طرابلس وفيّة للثورّة السوريّة

عانت طرابلس من صلف المجتمع وتزمت القابضين على حلمها بحديد الإفقار والتهجير والحروب العبثية. أبداً طرابلس لم ولن تنسَ جحافل حافظ الاسد حين دكت حصونها وشردت أهلها وأيتمت أبنائها وأعتقلت خيرة شبابها، لأنها العروس المقتنعة بمقولة ما ضاع حقُ وراءه مطالب وظلت تناشد الإنماء سبيلاً لحريتها وعوناً لها على الظالمين.

طرابلس المدينة التي انبتت العدد الاكبر من الأثرياء وأصحاب النفوذ ممن تشبثوا بكرسي السلطة. مع ذلك لا تزال المدينة تعاني الأمرّين من غياب الإنماء المتوازن الذي نص عليه إتفاق الطائف وأيضاً الفقر المدقع الذي هجر قسماً من شبابها ورمى بالقسم الأخر في غياهب المحاور سبيلاً لتحصيل لقمة العيش.

اتت الإنتخابات البلدية في مدينة طرابلس كالشعرة التي قسمت ظهر البعير بين أهل المدينة وسياسييها الذين أوغلوا في حرمانها من أبسط حقوقها سواء على الصعيد التنموي أو السياسي على الرغم من أنها المدينة التي أوصلت عددا من رجالاتها إلى سدة رئاسة الحكومة في لبنان والذين أقسموا في بياناتهم الوزارية على تنمية طرابلس وسحبها من الفقر إلا أن وعودهم بقيت حبرا على ورق.

أهل طرابلس حاسبوا وعاقبوا ففي الأولى نحُوا بأصواتهم عن تيار المستقبل بزعامة الحريري ليعطوها لإبن التيار الذي حمل إرث رفيق الحريري الوزير أشرف ريفي.

اقرأ أيضاً: تسونامي ريفي يجتاح طرابلس.. وحرب وحبيش زعامتان راسختان

أما في الثانية فقد كانوا على قدر المسؤولية وعاقبوا حلفاء من دمروا بيوتهم ونكلوا بهم شيباً وشباباً مقتنعين أن لا موطئ قدم لحلفاء طاغية دمشق في المدينة مرتكزين على قوة وصلابة وإرادة أشرف ريفي.

أهل طرابلس وكإمتداد للوجع السوري ألماً وقهراً العائد بتاريخه إلى مجازر الأسد عام 1982 التي ارتكبت بحقهم وبحق أهل حماة ظلوا متمسكين بثوابتهم في دعم الثورة السورية ودفعوا أثماناً من حرمانهم وتهميشهم وحصارهم بقنابل وبنادق آل عيد يد النظام السوري وحزب الله في جبل محسن.

طرابلس

حملت المدينة التهم المعلبة ومحاولة صبغها بالإرهاب وكأن المطلوب منها فحص دمٍ وطني صبيحة كل يوم. وقد شكل إئتلاف الحريري وميقاتي والصفدي والجماعة الإسلامية وعمر كرامي صفعة على ذاكرة أهل المدينة فيما خص ثوابتهم السيادية.

إقرأ أيضًا: قطار «مدينتي» من بيروت الى بعلبك فطرابلس الاعتراض واحد

أهل طرابلس ردوا على سعد الحريري من باب العتب وحاسبوه في صناديق الإقتراع على تحالفه مع شركاء الأسد في لبنان كما أنهم كانوا شديدي العقاب على نجيب ميقاتي الذي تولى رئاسة الحكومة لدورتين وظلت مدينتهم على حالها معدومة وفقيرة ومقصية من القرار السياسي ورغم ذلك أهلها ما هانوا ولا إستكانوا ولا مدوا أيديهم للمال السياسي أبداً.

وبناء على ذلك أتى الوزير أشرف ريفي ليحمل همومهم ويتكلم بإسمهم وينادي بأحقية طرابلس في الإنماء والسيادة كخطين متوازيين كل طرف منهما فيه من ذكريات المدينة ما يجعل من اللواء، الممثل الأول لطرابلس والرقم الصعب في المعادلة الطرابلسية عموماً واللبنانية خصوصاً.

السابق
اين جماهير الممانعة من قرار سجن السلمان؟
التالي
ما هو مصير تحالف اقطاب لـ«طرابلس» بعد الهزيمة البلدية‏؟