في حداثا: الطفلة دعاء تنتظر والدها علي الذي لن يعود

في بلدة حداثا في قضاء بنت جبيل (علي الصغير)، بقيت الطفلة دعاء علي ناصر (عامان)، وحتى ساعات مساء أمس تنتظر عودة والدها من عمله ليحمل لها ما اعتاد أن يحمله كل يوم، «وينو بابا ليش تأخر»، تهز كتفي جدها الغائب عن عوالم الدنيا بما فجعه به قدره، لا جواب لدعاء كما لولديه موسى ويوسف اللذين أودعهما مكان عمله في صور، وطلب منهما الانتظار ليعود لهما بفطورهما الصباحي، وما عاد.

حداثا، القرية الجنوبية لفها السواد على الشاب «الآدمي» والجريح المقاوم علي ناصر، هو بالنسبة لهم شهيد وفقيد ومغدور، بعناوين كثيرة، رحل الرجل الثلاثيني عن عائلته وأهله وأقاربه، رحل على غير علم بسبب الرحيل وهو ما كان من المخالفين ولا حتى من أصحاب البيوت التي نبتت كالفطر على عجل، بل فقط شاءت الأقدار أن يكون في الزمان والمكان غير المناسبين فقتل بثلاث رصاصات اخترقت إحداها خاصرته، فيما استقرت الأخريان في صدره. عاد ناصر الى بلده بعد سنوات من الغربة ليستقر فيها
إلى جانب زوجته وأولاده وأهله، عاد إلى الوطن الذي غادره بعد ثلاث إصابات تلقاها على مراحل جهاده في المقاومة، عاد ليحتفل بالنصر والتحرير وليسكن في بلدته حداثا التي أحبها، وقاتل لأجلها.

والده مختار البلدة، تائه عمّن حوله، كل ما يعرفه بأن من يتحمل المسؤولية هم من شجعوا الناس على ارتكاب المخالفات وتركوهم لمصائرهم، متسائلاً «هل مخالفة بناء تستحق أن يطلق لأجلها النار عشوائيا؟»، مضيفا «الشهيد الآخر الذي ركض ليسحب علي عن الأرض قتل برصاصة في منتصف رأسه». وستبقى دعاء منتظرة هدية الأب حتى تعرف ما حدث، أما أهالي البلدة فينتظرون ما ستحمله لهم نتائج التحقيق في حادثة ليست الأولى، علها تكون الأخيرة.

السابق
الشيخ ح.م. والبناء العشوائي في الاوزاعي
التالي
سلحفاة عملاقة نافقة على شاطىء صيدا