النهار: الاضطرابات الحدودية تدهم لبنان وسط أزمته

بين المواجهة الدامية التي حصلت أمس في الجنوب والارباكات الامنية والانسانية التي ترافق موجة النزوح الى الشمال نتيجة التطورات في سوريا، زاد الهمّ الحدودي الداهم المشهد السياسي الداخلي تعقيداً وسط تراجع لافت للجهود المبذولة لاختراق أزمة تأليف الحكومة التي عادت لتتقوقع عند نقطة الصفر.

وقالت مصادر مطلعة لـ"النهار" إن التطورات المتلاحقة عند الحدود الشمالية والجنوبية أملت تحريكاً عاجلاً لاتصالات بين عدد من المراجع الرسمية والقيادات السياسية لتدارك انزلاق غير محسوب للاوضاع الامنية وخصوصا على الجبهة الجنوبية وتجنب نشوء مضاعفات من شأنها ان تخرج الوضع عن دائرة السيطرة. واوضحت ان هذه الاتصالات ادت الى اتخاذ اجراءات وترتيبات لمواجهة العدوان الاسرائيلي على المعتصمين بالوسائل الديبلوماسية من طريق تقديم شكوى الى مجلس الامن، وكذلك باستنفار الجيش والتنسيق مع القوة الموقتة للامم المتحدة في لبنان "اليونيفيل" لاحتواء اي تطورات اضافية محتملة. اما على صعيد الحدود الشمالية، فان اعمال الاغاثة للنازحين السوريين قد بدأت مع مضاعفة الاجراءات الامنية للحؤول دون اي توظيف سياسي منعاً لتوريط لبنان في انعكاسات الحوادث الجارية بالقرب من حدوده الشمالية.

ومع ذلك، فإن هذه التطورات ذات الطابع الاستثنائي لم تؤد الى اي تبديل في المشهد السياسي، اذ تخشى الاوساط المطلعة على مناخ تأليف الحكومة من تصعيد سياسي لاحت طلائعه في الايام الاخيرة وهدد ما تحقق من تفاهمات مبدئية على بعض العقد ولا سيما منها التفاهم الذي امكن التوصل اليه على حقيبة الداخلية.

وأكدت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ"النهار" انه لم تجر في اليومين الاخيرين اي اتصالات بين الافرقاء المعنيين وان ميزان العلاقات بين بعض قوى الاكثرية وكل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي شهد تدهوراً لافتا في ضوء الحملة التي شنها بعض اطراف الاكثرية وحلفائها على سليمان وميقاتي، وحاولوا من خلالها الايحاء بأن هذه الحملة تحظى بغطاء سوري تحديداً. ومع ان هذه المصادر اشارت الى ان انقطاع الاتصالات لا يعني انه لا فرص جديدة لاعادة التشاور في الملف الحكومي، فإنها ذكرت ان العقدة التي فرملت ولادة الحكومة بعد الاتفاق على اسم العميد المتقاعد مروان شربل لوزارة الداخلية تمثلت في ان العماد ميشال عون يرفض بشدة ذهاب اي حقيبة وزارية الى حصة الرئيس سليمان وتمسك عون بما يعتبره حقه في تسمية الوزراء المسيحيين. وافادت ان جهوداً تبذل من اجل التفاهم على تعيين وزيرين يكونان من حصة رئيس الجمهورية احدهما ماروني.

لكن اوساطاً في قوى 14 آذار اعتبرت ان التطورات الاخيرة أدت الى تغيير المعادلة التي اتفق عليها في تشكيلة الحكومة، فباتت عملياً 20 وزيراً لقوى 8 آذار و10 وزراء لكل من الرئيسين سليمان وميقاتي والنائب وليد جنبلاط، مما افقد الفريق الثاني الثلث زائد واحد، وقالت ان التفاهم على اسم وزير للداخلية من اسماء طرحها عون ادى الى هذا الاختلال لغير مصلحة رئيس الجمهورية، وهو الامر الذي سيصعب معه على الرئيسين سليمان وميقاتي المضي بهذا التفاهم بل انهما قد يتجهان الى تصلب في موقفيهما.

واذ نفت المعلومات حصول اي جديد على صعيد المشاورات، لم يستبعد المطلعون اتجاهاً الى تجاوز الاتفاق الاولي الذي تم التوصل اليه من حيث توزيع الحصص او بالنسبة الى وزارة الداخلية في ضوء التشدد الذي بات سمة شاملة لمواقف القوى المتصارعة على التشكيلة الوزارية.
في غضون ذلك، علم ان رئيس مجلس النواب نبيه بري شرع في التحضير لفتح ورشة في مجلس النواب، وان ثمة خطوات سيلجأ اليها بدءاً من الاسبوع الجاري سواء تألفت الحكومة ام استمر الوضع على حاله.

السابق
نقاشات خليجية حول إيران وحزب الله··
التالي
مارون الراس: ممر التهجير … معبر للعودة