الشهرة والمال عاملا الجذب في المهن

المحاماة، الطب، الهندسة، العلوم السياسية، الإعلام، المدرسة الحربية، العمل في المجالات المالية… مهن تستقطب شريحة واسعة من الشباب اللبناني. ففيها قد يجد الشاب مستقبلا "وردياً"، لأنها تؤمن الشهرة والمال، علماً ان كثراً يضحّون بالمال في سبيل الشهرة. فما هي المهن الأكثر جذباً؟

تؤكّد رئيسة دائرة التوجيه المهني والأكاديمي في مؤسسة "وزنات للإستشارات والتدريب" سهام سمعان ان "المهن الأكثر جذبا للشباب لا تزال المهن التقليدية كالطب، والهندسة والمحاماة، وأعتقد ان تأثير الأهل والمحيط والأساتذة في المدرسة على قرارات التلامذة، يلعب الدور الأبرز في اختيارهم مجال تخصصهم الجامعي. فالتلميذ في قسم العلوم العامة في الصفوف النهائية يتأثر بما يقوله أستاذه لجهة ان الاختصاص الأمثل للمتفوقين في الفيزياء والرياضيات هو الهندسة. الأمر صحيح لكن اختصاصات أخرى قد تكون ملائمة أكثر لشخصية الشاب. إلى ذلك، ثمة عدد من التلامذة يهتمون بالاختصاصات التي تؤمن لهم الشهرة كالتمثيل والاخراج وعالم الإعلانات".

"البرستيج"، الشهرة والمال

وفق سمعان، يمكن تقسيم مواصفات المهنة التي يرغب الشباب بالعمل فيها ثلاث فئات "أولاها ان توفر المال والشهرة وفرص السفر، وتشمل الهندسة وإدارة الأعمال وغيرها. ثانيها ان تكون وظيفة ثابتة تؤمن دخلا يغطي نفقات المعيشة الضرورية، كوظيفة في مصرف أو شركة. أما الثالثة فهي ان تكون مهنة اجتماعية خدماتية قد لا تؤمن دخلا محترما، ولكن ترضي رغبة الشباب في الخدمة، ومنها مثلا معالِجة النطق، أو العلاج النفسي الحركي، أو المساعدة الطبية الإجتماعية".
وعما اذا كان المال والشهرة يلفتان انبتاه الشباب في اختيار الاختصاص، أجابت: "المال يلفت انتباه الجميع، فكيف بتلميذ لم يتجاوز الـ 18 من عمره؟ كثيرون من أفراد الجيل الشاب، لا سيما منهم الذكور، يستفسرون عن مجالات العمل في الخليج كما يسألوننا عن الإختصاصات التي قد تساعدهم في الانتقال إلى دوله". ولفتت إلى ان "عدداً كبيراً من الشباب يفضلون العمل في مجال ثابت لا يتطلّب منهم السفر او الإبتعاد من عائلاتهم، ورغبتهم بالعمل في مجال يوفر لهم الحاجات الضرورية كالغذاء والملبس والطبابة والمستقبل التعليمي لأولادهم، تجعلهم يسعون الى العمل في مصرف او الإلتحاق بالمدرسة الحربية. مع الإشارة إلى ان نسبة كبيرة من هؤلاء هم من أبناء موظفي المصارف أو الضباط، وتالياً تؤدي البيئة الإجتماعية دورا كبيرا في التأثير على خياراتهم. ومع ذلك لا بدّ من الإشارة إلى ان لاختيار المدرسة الحربية بعداً إضافياً، إذ ان شباباً كثراً ينخرطون في الحياة العسكرية لأنها تؤمّن لهم "برستيجاً" معيناً، أو لأنهم أصحاب مشاعر وطنية عالية".
وأسفت لأن غالبية الشباب "يختارون مهناً واختصاصات من دون تكوين معرفة معمقة مسبقاً، فمنهم من يتخصص في العلوم السياسية من دون ان يدرك ميادين العمل فيها. فإذا وجدوا ان أحد أقربائهم نجح في اختصاص ما يوفر له دخلاً جيداً، يعتقدون ان في امكانهم عبر التخصص نفسه، الوصول الى نتيجة مماثلة. وهنا يأتي دورنا، إذ نشرح للشباب عن معظم الاختصاصات والمهن والسبل الآيلة اليها. نناقش معهم ايجابيات كل مهنة وتحدياتها، ونستمع الى هواجسهم لمساعدتهم في اختيار اختصاص يناسب طموحاتهم وتوقعاتهم".

