كفاكم عهراً وفسقاً.. يا أنصاف الرجال!

أتعبني صمتي لعقود مضت جهدت بالتأقلم خلالها بأنني مجرد امرأة في مجتمع محموم بالذكور حيث وجود المرأة هو عبارة عن وجود صارخ مستنجد لكثرة ما يجهد هذا الكائن العجيب (الرجل) بمحاولات قمعه وترهيبه واذلاله لها.

ولكن، في نهاية المطاف أبيت سطوتك وخبثك المتنكر بأساليبك المرضية في مغازلتي ومحاولاتك اليائسة لايقاعي في براثن هستيريا فتوحاتك المتكونة على وقع الحشد داخل اوردتك الدموية…

فاينما حلّيت في عملي او امام التلفاز ها هي تطاردني كوابيس وجودك المتعري داخل مخيلتي كمسمار يحاول معتوه أن يخرزه داخل اذني. لقد جاء وقت استطيع فيه ان أصرخ بوجهك : كفى تفننا بخنق كل معالم انسانيتي ، نعم لقد انتفخت بداخلي هورموناتي النووية ولم يبقى الا القليل لأفجّر جسدي الهزيل بين يديك.

عذرا من كل الرجال … الرجال، ان هذا الكلام ليس موجها الا لانصاف الرجال والذكور،
عذرا فان نقمتنا عليكم لم يعد ممكنا لجمها ضمن اي مجلس نسائي او فوق اية وسادة زهرية، او داخل اي قلب انثوي يتيم . لذلك كان هذا الفجور الكلامي الموجب قوله بالتزامن مع حلول اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.

يا أنصاف الرجال، سأتكلم اليوم بلسان بدر وحنان وجانين، نساء معنفات جسديا ومعنويا ونفسيا … بذلن من أجسادهن واعصابهن وسنوات شبابهن وكرامتهن في سبيل رجال أحببنهن، ولكن هؤلاء الرجال أنصاف الرجال بادلوا نساءهم تلك بالتعذيب والتعنيف والقهر والخداع والخيانة وقاموا باكراههن على ممارسة الجنس وغادرنهن دون انذار او كلمة وداع.

هذه بدر تروي قصة حبها مع زوجها التي استمرت 25 عاما ، أحاطها بالخدم والحشم ووفَر لها البيوت الفخمة والمجوهرات والسفريات والثياب الـ “Signé” ، ولم يتوان يوما عن الاتصال بها على عدد الساعات موهما اياها باهتمامه بها وغيرته عليها، ظنَت بدر انها كانت محور حياته وضابطة سعادته ولكنه، وعلى غفلة من الزمن، غلبته المنية على يد خليلته التي لم تعلم عنها الزوجة المخدوعة على مر 15 عاما اي شيء الا في اليوم الذي كان ستقام فيه جنازته حين أتى اليها خدمها ممن علموا بخيانة زوجها لها وكان قد أسكتهم بأمواله طوال السنوات الـ15 عارضين عليها صورا وعقود شراء بيوت وسيارات اجراها الزوج لمصلحة هذه الخليلة وكشوفات عن ايداعات المصارف في حساب الاخيرة… حينها علمت الزوجة كم كان حبه زائفاً واهتماماته اليومية مبتذلة … علمت أنه كان دائم الاهتمام بها للاطمئنان على نفسه بانها لن تشربه من الكأس الذي واظب على اسكارها منه .

يا أنصاف الرجال ،
هذه حنان تروي قصة تعنيفها من زوجها على مر السنوات لكونها امرأة جميلة، فجّرت محاسنها فقّاعة غيرته، ورغم انجابها منه لـ 3 اولاد، لم يثنيه ذلك على الاسترسال في تهذيبها بالضرب والاهانات حتى انه قام بتسجيل كامل ممتلكاته باسم شقيقته مبررا ذلك بانها عادات درج أهل منطقته على اتباعها مُلفِقاً في سبيل ذلك سيلا من الاكاذيب. فكان أن انتفضت حنان على واقعها وهددت بالرحيل مع اولادها فيما لو لم يعد نقل ممتلكاته على اسمه واسم اولاده، وبعد كفاح طويل استطاعت حنان ان تقنعه باعادة تسجيل عقاراته على اسمه واسم اولاده مقابل اشتراطه لها كفّها عن العمل بل اكثر من ذلك غالبا ما كان يكرهها على ممارسة الجنس معه أي كان يغتصبها رغم معاناتها للامرّين معه بفعل تعنيفه لها واهاناته التي لم يتوقف يوما عن ممارستها عليها. فكان له ما أراد …

يا أنصاف الرجال ،
هذه جانين ، مطلقة يافعة موظفة مرموقة في قطاع عام وجميلة، التقت برجل متزوج ضمن عملها وتوطدت بينهما روابط الصداقة، هي لم تؤمن يوما بعلاقة مع رجل متزوج، ولكن التواجد اليومي معه ضمن العمل والتفاعل الفكري والانسجام المتكون بفعل الحوارات الثقافية والمهنية فيما بينهما أرست رابط روحي قوي أدى الى خلق قصة حب بينهما نمت يوما بعد يوم. أسعدت جانين رجلها والهمته، بعثت فيه مجددا روح الحياة بعد ان كانت أطفأتها روتين حياته الزوجية الممتدة على مر السنوات الـ 17، لم تطلب منه اي شيء، أحبته بصمت، أحبته لدرجة أنها أقنعت نفسها بسعادة مزيفة، كانت مقتولة بامتناعها عن بوح ما أخفته سرا في اعماق قلبها من مشاعر الالم لكونها تتشارك به مع امرأة اخرى، وقد شجعته دوما ورغم انكسارها على ايلاء كامل الاهتمام بزوجته التي اعتبرتها جانين ام وزوجة مثالية لما تبذله من عناية كبيرة في ادارة شؤون منزلها.

