اللقاء التشاوري ينجح بإعداد خطة نهوض… بانتظار التنفيذ

اللقاء التشاوري الذي دعا اليه رئيس الجمهورية ميشلل عون حقق في جلسته الأولى في قصر بعبدا أمس ما كان مأمولا منه، فاجتمع الأقطاب، وأقروا ثوابت ميثاقية واتفقوا على الاصلاح السياسي كما اعترفوا بمعاناة المواطنين المعيشية وبحثوا في وضع خطة اقتصادية، وكل ذلك بانتظار وضع العجلة على السكة وتنفيذ ما اتفق عليه عمليا.

قالت مصادر المجتمعين لـ«الجمهورية» إنّ «الأجواء كانت إيجابية جداً على رغم اختلاف وجهات النظر في نقاط عدة بين الجالسين الى الطاولة» وأكّدت «أنّ الحوار كان واقعياً لأنّ الجميع يدرك دقّة المرحلة».

اقرأ أيضاً: اللقاء التشاوري في بعبدا لإبعاد معارضين وترسيخ تحالفات

بعد التداول، أقر المجتمعون ورقة العمل التي عرضها الرئيس عون وتضمنت الآتي:

في الشق الميثاقي

ان لبنان الرسالة يقتضي منا الاتفاق على استكمال تطبيق وثيقة الوفاق الوطني، خصوصا في القضايا التالية:

1 – المواءمة بين الحفاظ على نظامنا الديموقراطي التعددي، وبين تصور واضح ومحدد زمنيا، لانتقال كامل نحو الدولة المدنية الشاملة، بما في ذلك كيفية التدرج من تثبيت التساوي والمناصفة بحسب الدستور بين عائلاتنا الروحية في حياتنا العامة، وصولا الى تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية.
2 – الحفاظ على مقومات الوطن اللبناني البنيوية، خصوصا في ديمغرافيته وجغرافيته، من ضمن وحدته ونهائيته بما يقتضيه ذلك من تسليم جامع بعدم السماح بأي تلاعب بالهوية الديمغرافية للبنان، وضرورة صونها تشريعيا، إقامة وانتشارا.
والأهم التمسك بالنسيج المجتمعي اللبناني كاملا، بين إنسانه وأرضه.
فكما نرفض التوطين المعلن أو المقنع، نواجه أي محاولة لتثبيت أي جماعة غير لبنانية، على أرض لبنان.

وكما نكافح الهجرة الخارجية القسرية لأبنائنا، نعمل على وقف الهجرات الداخلية، سواء بالنزوح من الريف، أو بنقل سجلات القيد، بما يخلق غيتوات نفسية أو واقعية، تؤدي إلى «كنتنة» لبنان وقوقعة اللبنانيين.
3 – ضرورة إقرار اللامركزية الادارية في أقرب وقت ممكن، بهدف تثبيت اللبناني في مواطنه الأصلية، وتأمين حقه الكامل في الإنماء المتوازن على مساحة وطنه.
وذلك عبر بناء الدولة العصرية العادلة القوية المساوية بين اللبنانيين في حقوقهم وواجباتهم، وتكريس السعي الفعلي إلى اقتصاد غير ريعي لا بل منتج، يؤمن تجذير اللبناني في أرضه.

في الشق الاقتصادي

ان لبنان المعافى اقتصاديا يفرض علينا اطلاق ورشة اقتصادية وطنية تقوم على:

أ – وضع وتنفيذ خطة اقتصادية شاملة تنبثق منها الخطط القطاعية، وموازنة الدولة التي يقتضي اقرارها اولا تأمينا للانتظام المالي للدولة وتصحيحا تدريجيا لما اعترى هذا الانتظام من شوائب، على ان تؤدي المحصلة الى تأمين النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، وتحقيق الإنماء المتوازن، والاقتصاد المنتج، وتوفير الأسواق الخارجية تصحيحا للخلل في الميزان التجاري وحماية الاسواق الداخلية والإنتاج، ومنع الاحتكارات، والاستثمار في القطاعات الاقتصادية العصرية، والتي يمتلك اللبناني فيها قيمة مضافة، مثل المعرفة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتؤدي هذه الخطة الى اشراك القطاع الخاص عبر اقرار القانون المعد لذلك وتشجيع المبادرة الفردية، واعتماد سياسة تسليفية تشجيعية للقطاعات المنتجة يكون المصرف المركزي عمادها، وترتكز هذه الخطة على الافادة من ثروة لبنان الكبرى التي هي عنصره الانساني بمبدعيه ومثقفيه ومجتمعه المدني الناشط، وهي علامة لبنان الفارقة في محيطه.

