سكان عين الحلوة: إنهاء الانقسام يمهد لعرس العودة

يبدو الاكتظاظ السكاني في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، كثيفا لدرجة لم يبق فيه مكان لدفن الموتى، وبات هم البقاء على قيد الحياة لدى سكانه، يوازي هم الموت. وتبدأ المعاناة اليومية لأبناء المخيم الذي يضم أكثر من 80 ألف لاجئ فلسطيني، وضمن مساحة لا تتعدى النصف كلم مربع في الإجراءات الأمنية التي يخضع لها السكان، لدى تنقلهم بين المخيم ومحيطه الذي يخضع لطوق أمني وحواجز عدة عند مداخله، تجعله اقرب إلى سجن كبير.

إذ تتكدس الأبنية داخل المخيم الواقع جنوب لبنان بشكل عشوائي، ويفتقد لمياه الشرب والصرف الصحي والتهوية، وتتخلله الأزقة التي تعج بالأطفال والنساء والشيوخ والشباب، وتحول المكان الوحيد لأبناء المخيم للهو والتسوق والترفيه والصلاة وملاعب كرة الأطفال.

ينسى سكان المخيم لبعض الوقت ظروفهم الحياتية القاسية، ويزول شعورهم بالإحباط والمرارة، جراء سياسة الحكومات اللبنانية المتعاقبة، وموقف بعض اللبنانيين إزاء حقوقهم الاجتماعية والمدنية، ويسيطر عليهم التفاؤل والارتياح بسبب الأخبار والمشاهد التي تحملها إليهم شاشات التلفزة، حول توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، بعد أربع سنوات من الانقسام الذي شمل كل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية للشعب الفلسطيني في الداخل ومخيمات الشتات، ولعل المصالحة بين الطرفين الفلسطينيين الرئيسيين على الساحة السياسية، تحمل لسكان المخيم بعض الأمل في مواجهة واقعهم المأساوي، وتعيد إليهم حلمهم بتحقيق حق العودة إلى بلداتهم وقراهم في سهول وهضاب فلسطين التي هجروا منها.

ويتوقف يحي القرعاني، عن تلبية طلب احد زبائنه في محل بيع المواد الغذائية في المخيم، ويعبر عن سعادته بالمصالحة بين فتح وحماس، ويتمنى أن تستمر لأن التجارب السابقة برأيه كانت مخيبة للآمال، ويقول: "إن المصالحة هامة جدًا بالنسبة لضمان مصالح الشعب الفلسطيني وتحول قضية اللاجئين في لبنان إلى إحدى أولويات القيادة الفلسطينية، لان اللاجئين في لبنان عانوا الكثير، بسبب حرمانهم الحد الأدنى من حقوقهم، نظراً للتميز الذي يتعرضون له، ويكاد أن يكون شبه عنصري، إذ انه بعد 60 سنة من اللجوء في لبنان، لا يحق لنا شراء مأوى للسكن، ولا يستطيع أبناؤنا الذين يحملون الشهادات العليا من مهندسين ومحامين وأطباء، الحصول على فرصة للعمل مهما كانوا متفوقين".

ويدعو الحاج نزال بالتوفيق لطرفي المصالحة، ويأمل استمرارها على أسس متينة، كي يتم البدء بمرحلة جديدة للنضال من اجل تحقيق حلم الدولة الفلسطينية، والعودة إلى أراضيهم داخل المناطق المحتلة منذ العام 1948 وعدم إهمال اللاجئين في مخيمات الشتات وخصوصا لبنان، حيث يعيشون معاناة كبيرة وعلى كافة صعد الحياة.

ويؤكد عبد الله الغزي بان المصالحة كانت أمرًا غير متوقع الحصول، وشكلت لنا مفاجأة كبيرة وفرصة جديدة للشعب الفلسطيني من اجل التقدم نحو تحقيق أهدافه وانتصار قضيته، تمهيدا لعرس العودة إلى فلسطين.

ويقول محمد نصر: "تشكل المصالحة بحد ذاتها سلاحاً بيد الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والإرهاب الإسرائيلي الذي استفاد كثيرا من الشرذمة التي سادت صفوف الفلسطينيين، وتحقيق أي وحدة فلسطينية أو عربية هي تمهيد لتحرير فلسطين ". ويطالب نصر بتحسين حياة الفلسطينيين في لبنان، وإعطائهم الحد الأدنى من حقوقهم الاجتماعية والمدنية، وهو الأمر الذي لا يتنافى مع استضافته اللبنانيين لهم حتى يتم حل قضيتهم وعلى رأسها حق العودة إلى ديارهم، ويجزم بان الخلاف بين فتح وحماس أصبح من الماضي، بعد أن اكتشف الجميع الكارثة التي حلت بالشعب الفلسطيني نتيجة الانقسام.

ويرحب منسق اللجان الشعبية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان عبد مقدح بالمصالحة بين حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين، قائلا: "الوحدة هي الشرط الأول والأخير الذي يمكن الشعب الفلسطيني من الحصول على حقوقه الوطنية"، ويضيف أن الانقسام هو هدية مجانية لإسرائيل، كي تزيد الاستيطان والقمع الذي تمارسه.

ويدعو مقدح إلى "تكريس الحوار كأسلوب لمعالجة الخلافات التي تنشأ بين القوى والفصائل الفلسطينية، ويلفت إلى آن المصالحة أعادت التلاحم بين جميع مكونات الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ومخيمات الشتات والأراضي المحتلة منذ العام 1948". ويجزم بأن بان درس الانقسام كان قاسياً جدًا، وقد تعلم الجميع منه، وطالب بان تشمل الانتخابات المتوقع إجراؤها جميع الفلسطينيين، وخصوصًا في المناطق التي نزحوا إليها.

ويتوقف مقدح عند الايجابية الأساسية للمصالحة، وهي المساعدة على تشكيل مرجعية واحدة للشعب الفلسطيني للمطالبة بحقوقهم في المخيمات وخارجها وخصوصا لبنان، بعد أن تراجعت خدمات منظمة" الاونروا" التابعة للأمم المتحدة إلى ما دون الثلاثين بالمئة، مما جعل أبناء المخيمات، يعيشون أزمة حادة ومتفاقمة على جميع المستويات الصحية والتعليمية والضمانات الاجتماعية والعمل.

السابق
اللواء: حكومة ميقاتي جاهزة… وغانم للداخلية؟
التالي
القاضي الشيخ فيصل مولوي في ذمة الله..نبذة عن حياته