مسرحية حزب الله لإبعاد عون عن الرئاسة: الوفاء لنبيه بري!

يستمر مسلسل اسقاط حزب الله لمرشحي رئاسة الجمهورية واحدا تلو الآخر بأساليب وحجج "أوهى من بيت العنكبوت"، فحزب الله الذي تنصل أمس من تهمة عرقلة ترشيح حليفه سليمان فرنجية بدعوى "الوفاء" لحليفه الأقوى ميشال عون، يبدو انه يتنصل اليوم من تهمة عرقلة ترشيح عون بدعوى "الوفاء" لحليفه نبيه بري.

انطلقت، مشاورات واتصالات بين القوى السياسية، بعد الاخبار التي تحدثت عن رضوخ الرئيس سعد الحريري وقبوله بالمرشح الأوحد لحزب الله العماد ميشال عون. الا ان أمرا مفاجئا برز فجأة وهو ان الرئيس نبيه بري رفع الفيتو في وجه عون، ليبرز تساؤلا عند المراقبين حول مدى جدية حزب الله بتأييد ترشيح عون، فكيف يجرؤ بري على معاندة حليفه الشيعي القوي حزب الله وكسر ارادته بسهولة، اذا سلمنا ان وراء هذه الارادة نوايا صافية من الحزب بتأييد مرشحه الأوحد زعيم التيار الوطني الحر؟

اقرأ أيضاً: حرب 33 يوماً بين حلفاء حزب الله

الشيخ نعيم قاسم نائب أمين عام حزب الله قال قبل اسبوع ان على تيار المستقبل الذي يعرقل انتخاب ميشال عون أن يوافق عليه لأنه المعبر الوحيد لرئاسة الجمهورية، غير ان المفاجأة انه عندما قبل الحريري بهذا التحدي برزت مشكلة جديدة في داخل بيت 8 أذار. وظهر حزب الله القوي ضعيفا، ليس لديه القدرة على المونة على بري كما ليس لديه مونة على النائب سليمان فرنجية للانسحاب لصالح حليفه عون!

يعمل حزب الله اليوم الى بروباغاندا اعلامية تصوّر ان الكرة في ملعب بري وان السيد حسن نصرالله في موقع “لا حول ولا”، فويله حليفه بري من جهة وويله من جهة أخرى حليفه عون الموعود بكرسي الرئاسة منذ زمن!

فالمجريات العملانية التي انتجها حراك الحريري الرئاسي،بغض النظر ان كانت محض صدفة او كانت دهاء سياسيا منه، أثبتت أن الأوراق كلها بيد حزب الله ومفتاح الرئاسة في جيبه الا أن يتلطى هذه المرة وراء موقف بري الذي يظهر التشدد تجاه وصول عون الى قصر بعبدا.

فقد أكدت جريدة “السفير” المقربة من حزب الله اليوم في عنوانها العريض “نبيه بري.. معبر إلزامي لـ”فخامة الجنرال”!”، “كل استحقاق أكان صغيرا أم كبيرا، ثمة اعتقاد سائد عند العونيين.. أنه يكفي التفاهم مع “حزب الله”، وهو كفيل بـ”المونة” على بري. أثبتت كل الاستحقاقات عكس ذلك. لم يضع الحزب نفسه ولا مرة في هكذا موقع، وهذه حقيقة يدركها العماد عون شخصيا”.

عون وبري

وتتوجه الصحيفة لعون بالقول انه عليك ان تتحرر من هذه العقدة، فحزب لا يستطيع أن يفرض شيئا على بري. وترفع من أسهم الرئيس بري وتصوره كأنه اللاعب المقرر في ملف الرئاسة، كما تلقي السفير اللوم كله على عون بأنه هو من يرفض فتح الابواب مع بري وها هو اليوم حصد ما زرع عندما احتاج الى بري في هذا الوقت العصيب!

