كيف تضمن نجاحك في الامتحانات الرسميّة؟

مع اقتراب شهر حزيران يبدأ العدّ العكسي لانطلاق الامتحانات الخطّية للشهادتين المتوسطة والثانوية العامّة بفروعها الأربعة. في هذه الفترة من كلّ عام تنحبس أنفاس الطلّاب، فيعيشون مرحلة لا تخلو من التوتر والقلق على مستقبلهم. ويعمد بعضهم إلى تكثيف استعداداته، وآخرون يغلبهم الارتباك فلا يجدون من يوجّه قدراتهم ويدعم معنويّاتهم. في الحالتين، يتفق معظم التربويّين على بعض التوجيهات التي تجعل من النجاح في متناول أيّ طالب.

فترة الإعداد والتحضير

يولي نقيب المعلمين نعمة محفوض أهمّية بالغة لفترة المذاكرة (retraite) التي يمضيها التلامذة قبل الامتحانات، "في المرحلة الأولى منها، من البديهي أن يعيد التلميذ برنامج المواد الذي تلقّاه طوال العام الدراسي من أساتذته"، محذّرا من الخطأ الشائع الذي يقع في شباكه عدد لا بأس به من الطلاب، "يلجأ معظمهم إلى إنهاء المواد العلميّة في البداية، ويخصّصون المرحلة التالية لمواد الحفظ. لذا ننصحهم بتنويع المواد بين العلميّة والأدبيّة، وبين مسائل الحلّ والحفظ".

"إلّا أنّ التنويع في درس المواد غير كاف"، على حدّ تعبير محفوض، لذا يلفت إلى أهمّية "تخصيص الفترة الصباحية الممتدّة بين السادسة صباحا حتى العاشرة للمواد الأساسيّة بالنسبة إلى الفرع الذي ينتمي إليه الطالب".

ويتابع موضحا: "في هذه الفترة من النهار، يكون المرء مرتاح البال، غير مرتبك، هادئ الأعصاب، لا يشوب ذهنه أيّ تشويش، فينجح الطالب في استيعاب أكبر كمّية ممكنة من المعلومات، لذا ننصح على سبيل المثال كلّ طالب متابعة دراسة المواد الأساسيّة نسبة إلى الفرع الذي ينتمي إليه".

بالتوازي مع عملية إعادة البرنامج الدراسي، يجد محفوض أنه"من المفيد جدّا عدم إهمال الكتب التطبيقية المتاحة في المكتبات والدورات السابقة"، فيوضح: "عمليّة مراجعة طالب لموادّه يجب أن تترافق مع تمرّس مكثف على حلّ لنماذج من المسابقات الماضية، وذلك يتيح له التعرف عن كثب على طبيعة الأسئلة وطريقة الإجابة عنها في ضوء توزيع العلامات عليها".

إزاء الرفض الذي تبديه شريحة واسعة من الطلّاب لمواد الحفظ، يشدّد محفوض على "أنّ زمن الحفظ غيبا كالتسجيلات قد ولّى". ويضيف: "في صورة عامّة كلّ مواد الحفظ أصبحت أقرب إلى المواد العلميّة، لا تخلو من المستندات والتحاليل، على نحو يساعد الطالب في الوقوع على الإجابة الأنسب". في الإطار عينه، لا ينكر محفوض "أنّ مادة التاريخ هي الوحيدة التي لم تشهد أيّ تعديل بعد في ظلّ عدم الاتّفاق على كتاب موحّد، فتبقى الأقرب إلى الحفظ".

في قاعة الامتحان

على رغم الاستعدادات المكثفة التي يبذلها التلامذة، قد يدخل بعضهم إلى القاعة ويشعر بأنّ المعلومات قد غابت عن ذاكرته، كما قد ينتاب بعضهم شيء من الارتباك. في هذا الإطار، يعوّل محفوض كثيرا على حكمة الطلّاب في حسن التعاطي مع المسابقة، ويقول: "في اللحظة الأولى التي يتسلّم فيها التلميذ المسابقة، وبعدما ينقل بحرفيّة المعلومات الخاصة عنه، يخصّص 10 دقائق لقراءة المسابقة كاملة، ليعود ويختار المسألة الأسهل، وينتقل تدريجا إلى الأصعب، على نحو يضمن في جيبه بعض العلامات".

في هذا الإطار، يلفت محفوض إلى ضرورة أن يبقي الطالب المسابقة معه ما دام الوقت يسمح له بها، "يعمد التلاميذ إلى الإسراع في تسليم المسابقة، من دون إعادة قراءتها على نحو متأنّ، في حين أنّ القانون لا يسمح له باسترجاعها متى قدّمها، لذا، غالبا ما تكون نتائج التسرّع وخيمة".

