لقـاء -تحية للمناضل ضياء الديـن داود في “دار الندوة”

كما ظل ضياء الدين داود مؤمناً بأفكار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، على الرغم من مرور سنوات كثيرة على قيام «ثورة يوليو» في العام 1952، بقي رفاق دربه أوفياء له بعد رحيله.
في ذكرى «شيخ الناصريين» الذي رحل عن عمر ناهز 85 عاماً، تجمّع محبوه وعارفوه في «دار الندوة»، لإحياء ذكرى مرور أسبوع على رحيل المناضل العربي الكبير، الرجل الذي دفع الثمن غاليا لمواقفه الجذرية ووجهات نظره في حكم الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وقبله أنور السادات، وظل يحذر دائماً من الأخطار التي تحيق بالأمة من المحيط الى الخليج ومن تداعيات تراجع الدور المصري في المنطقة العربية والعالم بسبب سياسات انتهجها مبارك دفعت مصر الى الدوران في الفلك الأميركي.

أراد «المنتدى القومي العربي» و»دار الندوة» توجيه تحية للراحل الكبير، في لقاء جمع حشدا من الشخصيات السياسية والفكرية، فكانت كلمات وشهادات ألقت بعضا من الضوء على مسيرة رجل أصر على التمسك بمبادئ الثورة الناصرية والتصويت بـ»لا» فى جميع الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية في مصر، رافضاً مجرد مناقشة فكرة «الامتناع عن التصويت»، بديلاً من قول «لا» أو»نعم».

حضر اللقاء – التحية في ذكرى رحيل الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي، رئيس «الحزب العربي الديموقراطي» في مصر محمد خواجة ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيان حيدر ممثلاً الرئيس سليم الحص، العقيد الركن مروان عيسى ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي، رئيس مجلس ادارة دار الندوة منح الصلح، رئيس «المنتدى القومي العربي» محمد المجذوب، رئيس «المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن» معن بشور، وممثلون عن السفارة الايرانية في لبنان والسودان، وممثلو أحزاب وقوى وفصائل وجمعيات وهيئات وروابط لبنانية وفلسطينية.

افتتح اللقاء بالوقوف دقيقة صمت عن روح داود. وبعدما رحب أمين سر المنتدى عدنان برجي بالحضور، قال: «رحل في صبيحة فجر جديد للأمة، انبلج من أرض الكنانة التي أحب، رحل بعدما كحل عينيه بعين الثورة التي آمن بحصولها يوم كان اليأس مهيمنا. رحل بعدما أضاءت ثورة مصر المعاصرة الطريق أمام الثوار العرب، لأن الثورة كي تنجح لا بد أن تستقوي بشعبها وترفض أي تدخل خارجي».

واستذكر الوزير السابق بشارة مرهج، الراحل، ولفت في كلمته باسم دار الندوة إلى انه «في بيروت التي أحب، نلتقي على طريقتنا الخاصة لنستعيد ذكرى، بل حضور شخصية مصرية مرموقة كان لها دور كبير ومؤثر في مجرى الاحداث والتحضير لأعظم التطورات التي تشهدها مصر اليوم، ثورة مصممة على طي صفحة الماضي وصياغة مستقبل مشرق كريم تستحقه جماهير مصر التي خرج من رحمها ضياء الدين داود».

وتابع: «كان الراحل الكبير ملتزما بالناصرية حركة للوحدة والتطوير والتحرير. وبقي طيلة عمره صادقا مع نفسه، ثابتا على حريته، مخلصا لشعبه، متفانيا في سبيل مصر وعروبتها، فعاش الثورة نضالا حتى الرمق الأخير ملتزما الناصرية التي مثلها جمال عبد الناصر».

وشرح د. المجذوب، انه تعرف إلى ضياء الدين داود عندما كان أمينا عاما للمؤتمر القومي العربي، واصفا اياه بالوفي والصادق، والعامل الفعلي في الحقل القومي والناصري.
وقال ممثل الرئيس بري انه «يكفي ان يكون الراحل من رفاق درب الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، ليكون واحدا من صناع حقبة مجيدة من تاريخ مصر».
وبعدما تحدث عما تعرض له داود تحت حكم نظامي الرئيسين المصريين انور السادات وحسني مبارك، قال: «طالت ظلمة هذا النظام وظلاماته، حتى ظننا انه ليل لا نهاية له، لكن ضياء الفجر انبلج على يد شباب 25 يناير، حين تقاطرت خلفهم جموع الشعب إلى ساحات مصر وميادينها. فأنتجت ثورة نقية شفافة، قلما عرف التاريخ البشري مثيلا لها».

