على هذه الاهداف يتصادم الحرس الثوري والكرملين في سوريا

لا يمكن لأي مراقب لمجريات الأحداث السورية، أن يمرّ عليه خبر عدم محدودية وجود القوات العسكرية الروسية في سوريا مرور الكرام. يحمل الخبر في طياته مخاطر كثيرة، على سوريا ومحيطها، وحتى على حلفاء موسكو الذين استثمرت بهم واستثمروا بها في شتى الميادين والمجالات. لعلّ أكثر المتضررين من ذلك سيكون الطرف الإيراني.

منذ دخول الروس عسكرياً إلى سوريا، تحوّل الدور الإيراني إلى دور ثانوي، وعلى الرغم من استمرار القوات الإيرانية والفصائل التابعة لها بالقتال الميداني على الأرض وتكبّد الخسائر تلو الخسائر في هذه المعارك الإستنزافية على كامل الرقعة السورية، فيما كانت موسكو تحصد بالسياسة، إن على صعيد المفاوضات أو على صعيد الإشتراطات التي يضعها الكرملين على الوفود السورية الواجب مشاركتها في مفاوضات السلام، واختيار الروس للائحة جانبية من المعارضين لمجابهة المعارضة التي توحّدت في مؤتمر الرياض.

إقرأ أيضاً: هذه حقيقة الاتفاق بين روسيا وداعش.. فتش عن الغاز!!

عملياً، لم تعد الخلافات الروسية الإيرانية في سوريا خفية على  أحد، التصريحات الإيرانية في هذا المجال كثيرة ووفيرة، معظم قيادات الحرس الثوري الإيراني وجهوا إنتقادات لموسكو، واتهموا “القيصر” بالخيانة، وبأنه تدخل في الحرب السورية لحماية مصالح موسكو وليس للدفاع عن النظام أو القضية، هذا الكلام يؤشر إذا ما قورن بتصريحات أخرى لقيادات عدد من الدول، تفيد بأن موسكو مستعدة للتخلي عن بشار الأسد، لأن منطقها قائم على أساس البيع والمشترى، وهذا ما ذكره أكثر من مرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أن تسوء علاقة بلاده مع بلاد فلاديمير بوتين. وأيضاً هذا ما ذكره الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.

إقرأ أيضاً: تنسيق إسرائيل وروسيا تكتي أم استراتيجي؟

الطامة الكبرى بالنسبة إلى الإيرانيين تمثلت بما أعلنه بوتين لصحيفة بيلد الألمانية، عن أن مسألة لجوء الأسد ليست مطروحة الآن، وإنما بحال طرحت، فأبواب موسكو مفتوحة لرئيس النظام السوري. بمجرد أن يتناول بوتين هذه المسألة يعني أنها بحثت في إجتماعات معينة، وهو قبل شهر من تدخل في سوريا، كان يعلن أن بلاده بعيدة عن شرور داعش، ليعلن بعد شهر التدخل في سوريا للوقاية من أي خطر قد يتهدد روسيا من قبل التنظيم، على هذه القاعدة بالإمكان قياس كلام بوتين.

إقرأ أيضاً :التدخل الروسي في سوريا: سلة حلول متكاملة لا تشمل ايران وحزب الله

وعلى الرغم من التعارض الإستراتيجي في الميدان، بين روسيا وإيران، فإنه يبرز أيضاً في المفاوضات، إذ أن الروس في لقاء فيينا، وافقوا على خطة للحل السياسي تبدأ بتغيير الدستور، وإجراء إنتخابات مبكرة، نيابية ورئاسية، وذلك من الآن إلى العام 2017 ، فيما كانت ورقة الحل التي قدمتها إيران تلحظ وجوب بقاء بشار الأسد في السلطة إلى العام 2021 أي لاستكمال ولايته. 

الأسد بين ايران وروسيا
ايران وروسيا

كذلك، فإن الوجود الروسي الآخذ في التوسع في سوريا، يهدد النفوذ الإيراني الذي دفعت إيران دماً ومالاً لتحقيقه، وبعد كفّ يد طهران عن الساحل السوري بشكل كامل، ها هي القوات الروسية تعزز من وجودها في وسط سوريا وتحديداً في حمص، عبر تعزيز القاعدة العسكرية الروسية هناك. وهذا يعني قضم المزيد من مناطق النفوذ الإيرانية، وعليه فإن إيران تركز جهودها للإحتفاظ بدمشق والمنطقة المحيطة بها، أي الغوطتين، وريف دمشق مع جزء من ريف حمص الجنوبي.

إقرأ أيضاً: «مصير الأسد» يفجّر الخلاف بين ايران وروسيا

هذا الكلام، يدفع إلى فهم سياسية التجويع الممنهج التي تتبعها القوات الإيرانية وتوابعها في هذه المناطق، بغية تحقيق هجرة لسكان هذه المناطق وبالتالي تتكرس هويتها المذهبية الموالية لطهران.

 وعلى المدى الإستراتيجي، إن روسيا، تريد ان تكون سوريا حديقتها الخلفية إلى البلد، أولاً لمنع وصول أي أنبوب للغاز عبر أراضيها إلى أوروبا عبر تركيا، باعتبار أن روسيا هي أكبر مصدّر للغاز الطبيعي إلى القارة العجوز، فيما الهدف الإيراني الأساسي كان يتلخص في السيطرة على سوريا المفيدة، لإيصال النفط والغاز إلى أوروبا عبر تركيا. وعلى الرغم من كل ما يتبّين من تحالف إيراني روسي في سوريا، إلا أن الحقيقة مخالفة لذلك، وقد تبدأ هذه الخلافات بالظهور تباعاً في الأيام المقبلة. الصراع الأكبر في سوريا، سيكون بين روسيا وإيران.

السابق
حماس في حلبة الصراع الطائفي الإيراني
التالي
الحريري «لن نقف مكتوف الأيدي»… وريفي «المحكمة العكسرية تكافئ الإرهاب»!