الغذاء جزء من التحضير

بالتزامُن مع مرحلة المذاكرة، تبقى الاستعدادات الأكاديميّة غير كافية، ما لم يحرص التلميذ على اتّباع نمط غذائي يمكّنه من استثمار كامل جهوده ويوفّر له أكبر قدرة استيعابية، سيّما وأنّ "الدماغ يزن نحو 2 في المئة من جسم الإنسان، إلّا أنّه يستهلك 20 في المئة من طاقة الجسد"، على حدّ تعبير اختصاصية التغذية هدى معماري. من هنا أهمّية التنبّه إلى نوعيّة المواد التي يستهلكها التلميذ في هذه الفترة.

في هذا الإطار، تشدّد معماري على احترام خمس وجبات، "يجب الانتباه إلى معرفة المواد التي تساعد على تنشيط الذاكرة وتمدّنا بقدرة عالية من الاستيعاب، منها: السكر (glucose)، الغذاء الأساسي لكلّ خلايا الجسم، بما فيه خلايا الدماغ". وتضيف: "كما ننصح الطلّاب بتناول مأكولات تحتوي على مادتَي النشويّات والسكّر، مثل الفواكهه، الأرز، المعكرونة، البطاطا، وغيرها". في هذا السياق، تلفت معماري إلى خصوصيّة تناول النشويات والسكر: "وصولها إلى دماغ الإنسان وتوزّعها في جسده يحتاج من ساعتين إلى 4 ساعات، وعلى سبيل المثال كوب العصير لا يمكن أن يعطي مفعوله بعد 5 دقائق، لذا يجب تناوله باكرا".

كما تولي معماري أهمّية كبيرة للفطور: "تشكّل هذه الوجبة الوقود الأساسي لعمل الدماغ، لذا يجب تناولها في شكل منتظم، سيّما قبل الذهاب إلى الامتحان، وإلّا سيؤدي ذلك إلى فقدان التركيز ونسيان معلومات في الأساس يدركها التلميذ". أمّا عن محتوى الفطور، فتقول: " يجب أن يحتوي على نسبة عالية من السكّر، غني بالألياف ومصحوب بحبّة فواكهه".

وتضيف: "أكّدت الدراسات أنّ من يتناول الفطور يتمتّع بنسبة 20 إلى 30 في المئة من التركيز، مقارنة مع من يتجنّب تناوله".

في هذا السياق، تحذّر معماري من مادة الكافيين، "لا يمكن الاعتماد على شرب الكافيين للبقاء متيقّظين والمواظبة على الدرس في الليل، فذلك يولّد قلاقل واضطرابا في نفس التلميذ، لذا، ننصح بتناول ما لا يزيد عن الكوبين من هذه المادة في اليوم الواحد، والأفضل مزجها مع الحليب، تفاديا لأيّ صعوبة في استخراج المعلومات بطريقة أفضل".

في المقابل، تنصح معماري بتناول مادة الأوميغا 3 المفيدة للذاكرة والمنشطة للخلايا الدماغية، وذلك عبر تناول وجبة سمك أقلّه مرّتين في الأسبوع. في الوقت عينه تشدّد على أهمّية الابتعاد عن المأكولات الغنيّة بالدهون، لأنّها تخفف من نشاط الدماغ وترهقه وتمنعه من التفكير المتواصل".

كما توصي معماري بأهمّية احترام ساعات النوم، موضحة: "لا يمكن للطالب استرجاع المعلومات التي درسها، ما لم ينعم جسده بساعات من الراحة والسكينة، فالنوم يسمح له بتكديس المعلومات على نحو جيّد يمكن استرجاعه من الدماغ".

خلال هذه الفترة، تعتبر معماري أنّ شرب المياه وممارسة الرياضة يشكّلان الصديق الدائم للتلاميذ، فتقول: "شرب المياه على نحو منتظم يعيد لجسم المرء الرطوبة التي خسرها. كما أنّ بعض التمارين الرياضية بإمكانها أن تحرّر التلميذ من ضغوط هذه المرحلة وتشنّجاتها".

من هنا، فإنّ تأمين التوازن بين غذاء الفكر والجسد هو أفضل ضمانة لتحقيق النجاح في الامتحانات الرسميّة.

السابق
ماذا يخفي نحّاس وراء إصراره على تفكيك الشبكة الثالثة؟
التالي
بلدية صيدا تجهّز المسبح الشعبي