المؤسسة الوطنية للإستخدام

أما للمؤسسة الوطنية للإستخدام (الرسمية) فرأي آخر، اذ تقول رئيسة مصلحة الاستخدام دوللي فغالي ان لائحة الإختصاصات الواردة الى المؤسسة تتوزع كالآتي: "تضمّ مثلا مجموعة "التجارة وإدارة الأعمال والإدارة العامة" نحو 22% تقريبا من المسجّلين في مركز الإستخدام، مما يعني ان 22% متخصصون في هذا المجال. ويجب ان أشير إلى ان هذا المجال يضمّ مجموعة من الإختصاصات كالمحاسبة وإدارة الأعمال والتجارة وإدارة الفنادق والتسويق وبيع الإعلانات".
في المرتبة الثانية تأتي "الهندسة والصناعات الهندسية التي تشكّل طلباتها نحو 9,7%. وتضم هذه المجموعة كل فروع الهندسة، وهناك مجموعة تضم الحقوق حصراً تشكّل 4%. أما العلوم الإجتماعية السلوكية فتشكل 5%، وتضمّ علم النفس وعلم الإجتماع والعلوم السياسية والعلوم الإقتصادية… مع الاشارة الى ان التصنيفات التي ذكرتها للمهن هي دولية، ونعتمدها في المؤسسة بعدما كيّفناها مع متطلّبات عملنا".
وتضيف ان أصحاب "الإختصاص في الحقوق والعلوم السياسية يطلبون عملا إداريا… والواقع ان 67% من الطلبات إدارية، و23% يطلبون العمل في المهن الوسطى، أي السكريتاريا والمحاسبة والاستخدام الاداري…". وأضافت: "هناك 4,5% يقدّمون طلبات للعمل كمديرين، لكننا لا نوافق على ان يقدم كل شاب طلباً للعمل كمدير، إذ نفسّر للمتخرج الجديد ان امكان العمل في مناصب إدارية يتطلب وقتاً وخبرة، لكننا نأخذ في الاعتبار الى المناصب المذكورة، طلبات من يملكون خبرة في مجال عملهم وتجاوزوا سن الثلاثين".
أما عن التفاوت بين اختصاصات الشباب أو طلباتهم وحاجات سوق العمل فقالت: "يطلب أرباب العمل محاسبين بكثرة وأحيانا سكرتيرات بدرجات متفاوتة من المسؤولية، أو يطلبون من يقوم بالتسويق ومهندسين… نلمس تفاوتا بين متطلبات السوق ورغبات الشباب، إذ انهم يترددون في قبول العمل خارج المكاتب. نعيش في عالم تنافسي، والمؤسسات تريد تسويق نفسها وبضائعها، لذلك تطلب منا مؤسسات عدة، بعضها خارج لبنان، شباباً للعمل في مجال التسويق".
واشارت الى ان "المؤسسة تتعاون مع مؤسسات صغيرة ومتوسطة، أما المؤسسات الكبيرة فلديها قسم خاص لإدارة الموارد البشرية، ويعلم الطلاب ان في إمكانهم إيداع سيرتهم الذاتية لديه. كذلك نتعاون مع المعارض السنوية المتخصصة بالتوجيه المهني".

السابق
الأمراض غير السارية في الدول النامية ستفتك بـ 52 مليوناً في 2030
التالي
“مدينتي خضراء” مسابقة للبلديات والأفراد