أحبت جانين رجلها بالظل خوفا على عائلته وخوفا على سمعته ، وعاهدته على البقاء وفية له على حياتها وكم أسرَه ذلك ، تحدت نفسها كل يوم لتتمكن من تجاوز اذلالها وتعاستها لتسللها الى بقاع لا تملكها ولم تقصد يوما التوغَل الى داخلها… كانت جانين تطفىء مع بزوغ كل فجر شعلة من شعلات كرامتها وعنفوانها وعزتها اجلالا امام عظمة حبها له واكراما للعهد الذي أقسمت عليه، فهي امرأة ان اقسمت وفت وان عاهدت التزمت، ارادته ان يشعر بعمق الوثاق الذي بنته بيديها فقدمته الى الاهل والاصحاب وذوو الشأن، افتخرت بصداقته فقاسمته كل ما تملك، وهي وان كانت عالمة بخطيئتها وبتورطها بهذه العلاقة ولكنها علمت بأن الكفَ عنها يعني شيئا واحدا :نهايتها المدوية ، لذلك اختارت ما بدا أقل شرا عليها وهو القبول بالامر الواقع والاستمرار رغم الالم على الحب والتضحية باسمه ، فكانت تشجعه دوما على اعطاء المزيد من الوقت للرفاق والمناسبات الاجتماعية لتحميه من اي تقصير يمكن ان يوقعه في المحظور ويكشف عنهما المستور.

ولكن رغم جميع مساعيها لدرء الخطر المحدق بحبها وجَد الواشون الى علاقتهما سبيلا ونقلوا الى زوجته عن صداقتهما الوطيدة ، فوقعت المصيبة … وبين زوجة مخدوعة وخليلة مفجوعة، اختار رجلها العودة الى بيته الزوجي ولم تعد تعرف جانين عن بقاعه اي علم او خبر … لم تصحُ جانين بعد من كبوة مأساتها، فهي ما زالت تبحث في طيات السنوات التي عاشتها مع رجلها عن حقيقة ما كان يقاسمها ويعاهدها ، عن حقيقة كاملة يمكن ان تدفىء في اعماقها اوردت دمائها المتجمدة حتى الموت … فهو ببساطة كما شهب النار : اختفى! وبزغت مع اختفائه اشعة نذالته الفوق بنفسجية!

إقرأ أيضاً: العنف المدرسي في طرابلس واستئصال للطحال: #اليوم_محمود_بكرا_ابنك

عذرا ! ولكن لا تعنّف المرأة في بلادنا رجلها ولا تبادل المرأة في بلادنا زوجا وفيا مقداما حنونا راعيا صالحا بالغدر والخيانة، عذرا لا تستغل المرأة المتزوجة في بلادنا رجلا طليقا حر وتقضي حاجتها منه وتتخلى عنه في ضيقها بعد أن يقاسمها افراحه واتراحه، عذرا لا يمكن للمرأة في بلادنا أن تدعي وفاء وحبا لزوجها وتقوم بجميع واجباتها الزوجية معه وتشعره بالامان والسلام وهي في الوقت نفسه تطعنه بمئة سكين من الخيانة، عذرا لا يمكن للمرأة في بلادنا ان تمارس الجنس مع رجلين وتوهم رجلين بحبها لهما وتقاسم رجلين حياة هانئة كاملة، عفوا لا يفعل ذلك الا المرضى النفسيين ممن يعانون من متلازمة القطبين او النرجسيين او السفلة او المعتوهين … كفاكم عهرا كفاكم عربدة اغتسلوا من قمامة افعالكم فرائحتكم الكريهة اوسعت اكثر رقعة الاوزون المفخوت، والارض عاست فسقا منكم!

فلتكن القيامة على ايدي النساء المناهضات لهذا الكفر، المتوقدات ببصيرة يقظة، نساء رجلات في موقفهن الرافض لهذه الالتواءات الفكرية والعلائقية والجنسية والمجتمعية، كفانا كذبا وخيانة وخداع، كفانا عبثاً بعقولنا وقلوبنا واجسادنا وأمانتنا ومصداقيتنا، كفانا استهزاءا باقامة علاقات زائفة والبوح بمشاعر مزدرية باسم حبكم الجائر ، ما هذه المهزلة …

إقرأ أيضاً: مسلسل العنف الأسري تابع..ابنة العشرين عامًا ضحية في فنيدق

فليقبع الرجل في حصنه الزوجي وليكف شره وصرفه على علاقاته الموبوءة خارج الوثاق الزوجي، وليكف عن تعنيفنا واهانتنا والمسّ بكرامتنا مع كل موجة غليان داخل كروموزوناته.

اعلموا اننا نتنفس هواءكم، وندفن في نفس تربتكم واوردتنا تتدفق بها نفس دماءكم، وادمغتنا تحوي على نفس أنسجتكم، ونقوى مثلكم على تدخين السيجار وقراءة الصحف وممارسة العادة السرية وركوب الخيل والدراجة النارية، ونملك نفس امكاناتكم من محاجات عقلية وقدرة على التخطيط ورجاحة العقل للحكم والقدوة والتشريع والتمريض والمرافعة والهندسة…
كفوا ان تكونوا فقط بشراَ..
اعتلوا الى مرتبتنا.
عسى أن تصيروا يوما امرأة!

السابق
هجوم «السفير» على باسيل لسجن عون في محور إيران!
التالي
النفايات كوسيلة ازعاج وكيدية وتظهير لعجز البلدية