كون متل تركيا وخلي الزبالة تصير كهربا

الخطة التركية في تدوير النفايات
في ملف النفايات لا فرق بين لبنان وتركيا، بل لا فرق بين كل الدول إذ أنّ الكل سيّان في كمية الفضلات المتراكمة والتي يختلف حجمها بإختلاف عديد السكان ومخلفاتهم.

التباين الوحيد والجذري بين لبنان، وبين الجارة التركية الواعية، أننا حولنا النفايات لجبال بحرية وبرية وصيّرنا الأودية مستوعبات فإختلفت لدينا أنواع المكبات بإختلاف البيئة الحاضنة وصرفنا المليارات سنوياً ولوثنا الهواء والماء والنبات وصنعنا بيئة مناسبة للأمراض والجراثيم وتعايشنا مع الرائحة الكريهة ومع مشاهد “الزبالة”.
التباين أنّ نفاياتنا سياسية، وأنّ جيبة المسؤول قبل المشاريع وقبل التوعية، وأننا غارقون منذ أكثر من 6 أشهر بالزبالة التي تتفاعل مع المطر والشمس ومهددين بالمالاريا وبالزيكا وما زلنا “على جهلنا” ننتظر خطة للترحيل.

إقرأ أيضاً: بالفيديو والصور… الوزراء على مكبات النفايات!

هذا التباين فيما يتعلق بواقعنا “الي طلعت ريحته” بينما هم (أي الأتراك) لم ينتظروا لا أزمة نفايات ولا إغلاق مطمر “سياسي” ولا شركة سوكلين تفضح خفاياها وتتوقف عن عملها ولا مناقصات مريبة ومشبوهة.
هم فقط ضاقوا ذرعاً بالنفايات المتراكمة ومشهديتها وروائحها وحملوا هم البيئة ولم يفكروا بترحيلها أو ببيعها ولا بحثوا عن شركات تزيد الأزمة “كما لبنان” أو ذهبوا إلى الحلول السهلة من مكب ومطمر وغيره.
فكان حلهم التخلص من النفايات وتوليد الطاقة الكهربائية والحفاظ على البيئة وحمايتها، ومن بعد سنوات عدة على الطرح الذي تبنته تركيا في هذا الملف، ها هو اليوم مكب النفايات في ضواحي اسطنبول الذي تمتد مساحته على 55 هكتاراً لا أثر للنفايات فيه.
وهذه الفضلات لم تختفِ بقبعة ساحر، ولم تطمر لتلوث التربة وإنّما هي مخزنة في باطن الأرض لتتحول إلى مصدر لغاز الميثان المنبعث والذي يعتمد عليه لتوليد الكهرباء.
هذه المحطة التي تعتبر الأكبر في أوروبا بقدرة انتاجية تصل إلى 35 ميغاوات، وهي واحدة من 22 محطة موزعة على 11 محافظة تركية.
وتعمل عبر سحب الغازات الناتجة عن النفايات من باطن الأرض وتجميعها عبر شبكة من الأنابيب قبل ارسالها للحرق بغية تشغيل محركات ضخمة تحول الطاقة الحركية إلى كهربائية.

https://www.youtube.com/watch?v=ncv0jz939dc&feature=youtu.be
في تركيا كل مليون طن من النفايات تنتج 1 ميغاوات من الكهرباء، ولكن ليس أي نفايات بل تلك العالية الجودة والتي يعتمد بحصولها على وعي أفراد المجتمع فيما يتعلق بالفرز، إذ كلما زادت المواد العضوية في المخلفات زادات غازات الميثان والطاقة الكهربائية.
وهكذا لا تتخلص تركيا من النفايات فقط وتستبدلها بطاقة كهربائية إنما تتخلص بالتالي من كميات كبيرة من الغازات التي تسبب بظاهرة الاحتباس الحراري وتشارك بحماية البيئة وطبقة الأوزون.

إقرأ أيضاً: قضية النفايات: صفقات وراء الترحيل

تركيا ليست “أذكى منا” ولكنها أكثر عملية و”دولة” بخلاف لبنان الذي لا إنماء ولا تنمية ولا قدرة على حلحلة أبسط الملفات فحتى النفايات في وطننا مشكلة كارثية، مع الإشارة إلى أن رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام نفسه قد طلب رسمياً وفي اتصال هاتفي الدعم من نظيره التركي أحمد داود أوغلو، لحل أزمة النفايات، إلا أنّ هذا الأمر لم ينتج لبنانياً، وكيف سينتج طالما كل الأفكار المطروحة هي على التخلص “الآني” ولا يوجد بينها من حل جذري ينظر على المدى البعيد.

بإختصار… تركيا فرزت، تركيا طمرت، تركيا أنتجت غازت و ولدت كهرباء وحمت البيئة وخلصت من النفايات بطريقة صحية، “كون متل تركيا وخلي الزبالة تصير كهربا.”

السابق
عرسال وحزب الله (3/4): ما علاقة “السرايا” بالتفجيرات والاغتيالات الأخيرة؟
التالي
لبنان في المرتبة الـ 123 في الشفافية ضدّ الفساد