جنبلاط لـ 8 و14 وآذار: كلاكما على خطأ…

مرة جديدة يقترب رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط من "الوسطية" ويبتعد عن الاصطفاف السياسي بين تحالف قوى 8 و14 آذار، وهو بذلك يقترب عمليا اكثر فأكثر من الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي صاحب هذا الشعار، وكذلك من رئيس الجمهورية ميشال سليمان الداعم لهذا التوجه من موقعه "التوافقي".

وانطلاقا من هذا الواقع اراد جنبلاط التذكير بمواقفه التي يتقاطع بعضها مع فريق 8 آذار وبعضها الآخر مع 14 آذار، وبذلك يكون تعمد القول انه غادر هذا الفريق، ولكنه لم ينضم الى الآخر، واتهام الطرفين بسوء الاداء في مكان ما، وان يكن الرد على مواقفه جاء من اطراف في 8 آذار وتحديدا من نواب في "تكتل التغيير والاصلاح" برئاسة النائب ميشال عون، وبدا واضحا انهم معنيون مباشرة بكلام جنبلاط عن المحاصصة وعرقلة مهمة الرئيس ميقاتي في تشكيل الحكومة، باعتبار ان فريق 14 آذار اعلن منذ البداية عزوفه عن المشاركة في الحكومة احتجاجا على ما سماه "الانقلاب على الاكثرية السابقة بالترغيب والترهيب وضغط السلاح".

ولم يكن مفاجئا تزامن الاتصال الهاتفي الذي اجراه ميقاتي بجنبلاط شاكرا اياه على مواقفه الداعية الى تسهيل مهمته، مع ردود هجومية على جنبلاط من اوساط عون. وهكذا بدا جنبلاط مع سليمان وميقاتي في مركب واحد. وقد احدثت المواقف الجنبلاطية التي عبر عنها في المقال الاسبوعي لجريدة "الانباء" الناطقة باسم الحزب التقدمي الاشتراكي، كوة في جدار الازمة وحركت المياه الراكدة" الى درجة دفعت بعض وسائل الاعلام الى ضخ اجواء تفاؤل بقرب الخروج من الازمة الحكومية، وتحديدا تلفزيون "المنار" الناطق باسم "حزب الله"، وهذا ما دفع اوساط ميقاتي الى القول نقلا عنه: "صحيح ان هناك بعض الايجابيات، ولكن الامور تبقى مرهونة بخواتيمها" في محاولة واضحة، للدعوة الى عدم التسرع والمبالغة في التفاؤل قبل معرفة النتائج العملية للاتصالات.

فما هي خلفية المواقف الجنبلاطية؟ وما الذي اراد الزعيم الاشتراكي قوله؟
تقول اوساطه انه "اراد توجيه رسالة واضحة ومزدوجة الاتجاه: بالدرجة الاولى الى الاكثرية الجديدة التي يرى انها لم تستطع تقديم نفسها كفريق سياسي واحد قادر على الايحاء انه يستطيع ادارة شؤون البلاد في ظل مرحلة مفصلية على المستوى الاقليمي، وايضا مع تراكم التحديات على المستوى الداخلي، ولم يتركز النقاش في المرحلة الماضية على تكوين رؤية استراتيجية لادارة شؤون البلاد والناس، بقدر ما تركز على كيفية تنظيم عملية المحاصصة الوزارية، وهذا ما يضاعف مسؤولية هذا الفريق عن التأخير غير المقبول وغير المبرر في تشكيل الحكومة. وكان جنبلاط واضحا عندما تحدث عن شعارات الفريق الآخر وعثرات فريق الاكثرية الجديدة، وكأنه اراد القول ان الطرفين يذهبان في اتجاه افق سدود، فلا الفريق الذي سبق ان استخدم السلاح في الداخل اثبت أن الاسلوب العنفي هو الحل، ولا الفريق الذي ركز على شعار السلاح في مرحلة معينة اثبت ان هذا الاسلوب كفيل بمعالجة قضية السلاح. واذا كانت ردود الفعل قد ركزت على انتقاد جنبلاط للأكثرية الجديدة، فان الجزء الاول من مقاله كان واضحا لجهة اعادة تأكيد الثوابت السياسية المتصلة بحماية سلاح المقاومة، الى حين الاتفاق على استراتيجية دفاعية، وبالتأكيد على عدم استعمال السلاح في الداخل".

وفي رأي جنبلاط ان استمرار حال القطيعة شبه الكاملة بين القوى السياسية الاساسية تكرس انسداد الآفاق وتحول دون فتح كوة في جدار الازمة السياسية. وهو يعبر عن قلقه من استمرار حال القطيعة الراهنة، ومن هنا كانت جولة اللقاءات والاتصالات التي بدأها مع قوى ومرجعيات سياسية وروحية للتأكيد ان لا مناص من الحوار لحل الخلافات القائمة، وبان كل التجارب السابقة، بدءا بمحاولات الالغاء السياسي او المعنوي اثبتت فشلا ذريعا. "فاذا كان خيار الالغاء والالغاء المضاد من المستحيلات، فلماذا لا تعود القوى السياسية الى الجلوس حول طاولة الحوار الوطني؟".

تطرح ا وساط جنبلاط السؤال وتدعو في الوقت نفسه الى ضرورة معاودة جلسات الحوار بأسرع وقت.
وهل اثار جنبلاط هذا الموضوع مع رئيس الجمهورية باعتباره من يدعو رسميا الى جلسات الحوار؟
تقول اوساط جنبلاط: "لتكن الحكومة اولاً، ليكون الحوار جدياً ومجديا"، وترى ان القوى السياسية على اختلافها تتحمل مسؤولية اساسية في السعي تدريجا الى اعادة بناء الحد الادنى من مناخ الثقة التي تصدعت تكرارا، لان اي حلول او عودة الى جلسات الحوار لن تستقيم في ظل المواقف والاجواء الراهنة، غير الطبيعية وغير الصحية.
ويبدو ان جنبلاط سيستكمل جولته في هذا الاتجاه، وبالتأكيد في اتجاه التعجيل في ازالة العراقيل التي تعترض تشكيل الحكومة.

السابق
المستقبل: حزب الله” و”أمل” يرسمان لميقاتي طريق التشكيل
التالي
الأكثرية القسرية تترنّح.. لكنها لن تسقط بشكل تلقائي