وفي هذا السياق يتوجب إحياء المجلس الاقتصادي والاجتماعي في أقرب وقت ممكن كإطار للحوار المستدام والتوازن بين قطاعات اقتصادنا الوطني.

ب – ان الحكومة مدعوة الى وضع هذه الخطة وتنفيذها ومواكبتها عبر لجنة اقتصادية وزارية دائمة من خلال برنامج زمني، تنفيذي وممول، لتأمين البنى التحتية اللازمة لنهضة الاقتصاد الوطني وخاصة:

1 – تأمين الكهرباء 24/24 من خلال تنفيذ كامل للخطة الحكومية والتي تؤدي الى ازالة اي عجز عن الدولة وتخفيض الكلفة الاجمالية عن المواطن.
2 – الحفاظ على المياه كثروة استراتيجية للبنان وتأمينها عبر كل الخطط الوطنية المقرة وتنفيذ برنامج انشاء السدود، وحمايتها والحفاظ عليها وتنظيف مجاري الانهر.
3 – استثمار الثروة البترولية البحرية حسب البرنامج الموضوع لها هذه السنة، واستكمال أطرها القانونية كافة، بحرا وبرا، والاسراع بإنجاز خط الغاز الساحلي والموانئ الغازية تكريسا لاعتماد لبنان على الغاز وكذلك تكثيف الاستثمار المجدي في الطاقات المتجددة.
4 – الاسراع بتأمين الاتصالات السريعة بأعلى جودة وبأرخص الأسعار.
5– تأمين كل انواع المواصلات ووضع خطة للنقل المشترك وتنفيذها على مراحل وانشاء الاوتوستراد الدائري وسكة الحديد والمرفأ السياحي والمطار المطور والمعابر البرية الحديثة.

6 – تأمين الاعتمادات اللازمة لإنهاء ملف المهجرين.


في الشق الإصلاحي

ان بناء الدولة في لبنان يتطلب منا اصلاحا في السياسة والمؤسسات والقضاء والاعلام والتربية بالارتكاز على:

1 – اعتماد الشفافية كمعيار عمل اول في حياتنا المؤسساتية العامة.

2 – تفعيل الإدارة من خلال إعادة هيكلتها بدءا بإجراء التعيينات وفق المعايير الدستورية التي هي الاستحقاق والكفاءة والجدارة والاختصاص.

3 – مساعدة القضاء في أدائه تحصينا لاستقلاليته وفعاليته.

4 – تفعيل عمل الهيئات الرقابية وجهاز أمن الدولة بتحفيزهم على العمل المكافح للفساد.

5 – الإفادة القصوى من موارد الدولة ومقدراتها ومرافقها وثرواتها للمصلحة العامة.

6 – تنفيذ القوانين المقرة وتحديثها لاسيما تلك المتعلقة بالقضاء والاستثمار والتجارة وايضا تلك المعنية بتسهيل أمور ومعاملات المواطن.

وكما أن الدولة لا تستقيم مع فساد، فكذلك لن يستقيم إصلاحها من دون مواكبته بإعلام مسؤول، بجميع وسائله، حر بالمطلق والحقيقة حدود حريته، وتطبيق القوانين هو الضامن للحقيقة.
إن هذه النقاط تشكل مجموعة أهداف وطنية جامعة لكل اللبنانيين، ونجاحها نجاح للوطن، وليس لأي مسؤول أو فريق فيه، من هنا ضرورة مواكبتها وتنفيذها بإرادة وطنية جامعة وصادقة ضمانا للنجاح.

اقرأ أيضاً: الغطرسة لها إنجازات

ملاحظات

وتوقّفت صحيفة الجمهورية وسجّلت الملاحظات الآتية:

أوّلاً: في المبدأ مضمون البيان إيجابي، فلا أحد ضد تأمين الكهرباء والمياه والثروة البترولية وتعزيز الاتصالات والمواصلات.

ثانياً: إنّ القضايا الدستورية لا تقَرّ في ظلّ وجود فئوي ومن دون وجود كلّ المكوّنات، سواء السياسية أو الطائفية.

ثالثاً: قضايا بهذه الأهمّية، من إلغاء الطائفية السياسية الى إقرار اللامركزية الإدارية الى تثبيت المناصفة، تتطلّب عَقد اجتماعات وخلوات وتنظيم مؤتمرات، في حين أنّ الوقت الذي استغرقه لقاء بعبدا التشاوري لم يكن كافياً إلّا لقراءة البيان الختامي وتصحيحه.

السابق
اسرائيل تستعدّ… وتحرّض اليونيفل ضدّ حزب الله
التالي
فقراء لبنان.. «شوفوهم بقلبكم وعينيكم كمان»