئيس الحكومة الجليل والحازم لكن المنضبط، فضلا عن انه دحض التصور عنه بأنه زعيم ضعيف بلا قدرة على اتخاذ قرارات، ناقض ما قاله جزء كبير من وسائل الإعلام وأفضى إلى تصاعد كبير لتأييده من جمهور الإسرائيليين.

كانت تلك مقامرة محسوبة. فلو أن الديمقراطيين لم يؤيدوا نتانياهو على هذا النحو الحماسي لتم اتهامه بالتأكيد بأنه ضعضع التأييد التقليدي من الحزبين لإسرائيل في مجلس النواب وهو التأييد الذي يشكل لبنة حاسمة في الحفاظ على التأييد العام للدولة اليهودية. لهذا من الواضح إذن أن استراتيجيته حققت نجاحا.

برغم ذلك لا تزال أمامنا أيام خطرة. بقينا وحدنا وإذا استثنينا الولايات المتحدة وكندا واستراليا، فان العالم يتهمنا على نحو آلي – بدل أن يتهم الفلسطينيين الذين يرفضون المصالحة – بإفشال التحرك قُدما. كذلك توجد إشارات إلى أن اوباما بقي ملتزما بالتوجه الذي يُبين عن إلغاء الالتزامات التي تحملتها إدارة بوش. لكن الأنباء الطيبة هي أن اوباما عندما يُستعمل عليه ضغط من زملائه وحزبه يُظهر مرونة واستعدادا للنكوص.

لهذا ينبغي استعمال جهد ذي رأسين من اجل تقوية موقفنا. كان يجب علينا في ظروف مثالية أن ننشئ حكومة وحدة. لكنها بعيدة عن الواقع ما ظلت لفني تقود كديما. لكن حتى من غير حكومة كهذه، تدرك إدارة اوباما الآن أن الشعب الاسرائيلي موحد من وراء رئيس حكومته.

علينا في الوقت نفسه أن نقوي على نحو فعال تأييد الأميركيين العام لإسرائيل. الـ «ايباك» هي الجهة الأقوى التي تعمل من اجل مصلحة إسرائيل. هذه منظمة تعمل من وراء ستار وتضمن على نحو متخصص أن يُدفع الإعلام الاسرائيلي إلى الأمام في مجلس النواب الأميركي على نحو فعال وفي مستوى يتجاوز الأحزاب.

إلى جانب هذا شعرت في زيارتي للولايات المتحدة بعدم ارتياح عند عدد من زعماء اليهود البارزين لتوجه إسرائيلي يفضي إلى مواجهة مع الرئيس. قال لي زعيم يهودي جليل إن «الكابوس الأوحد بالنسبة لليهودي الليبرالي المناصر لإسرائيل قد كان دائما مواجهة مع رئيس ديمقراطي تتعلق بالدولة اليهودية. يصبح هذا الكابوس الآن واقعا». بل إن الصحفي اليهودي الموالي لإسرائيل جفري غولدبرغ احتج على أن نتانياهو «نكّل» برئيسه. وكان أكثر من ذلك إقلاقا الاتهام الذي وجهه إلى نتانياهو جاري روزنبليت، محرر الصحيفة الأسبوعية ذات التأثير «جويش ويك» التي تصدر في نيويورك. فقد اتهم روزنبليت نتانياهو بأن رده على تصريح اوباما الأصلي كان «كارثة دعائية على القدس»، جعلته «سيد» لا الشرق الأوسط». وقد تحرك اييف فوكسمان من رابطة مكافحة التشهير وديفيد هاريس من اللجنة اليهودية الأميركية بين اتجاهين. فقد امتدحا من جهة الجوانب الإيجابية في خطبة الرئيس لكنهما عبّرا عن خوف يتعلق بملاحظاته الأخرى. وبقي مؤتمر الرؤساء للمنظمات اليهودية الرئيسة في الولايات المتحدة صامتا على نحو لم يكن يميزه.

أنا على ثقة بأن القيادة اليهودية ستتفهم نتانياهو في نهاية الأمر. انهم الآن في ذروة استيقاظ من فكرة انهم يستطيعون محاولة إرضاء اوباما في الوقت الذي تتضرر فيه إسرائيل. يجب على نتانياهو أن يستمر في السلوك بحزم وأن يستمر في الوقت نفسه في استعمال قدراته الدبلوماسية للمحافظة على العلاقات المستمرة مع الإدارة. لا شك في أن رئيس حكومتنا في الوقت الحالي يؤدي عمله على أفضل نحو، ويُعبر عن الإجماع الوطني ويحظى بتأييد الأكثرية الغالبة من الشعب اليهودي.
 

السابق
إسرائيل تخشى تبني الفلسطينيـــين تكتيكات ميدان التحرير
التالي
44 سنة منذ الحرب: ينبغي استغلال اوراق النصر