أوروبا لن تقبل تحوّل اليونيفيل، رهائن!

بعد طول نقاش حول عدد من التقارير الأمنية المرتبطة بقضية الأستونيين السبعة، في غرفة العمليات المشتركة في مقرّ الاتحاد الأوروبي في بروكسل، إضافة إلى ما جمعته أجهزة الاستخبارت في لبنان، أتت بالخلاصة الآتية: إيصال رسالة سريعة إلى المسؤولين اللبنانيين الرسميين والمراجع السياسية والحزبية، وخصوصا القريبة من سوريا، للإبلاغ إليها المخاوف من إمكان تعرّض القوات الدولية العاملة في لبنان لهجمات دموية، واعتبار أن في مثل هذه الأحداث المتوقعة رسائل تتجاوز الخطوط الحمر. مع التشديد على نيل المزيد من الضمانات لا التطمينات من الأطراف اللبنانية التي تتمتع بالسيطرة على أرض الجنوب.

تحرك دولي مسبق

وقبل أيام قليلة، زار بيروت نائب مدير إدارة مصر والمشرق في الخارجية الفرنسية ألكسي لوكور غران ميزون، والتقى لبنانيين من الأحزاب والأطراف كافة، بمن فيهم وفد من حزب الله. وفاتح المسؤولين اللبنانيين بهذه المخاوف، ساعيا إلى اعتبار الموقف الأوروبي مبدئيا لجهة التضامن مع شعوب المنطقة الساعية إلى التحرّر ونوعا من الديمقراطية، وأنّ الغرب لا يسعه إلا أن يكون إلى جانب هذه التحرّكات من دون أن يكون له دور في تحريضها أو تشجيعها على قلب الأنظمة. وعليه قالت المصادر إن القلق يساور هذه القوى على خلفيات عدّة، أبرزها اعتقاد بعضهم أنّ هذه الدول هي المسؤولة عمّا آل إليه الوضع في منطقة الشرق الأوسط على رغم المبادرات السلمية الكبيرة التي قادتها في العقود الأخيرة، والتي انتهت إلى سيل من المبادرات التي كانت تسقط على التوالي نتيجة فقدان عنصر الثقة بين إسرائيل وهذه الدول العربية، وهي أمور لا يتحمّل الأوروبيون والمجتمع الدولي مسؤولية ما آلت إليه. فجميع الزعماء العرب بمقدورهم التمييز بين مواقف حكومات هذه الدول وغيرها من أحقية القضايا العربية.

مارون راس أخرى؟

وإلى الهمّ الأمني الذي ترتّب على حادثة الرميلة، تراقب الدبلوماسية الأوروبية بقلق كبير ما يعدّ من مشاريع تحركات شعبية في ذكرى النكبة في 5 حزيران المقبل على الحدود الجنوبية مع إسرائيل في تكرار لما حصل في 15 أيار الماضي بأسرع مما كان متوقعا في مارون الراس ومناطق أخرى من الجولان والحدود الأردنية – الإسرائيلية.

على هذه الخلفية نقل قائد القوات الدولية ألبرتو أسارتا هذه الهموم إلى قائد الجيش العماد جان قهوجي أمس، كما كانت موضوع بحث معمّق بين وفد من هذه القيادة وقائد منطقة الجنوب الإقليمية لقوى الأمن الداخلي العميد منذر الأيوبي في مبنى السراي الحكومي في صيدا، حيث جرى التفاهم على سلسلة من الإجراءىت التي يمكن أن تكون مدار بحث من دون إعلان لاستكشاف الموقف ومدى التحضيرات التي يمكن أن تبدأ قبل الموعد وضرورة العمل على حصرها قبل أن تبلغ النقاط الحدودية توفيرا للإحراج المحتمل لهذه القوات والجيش اللبناني في آن، وسط المخاوف من إمكان استغلالها إلى الحدود السلبية القصوى.

وعلى هامش هذا النقاش تستبعد القراءة الأوروبية للتطورات في جنوب لبنان نشوء حرب إسرائيلية جديدة على لبنان، لأنّ إسرائيل ليست في وارد هذه الحرب في المرحلة الراهنة. ومعظم قادة المنطقة يدركون هذه الحقائق.

لذلك لا نرى أن للهجة التصعيد الكبرى التي يخوضها من يسمّون أنفسهم بـ"محور الممانعة" تفسيرا منطقيا سوى أنهم يدركون أنها تحسّن صورتهم لدى شعوبهم ليس إلّا، أو أنها ستكون – في حال وقوعها – بوابة عبور إجبارية للخروج من مآزق داخلية. فلو كان هناك احتمال لحرب ما، لما كان كل هذا التهديد والوعيد غير المبرَّر بين الطرفين، طالما أنّ هناك قنوات اتصال خارجية غير معلن عنها لتبادل الرسائل تعالج هذه المواقف لتبقى مضبوطة ولا تخرج عن الحاجة إلى تحسين مواقعها الداخلية على حساب الآخرين. وهذا الأمر يعني أطرافا محدّدين في الداخل اللبناني وآخرين في المنطقة لشعورهم بأن هذه المواقف قد تثمر في عزّ الانتفاضات العربية وفلسطين، وللمزايدة على العرب أجمعين.

السابق
كلام المفتي قباني عن ميشال عون
التالي
الجراح: نواب “14 آذار” سيقاطعون جلسة البرلمان في 8 يونيو