جنبلاط يقترح حكومة مرحلية مصغرة في انتظار جلاء الصـــورة

 كل المواعيد جمّدت، وخصوصاً تلك التي تحدثت عن صيغة حكومية سميت تارة بالتكنوقراط المطعمة بسياسيين وأخرى بحكومة الأمر الواقع. فالاتصالات التي أجراها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي أفضت الى التريث في مثل هذه الخطوة لئلا تنعكس سلباً على وحدة الأكثرية الجديدة.

لكن مصادر سياسية مطلعة قالت لـ"المركزية" ان مساع بذلها رئيس مجلس النواب نبيه بري كان يؤمل منها كثيراً قبل أن تصطدم بواقع الرفض، الأمر الذي قاد الى تفجير الخلافات ما بين الأكثرية الجديدة ورئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، والرئيس ميقاتي.

وقالت المصادر ان ما يقوله رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون ونوابه عندما يحملون كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف مسؤولية التعثر الحكومي، إنما ليس باسم العماد عون فحسب ولكن هو كلام يمكن أن يكون نيابة عن قوى الأكثرية الجديدة كاملة، لكن توزيع الأدوار ألزم البعض الصمت ودفع آخرين الى الواجهة.

موقف موحد: وتوقفت المصادر عند تهديد العماد عون بإسقاط حكومة التكنوقراط في الشارع واعتبرته باسم جميع القوى المتحالفة معه، مشيرة الى ان صمت فريق الثامن من آذار إزاء سليمان وميقاتي ورفضهم توضيح موقف عون يدفع الى اعتبارهم انهم والعماد عون في خندق واحد، فيما لا يشاركهم النائب وليد جنبلاط الرأي نفسه وهو لم يوفر أحداً في الأكثرية من انتقاداته واعتبر في أكثر من مناسبة ان مواقف الوزير غازي العريضي تعبر أفضل تعبير عن مواقف الحزب التقدمي الاشتراكي إزاء التعثر الحكومي.

وفي سياق متصل، قالت مصادر وزارية لـ"المركزية" ان عملية تشكيل الحكومة تراوح مكانها امام اصرار قيادات في الأكثرية على التمسك بموقفها من مشاركتها في الحكومة، سواء لجهة الحجم أو الحصص وحتى الحقائب والاسماء، رافضة أي "وصاية" من الرئيس المكلف وان موقفها هو حق لها وفق الدستور ولن تتنازل عنه. وكشفت المصادر أن المساعي التي بذلت حتى الآن لم تسفر عن نتائج ولم تحرز أي تقدم في مسار التشكيل.

تغيير الواقع: وأكدت مصادر سياسية مواكبة "ان الحركة لم تتوقف ومستمرة على وتيرتها بحيث يجب ايجاد مخارج للوضع القائم بعد الانعكاسات السلبية الكبيرة عليه على المستويات كافة. وأكدت ان جهوداً تبذل من اجل "إنضاج شيء ما قريباً" قد يؤدي الى تغيير الواقع وتسهيل تشكيل الحكومة، بعدما تمنت قيادات في الاكثرية وفي مقدمها الرئيس بري على الرئيس المكلف، أخذ وقته في الاتصالات وتجنّب تقديم حكومة أمر واقع أو تكنوقراط، وإعطاء فرصة للجهود لمعالجة الخلافات حول توزيع الحقائب والحصص، بعدما استنفدت المهل الخاصة بالاتصالات وتوضحت مطالب الجميع.

دمشق: وكشفت مصادر سياسية ان الاتصالات مع دمشق لم تتوقف عبر الوسطاء حيث زار دمشق اخيرا النائب علي حسن خليل ومعاون الأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل وفق ما تردد في أوساط سياسية وعادا بانطباع بضرورة تشكيل الحكومة.

حركة جنبلاط: وفي جديد الملف الحكومي، حركة لافتة للنائب جنبلاط بدأها اليوم في اتجاه رئاسة الجمهورية ودار الفتوى على أن يستكملها لاحقاً نحو مواقع روحية وسياسية أخرى، بهدف المساعدة على التشكيل في أسرع وقت، لوقف تداعيات الفراغ السياسي على الساحة المحلية.

وكشفت مصادر سياسية مطلعة لـ"المركزية" أن توقيت تحرك جنبلاط مرتبط بموعد القمة الروحية المقرر انعقادها في بكركي الخميس المقبل، والتي يتوقع أن تصدر عنها مواقف وصفت بالمهمة، يشجعها جنبلاط للافادة منها في الظرف الراهة وتأمين التواصل، علماً أن زيارة جنبلاط لدار الفتوى اليوم جاءت في هذا السياق وهدفت وفق مصادر سياسية الى اعادة التواصل بينه وبين المواقع السنية مقدمة لاعادة تواصله مع المواقع والمراجع السنية السياسية وخصوصاً مع رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري ضمن رغبة جنبلاط بتأمين التواصل بين الاطراف السياسية كافة لاعادة وصل ما انقطع.

حكومة مصغرة: وفي هذا المجال، أوضحت مصادر سياسية مواكبة ان سلسلة اقتراحات هي قيد التداول راهناً لمعالجة العقد التي تعترض التشكيل ومنها اقتراح بتشكيل حكومة مصغّرة من اختصاصيين مدتها محددة ومهمتها معالجة شؤون الناس ومصالحهم على ان تترك الشأن السياسي لطاولة الحوار ومجلس النواب في انتظار ان تتبلور صورة التطورات في المنطقة وتحسم الخلافات في الداخل حول مواضيع سياسية، اضافة الى ان بعض وسطاء الخير يسعون الى ايجاد مخارج لعقدة "الداخلية" عبر اختيار وزراء يقبل بهم الجميع ولا يشكلون تحدياً لأحد، علماً ان المشكلة ليست في من يتولى الحقيبة بل لمن تؤول خصوصاً ان منطق الودائع لم يعد قائماً وان رئيس الجمهورية الحريص على ان تبقى الحقائب الامنية خارج اطار الصراع السياسي سيختار من يجسد الحياد في تولي الحقائب الأمنية، في وقت تشير أوساط في المعارضة الى ان عقدة التشكيل الرئيسية مرتبطة بحزب الله العازم على وضع يده على الحقائب الأمنية عبر حلفائه لمواجهة تداعيات المرحلة محلياً وخارجياً.

قمة الأمل: وتتجه الانظار في ظل الجمود القائم الى القمة الروحية التي ستعقد في بكركي يوم الخميس المقبل والتي قد تكون لها انعكاسات إيجابية على المسرح السياسي اللبناني.

ولئن كانت مفاعيل القمة لن تترجم عملياً على المستوى السياسي، غير ان مصادر عاملة على التحضيرات أكدت لـ"المركزية" اهمية البيان الختامي الذي سيصدر عن القيادات الروحية في التأكيد على دولة القانون والمؤسسات ووجوب احترامها من قبل جميع اللبنانيين واعتماد الحوار سبيلاً للتواصل بين مختلف الأطياف السياسية وصولاً الى الحلول المرجوة. 

السابق
“السياسة”: مشاورات للتوافق على اسم مقبول لـ”الداخلية”
التالي
رحال: عون يطالب بالثلث ليتحكم بالدولة