ووصف الامين العام للمؤتمر القومي العربي عبد القادر غوقة، الراحل بالفارس، «عنيدا في الحق، متواضعا، كريما، لينا مع اصدقائه وجبارا مع اعدائه». وقال: كان مجاهدا كبيرا، هو لم يرحل، هو معنا… لم يكن داود ابن عائلة غنية بل ابن عائلة فقيرة… كان شاباً، عادياً، وصاحب عقل راجح، فالتقط الرئيس عبد الناصر هذا الشاب… عرفته لا يملك شيئا، يسافر بدرجة سياحية، هذا النوع من الرجال افتقدناه، وهو الذي أفنى حياته من أجل بلده وأمته».

وتحدث المنسق العام للمؤتمر القومي – الاسلامي منير شفيق، عن الراحل الذي «تعرفت اليه وتعاونا في أكثر من مناسبة.. وجدته إنسانا دمثا ومحبا لإخوانه.. حافظ على تواضعه كأنه لم يقدم شيئا في حياته، واستمر في نضاله وكأنه يبدأ من جديد».
وقال الامين العام السابق للمؤتمر القومي العربي خالد السفياني: «عندما سقط نظام بن علي وبعده نظام مبارك قلت في احد التصريحات: الآن اذا أراد الموت ان يأتي فسوف اموت سعيدا. لم أكن أعرف ان هناك من يتقاسمني هذا الشعور وان الامر يتعلق بشخص ذكرني به اخي معن بشور انه اول من قال «لا» عريضة لحسني مبارك في عز نظامه، هذا الشخص، الذي جاهر بتلك الـ»لا» كان فعلا ينتظر ان تتحقق مضامينها وقد تحققت فعلا».

وكرر مسؤول العلاقات العربية في «حزب الله» الشيخ حسن الدين، بعضا من صفات الراحل «في التكرار فائدة»، وعاد بالذاكرة الى قبل ثلاث سنوات يوم تعرف فيه الى الراحل داود، وقال «المغفور له ضياء الدين داود، صادق وشجاع ومتواضع، مناضل ممتلئ كسنبلة مليئة تنحني تواضعا للناس، وكان من المعارضين بشدة لاتفاقية كامب دايفيد».

ولفت الوزير السابق عصام نعمان الى ان داود «لم ينجبه المجتمع العسكري بل أنجبه شعب مصر، ومن شعب مصر انطلق فيه، نما وترعرع، فلم يكن غريبا ان يفوز بقيادة بأكثرية ساحقة، الامر الذي أثار انتباه جمال عبد الناصر فقربه وبسرعة قياسية. عاش حياة المبدأ شأن معلمه عبد الناصر، فعاش فقيرا ومات فقيرا».

كلمة أصدقاء الراحل ألقاها احمد مرعي باسم الوزير السابق عبد الرحيم مراد، فأشاد بداود، بمناقبيته وثوريته، «التي عاشها حتى مماته، خاصة اننا في رحاب ثورة يناير ولقد أكد جمال عبد الناصر ان جيله قدم قيادات عدة في مرحلة تحول كبير في مصر ولا بد لأجيال جديدة ان تتقدم».
وقدم الامين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب عمر زين، نبذة عن سيرة الراحل وقال: «..كان داود ضمن رجالات ثورة يوليو، الذين عقدوا العزم على تحقيق العدل والمساواة بين ابناء الأمة ونذروا حياتهم للدفاع عن حاضرها ومستقبلها..».
ورأى الامين العام للمنتدى القومي العربي زياد حافظ ان «الراحل أينما هو اليوم، أعتقد أنه يبتسم لما يجري في مصر. فهو الذي قال لا لمبارك عندما لم يجرؤ أحد، واليوم مبارك وأسرته وأرباب نظامه قيد التحقيق والاستجواب وفي طريقهم إلى السجن».
اللقاء – التحية للمناضل العربي، كاد يأخذ حيزا أطول لو أعطي للمشاركين فيه المزيد من الوقت، فالجميع متفق على ضياء الدين داود استحق عن جدارة لقب «السياسي الشريف»، فهو لم يفكر للحظة واحدة فى الركون الى الراحة والهدوء وهو من تنازل بمحض إرادته عن حياة مرفهة عاش فيها أقرانه من السياسيين مقابل أن يظل محتفظا بـ»قيمته وقامته»، ورحل كما ولد، راتبه التقاعدي مصدر رزقه الوحيد، بعدما أقعده المرض في أواخر العمر عن ممارسة مهنة المحاماة.

السابق
أعجبني الجيش الاسرائيلي
التالي
شعر وهندسة وحِرَف إيرانية في معرض زندكي