الراي: وهاب عاود عرض “شيكاته” والمعركة إلى… القضاء

بدا لبنان امس امام اول «اختبار محرج» فعلي في مجلس الامن، منذ بدء ولايته كعضو غير دائم فيه (في يناير 2010)، على خلفية الأحداث في سورية والتي بلغ دويّها للمرة الأولى مانهاتن بعدما خرجت من دائرة «الكوْلسة» في أروقة الامم المتحدة الى قاعات الاجتماعات الرسمية.

ففي حين كان الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون، يتحضّر لتقديم إحاطة الى مجلس الامن عصر امس عن جولته في المنطقة من دون ان يغيب عن إحاطته ملف التطورات الجارية في «بلاد الشام» في ضوء مشروع البيان الصحافي عن أحداث سورية الذي أعدّته كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال، برز طلب وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال علي الشامي من مندوب لبنان في مجلس الامن السفير نواف سلام عدم الموافقة على مشروع البيان الذي «يندّد بشدة بالعنف الدموي» الذي تمارسه السلطات السورية حيال المتظاهرين المسالمين، ويطالبها بـ«وقف فوري» لاستخدام العنف، ويؤيد دعوة بان الى اجراء «تحقيق مستقل ذي صدقيّة» في أعمال القتل التي تشهدها المدن السورية منذ أسابيع.

وفي حين جاء طلب الشامي، المتعلّق بملفّ «حساس» لم تتأخّر تفاعلاته السياسية والأمنية في البروز على الساحة اللبنانية، من خارج «السياسة الخارجية» التي يضعها مجلس الوزراء مجتمعاً، فان هذا الأمر شكّل بطبيعة الحال انعكاساً مباشراً للفراغ المتمادي الذي تعيشه بيروت في ظلّ عدم تمكن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من تأليف الحكومة الجديدة التي «دهمتها»، وهي «في مخاض» الولادة، التطورات غير المتوقعة في سورية والتي سرعان ما تم إحداث «ربط نزاع» بينها وبين الواقع اللبناني من خلال الاتهامات لنواب في «تيار المستقبل» (يقوده الرئيس الحريري) بالتورّط في الأحداث في «بلاد الشام» تمويلاً وتسليحاً لـ «مجموعات إرهابية ومتآمرة على النظام السوري».

واذا كانت التطورات السورية فجّرت «اشتباكاً» على خط العلاقة بين «المستقبل» ودمشق، كما على «جبهة» تيار الحريري – «حزب الله» وحلفائه في لبنان، فإن بدء وضع الملف السوري على سكة مجلس الامن أخذ ينذر بتفاعلات على مستوى الوضعية الخارجية للبنان وعلاقاته الدولية، لا سيما انه يمثّل المجموعة العربية في المجلس، رغم تقدير غالبية عواصم القرار «حراجة» واقعه وموقعه وانه «مكبّل» ديبلوماسياً بإزاء قضية باتت جزءاً لا يتجزأ من وضعه الداخلي الذي لم يعد سراًَ انه مربوط بما يشبه «حبل السرة» بالواقع السوري.

وكانت تقارير نقلت في بيروت عن مصدر مطلع على الموقف السوري قوله عشية اجتماع مجلس الامن، أن دمشق «تعتبر ما يجري شأناً داخلياً يتعيّن على مجلس الأمن ألا يتدخل فيه». وإذ ذكر بأن «هناك من يستخدم السلاح ضد الجيش في سورية»، توقّع في اشارة الى لبنان»من أي عضو عربي في مجلس الأمن أن يدافع عن الحقوق العربية. ونحن على ثقة أن لبنان داعم لسورية».

ومعلوم ان الموقف اللبناني من الأحداث في سورية كان جاء «بالمفرّق» ومعبّراً على لسان رئيس الجمهورية ميشال سليمان بالوقوف الى جانب دمشق والاستقرار فيها و»الى جانب القيادة السورية في الإصلاحات التي أقرّتها»، فيما رسم «المستقبل» موقفه تحت سقف رفض التدخل في الشأن السوري او في شؤون اي دولة أخرى واعلان «لا نتمنى للإخْوة السوريين وللدولة السورية، سوى الأمان والاستقرار والازدهار».

