عرسال وحزب الله (3/4): ما علاقة “السرايا” بالتفجيرات والاغتيالات الأخيرة؟

علاقة حزب الله بتفجيرات عرسال
الجديد في عرسال، بحسب عدد من الأهالي ممن رفضوا نشر أسماءهم، حديثهم عن نشاط مجموعة ناشطة من "سرايا حزب الله" داخل البلدة، من بعض أبنائها السنّة، الذين جنّدهم حزب الله خلال السنوات الأخيرة، وأبقاهم كخلايا نائمة بين أهلهم.

لا تنطبق على عرسال معادلة القصير. تلك البلدة على حدود لبنان التي هجّر حزب الله أهلها واحتلّها. فعرسال بالطبع ليست منطقة سورية، بل هي بلدة لبنانية، أهلها من السنّة، وبالتالي هم يخضعون لمعادلا تلاداخل اللبناني وليس لفوصى التدخلات الاجنبية في سوريا. وبالتالي ليس من السهل على حزب الله أن يخترقها عسكرياً. كذلك لا يمكن أن يصحّ في عرسال، التي يسكنها 40 ألف مواطن لبناني عرسالي، وأكثر من 90 ألف نازح سوري، ما صحّ في بلدة الطفيل، اللبنانية أيضا.

إقرأ أيضاً: عرسال وحزب الله(2/4): أوّل التهجير… بلدة الطفيل

يوم 2 آب 2014 كان تاريخا مفصليا في سياق لعب حزب الله على وتر عرسال. إذ اختلقت مشاكل يومها بين ساكنيها وبين الدولة اللبنانية. وظهر تنظيم داعش على أنّه يسيطر على البلدة. في ذلك التاريخ قام مسلحون إسلاميون باقتحام عرسال والسيطرة عليها، واقتحموا كذلك فصيلة الدرك التي تضمّها وأقدموا على اختطاف 21 عنصراً من الجيش وقوى الأمن الداخلي، ونقولهم إلى منزل رئيس البلدية مصطفى الحجيري.

إثر تلك التداعيات الأمنية عزّز الجيش اللبناني وجوده داخل البلدة كما عزّز حزب الله جهوزيته في المناطق الجردية. وسرت شائعات بعدها عن نية داعش اجتياح البلدات الشيعية المحاذية للحدود، واستعمل حزب الله تلك الشائعات لزيادة أعداد الشبان المنتسببين إلى قواته العسكرية من أهل البقاع وبعلبك.

ترافقت هذه التطورات والاشتباكات بين الجيش وحزب الله من جهة والمسلحين من جهة أخرى مع بدء حركة نزوح من قبل أهالي عرسال هرباً من القصف، فيما أجبر المسلحون مواطنين آخرين على البقاء في داخلها.

في تلك المرحلة، بحسب مصادر ميدانية لـ”جنوبية”، حوصرت عرسال اقتصادياً وكان يتم العمل على دفع أهاليها ليضطروا تحت هذا الواقع المتهالك إلى نبذ النازحين السوريين وطردهم. وهذا ما لم يحصل. وتضيف المصادر في حديث لـ”جنوبية”، أنّ “ما يزعج حزب الله في عرسال أنّها لم تكن طائفية ومذهبية في تاريخها ولم يتمكن بالرغم من كل محاولاته أن يجرّها إلى ذاك السياق، إذ لم يستفز السنة داخلها على رفع رايات داعش والنصرة ولا أن يعلنوا حرباً سنية على الشيعة”.

سرايا المقاومة صيدا

عرسال تضررت اقتصادياً بالتأكيد من كلّ هذا. ويشير أحد مواطنيها لموقع “جنوبية” إلى أنهّ في تلك الفترة تعطّلت كل المعامل وكل مقالع الحجارة، وكذلك تلفت المواسم الزراعية، مردفاً: “كانوا يريدون منّا أن نحمل الوزر للوجود السوري ولكن هذا لم يكن ولن يكون”.

الجديد في عرسال، بحسب عدد من الأهالي ممن رفضوا نشر أسماءهم، حديثهم عن نشاط مجموعة ناشطة من “سرايا حزب الله” داخل البلدة، من بعض أبنائها السنّة، الذين جنّدهم حزب الله خلال السنوات الأخيرة، وأبقاهم كخلايا نائمة بين أهلهم.

تتحرّك هذه المجموعة داخل عرسال تحت عباءة “مبايعة داعش”. وتضيف المصادر نفسها لـ”جنوبية” أنّ هذه العناصر الحزبية “بغطاء تنظيم الدولة تقوم بخلق إشكالات أمنية عديدة في البلدة، ومخططها يصل إلى محاولة اغتيال بعض الشخصيات. وكل ذلك إنّما بهدف الضغط على القوى الأمنية ولا سيما الجيش اللبناني وجرّها للدخول إلى عرسال بوجه الأهالي، في جوّ يخلق نوعاً من التوتر والاحتكاك وحتى التصادم بين عناصر الجيش وبين الأهالي. وبالتالي لتجد القوى الأمنية نفسها في موقع المضطرّ إلى الاصطدام بالأهالي”.  

مصدر متابع سياسيا يقول: “من خلال هذه الاستراتيجية يكون حزب الله قد خلق حلبة مواجهة بين أهالي البلدة والقوى الأمنية والعسكرية، فيما هو ظلّ في موقف المشاهد البعيد عن أي شبهة”.

وفي هذه الأثناء يستكمل حزب الله حصار مستمر من الجرود، فيم يعمّق الخلاف بين الأهالي وبين الجيش اللبناني المتمركز فيها، الذي استقبله العرساليون بالورد والأرز لأنّهم “مع الدولة وتحت غطائها”.

إقرأ أيضاً: عرسال وحزب الله(1/4): حلم القصير… وواقع العرقوب

وتشير مصادر أنّ ما يمنع “سرايا المقاومة” من التحرّك العلني في عرسال هو التدخل السريع للجيش اللبناني الذي حظر على أيّ طرف آخر أن يكون لاعباً في هذه المنطقة. غير أنّ خضوع بعض أركان “الدولة”، داخل عرسال، إلى حزب الله، بات واضحا، خصوصا أن الأهالي ما عادوا مقتنعين بأن حزب الله يمكن أن يحميهم، خصوصا بعد عملية تسليم “جبهة النصرة” لمخطوفي الجيش اللبناني. إذ برهنت أن حزب الله لم يمنع مسلحي النصرة من الاستمرار في تمركزهم حول الجرود.

مصدر قريب ومتابع للتطورات هناك يؤكد لـ”جنوبية” أنّ حزب الله “لم ولن يتوّقف عن محاولة تشويه صورة عرسال وسيستمر في اختلاق المشاكل ودسّ المأجورين الذين يعملون على توتير الوضع الأمني حتى يتمّ توصيف عرسال على أنّها خارجة عن القانون وتشكلّ خطراً على الدولة اللبنانية، وبالتالي يكون للحزب الحق في حينها أن يرسل مقاتليه ويحتلها”.

ويتساءل البعض من أهالي المنطقة مشككاً: هل كان لحزب الله دورٌ في التفجيرات الأخيرة وعمليات الاغتيال التي شهدتها البلدة مؤخرا؟

السابق
ارجاء جلسة انتخاب الرئيس الى 2 آذار
التالي
كون متل تركيا وخلي الزبالة تصير كهربا