هل نحن لبنانيون؟

أتعلم يا صديقي أنه لا يوجد اليوم لبناني واحد في لبنان أو في خارجه إلا ويحمل في جيبه أو في قلبه جنسية ثانية غير جنسيته الأولى؟ فاللبنانيون جميعهم لم يعودوا لبنانيين إلا منذ أكثر من عشر سنوات وعلى الأوراق فقط؟ صحيح أن جنسيتهم الأم لبنانية الأصل لكنهم أقسموا أن يكونوا أميركيين وفرنسيين وبريطانيين وكل جنسية تنتهي بهذه الياء والنون. ثم يعودون إليه صيفاً ويتحولون فيه إلى لبنانيين وقد جعلوه «نزل السرور» لهم ينزلون فيه لراحتهم واستجمامهم، وحين تنزل فيه مصيبة كبرى أو صغرى تفقدهم سرورهم فيه، يتخلون عنه مهرولين إلى ثاني أوطانهم ناكرين معرفتهم به قبل وبعد صياح الديك، هاربين منه إلى زيف هويتهم الثانية التي اعتنقوها لمآرب أخرى بعد أن تخلوا عن عزة وكرامة هويتهم.
هل تعلم أن معظم النواب والوزراء والرؤساء في لبناننا يحملون «الجنسية اللبنانية» الرديفة لجنسيتهم الأولى؟ كيف ذلك وكيف إذا ينوبون عنا ويستوزرون فينا ويترأسوننا وقد أقسموا الولاء والوفاء لرايات غير رايتنا؟… ولماذا لا نحتفل بذكرى استقلالنا وتخلينا عن هويتنا وجنسية آبائنا وأجدادنا، بعد أن أصبحنا كالأفاعي نستبدل جلودنا؟ حتى الليرة اللبنانية عندنا تأهلت بالدولار الأميركي بعد حب عاصف بينهما، فتأمركت وأصبح حبهما وزواجهما كالعقدة في الحبل لا تنفك عنهما؟
يا صديقي لم يبق في لبنان لبناني واحد يحمل جنسية بلاده الأولى إلا أرزه وسماؤه وبحره وأنت وأنا..!

كما الفيلسوف «ديوجين» الذي كان بمصباحه المضاء ظهراً يبحث في أزقة المدينة عن «الإنسان»؟ أين وزارة الشجون من هذه الطفولة البائسة مهما كان لونها؟ حتى الإشارة احمرّ ضوء أخضرها خجلا وغضباً منا ومن مأساتهم التي تحتضنها طرقات عاصمتنا؟ أليسوا هم أيضاً أولاد الحياة؟

السابق
“الحي” رائف حسين برجي تعرض لسرقة محله وهاتفه
التالي
تحديات السياسة الخارجية الثورية