وفيما كانت العيون شاخصة على مجلس الامن، تفاعلت في بيروت قضية الاتهامات التي وجّهها الوزير السابق وئام وهاب الى الامير السعودي تركي بن عبدالعزيز بتمويل الاحداث في سورية وتحرير شيكات باسمه الى النائب في «كتلة المستقبل» جمال الجراح والوزير السابق محمد عبدالحميد بيضون وشخصيات أخرى بينها جمال عبدالحليم خدام.

وبعدما وصف الامير تركي، وهاب بأنه «كذاب»، نافياً وجود الشيكات التي كان الأخير أظهر ما قال انه صور عنها، وفي حين كان بيضون يتهيأ لرفع شكوى قضائية ضده بتهمة «التزوير والافتراء»، أطلّ وهاب في مؤتمر صحافي امس، ملوحاً بالادعاء المضاد على بيضون من «مواطن» تحت عنوان «من اين لك هذا؟ بعد أن كان مساهماً في بنك، لكنني لم أعرف من أين ورث تلك الأسهم التي عاد وباعها».

كما عرض وهاب مجدداً صور شيكات تحمل أسماء مسؤولين لبنانيين (كالجراح وبيضون) «الصادرة عن شركة «سامبا» التي تعود لـ«البنك السعودي الأميركي»، وأظهر أوراقاً أخرى تحمل ما قال انه توقيع الامير تركي على أمر صرف أموال خاصة بقيمة مليون دولار، إضافة لأوراق أخرى عبارة عن أوامر صرف لأفراد أسرته» ومتحدّياً الأخير إنكار الإمضاء.

في غضون ذلك، استوقف الدوائر السياسية استباق رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط زيارته التي يفترض ان يكون قام بها امس لدمشق، بتأكيد أن «الخطوات السياسية الكبيرة التي اتخذتها القيادة السورية تمثّل مدخلاً لسورية جديدة محصّنة»، مناشداً الرئيس بشار الأسد «الاستمرار بتنفيذ قراراته السابقة لجهة حماية حق التظاهر والتعبير السلمي، وفي موازاة ذلك الإسراع في إطلاق أوسع حركة حوار مع مختلف الشرائح السياسية والنقابية والاجتماعية والاقتصادية وممثّلي المجتمع المدني، للتشاور في كيفية تجاوز هذه المرحلة السياسية الحساسة». واعتبر أن «إطفاء حال الغليان يحصل من خلال تفعيل التحقيق الجدي ومحاسبة المسؤولين، سواء أكانوا أمنيين أم عسكريين أم إداريين أم مستهدفين لاستقرار سورية ومحاولي العبث بأمنها».

119 ناشطاً لبنانياً طالبوا سورية
بوقف استخدام القوة

في اول خطوة من نوعها منذ بدء الأحداث في سورية، دان 119 ناشطاً لبنانياً في الشأن العام «القمع الذي يتعرض له الشعب السوري»، معلنين «تضامننا معه في معركته من أجل استعادة حريته وكرامته»، وداعين السلطات السورية «لوقف استخدام القوة ضد شعبها ومحاسبة المسؤولين عن المجازر التي ارتكبت والافراج عن جميع المعتقلين»، ومطالبين اياها «بوقف محاولاتها المتكررة لتصدير أزمتها الى لبنان وزجّه مجدداً في صراع لا علاقة له بهوطالبوا الجامعة العربية بـ «تحمل مسؤلياتها تجاه سورية وشعبها، تماماً كما فعلت تجاه ليبيا وشعبها، والتدخُّل الفوري لوقف المجازر». واعتبر الموقّعون ان دعوتهم تنطلق من «التزامنا السياسي والأخلاقي الدفاع عن حق الانسان العربي في الحرية والعدالة والكرامة»، ومن وجوب «تأكيد مسؤولياتنا كلبنانيين تجاه شعب شقيق يتعرض لما تعرضنا له من انتهاكات فاضحة لأبسط حقوق الانسان، وهو شعب أثبت وعياً عالياً في تجنب الوقوع بافخاخ الطائفية والمذهبية والعرقية».

وأعربوا عن ايمانهم «بأن الاصلاح الذي يطالب به الشعب السوري يشكل دعماً جوهرياً لبناء علاقات أخوية طبيعية بين لبنان وسورية، بعيداً عن منطق الإلغاء أو الاستتباع الذي حكم هذه العلاقات على مدى عقود».

السابق
مبادرة قوى اليسار الإسرائيلي
التالي
الوطن: لبنان يطلب من مندوبه في مجلس الأمن عدم الموافقة على مشروع بيان عن الأحداث في سورية