وسألت “السفير”: هل هناك عاقل في السياسة في لبنان يعتقد أنه يمكن أن يصل أي مرشح إلى القصر الجمهوري من دون معبر نبيه بري الإلزامي؟

وكأن بالسفير تغمز لعون “لا تتفاءل كثيرا فلن تصل إلى بعبدا طالما برّي غير راض”، وهو طبعا لن يرضى!

أما “الأخبار” الصحيفة التي تدور في فلك حزب الله، فتوجهت برسالة خاصة من رئيس تحريريها الى الأستاذ “نبيه بري” بالقول “لا تريد عون رئيساً للجمهورية، وتفكر، في حال توافق الحريري مع حزب الله أن تقاطع الجلسة؟ هل ترى في ذلك فعلاً ديموقراطياً، أم تحاول تجربة الحرد والإحباط وأنت أول عدوّ لهذه العوارض؟ أم انك تريد إحراج حزب الله الذي تعرف أنه لن ينزل الى مجلس النواب من دونك؟ وهنا بيت القصيد !

وتسأل “الاخبار” بري عن سبب عناده ملمحة أنه عند الضرورة حزب الله سيكون بصف بري، وتتابع الصحيفة موجهة القول لرئيس المجلس”فلماذا تفعل ذلك مع الحزب لا مع عون نفسه، وأنت الذي يعرف أكثر من أي إنسان على وجه الارض، أنك بالنسبة الى الحزب، والى المقاومة، حاجة أبدية، وأن الحزب تنازل لك، ومستعد لمزيد من التنازل لك، من أجل حماية بيئة المقاومة المباشرة؟ وأنت تعرف، جيداً، أن حزب الله رفض ويرفض بصورة حاسمة وقاطعة أي نقاش نقدي لأداء فريقك داخل الدولة، أو لحركة أمل، ولا يكتفي بذلك، بل يقف عائقاً حقيقياً أمام كل من فكر ويفكر في مواجهتك”.

وخلاصة ما في الامر انها رسالة عتب في الظاهر على بري ولكن في نهاية المطاف هي رسالة “مبايعه” له من الحزب، وتأكيد أن حزب الله سوف يكون معه جملة وتفصيلا، الى درجة التشديد على ان حزب الله انه لن يرسل نوابه الى الجلسة التي ينتظر ان تكون جلسة انتخاب عون رئيسا الشهر القادم. وكأن بري هو نَفَس حزب الله و شقه الاخر ولا يتسطيع أن يعارضه. وفي ذلك اشارة حاسمة، وهي ان الحزب سينضم الى موقف بري وستفقد الجلسة نصابها.

اقرأ أيضاً: هل مصير ترشيح عون للرئاسة سيكون كمصير ترشيح فرنجية؟

وبذلك يصبح التواطؤ ساطعا كنور الشمس، وكأنه يمكن التصديق أن بري عندما أسقط حكومة الحريري عام 2009 باشارة من حزب الله اليوم لا يستطيع الحزب المونة عليه أو أن يأمره بصريح العبارة أن ينصاع لارادة حليفه الأقوى وانتخاب عون. فمن الواضح انها خطة لا تنطلي على أحد، وبالتأكيد لن تنطلي حتّى على أنصار عون الذين صدقوا سابقا مقولة أن حزب الله لا يمون على فرنجية . اما الان وبعد أن رشّح الحريري خصمه وحليف حزب الله عون واصبحت الكرة في ملعب 8 اذار الذي يديره الحزب،فان مسرحية حزب الله بالتضامن مع رفض ترشيح بري للعماد عون بدعوى “الوفاء”، وهو الشعار الاخلاقي نفسه الذي استخدم للإطاحة بترشيح فرنجية، لن تكون هذه المرة الّا مسرحية سمجة لا تنطلي إلا على جمهور ساذج الى حدّ البلاهة.

السابق
المشنوق لـ«برّي»: لماذا أيقظت شياطين 7 أيار؟
التالي
في حلب: يُدفن تحت الركام وهو ينقذهم من تحت الركام!